احتجاجات ايران ومطالب شعب مسلوب الارادة يرزح تحت الفقر ونمطية حكم ديموغوجي وصولي ليوم ثامن انقضى يازف نهاره بسقوط مزيدا من القتلى مع تصاعد في حدة الاحتجاجات لتصل الى مخافر الشرطة والاعتداء عليها مع تعد على مراكز تابعة للامن الوطني الايراني , فحرقة القلوب الواهنة لابد وان تخلف نوعية هكذا رماد تعكسه الجماهير المحتجة باعتداءات على المقار والمؤسسات الامنية فهي بتصرفها هذا انما احبت التنفيس عن الكبت وعيشة السقم والقتر وما جرى عليها من ظلم من قبل ملالي طهران المرفهون , فهم لهم الحضوة والمركز الاجتماعي المرموق وهم فقط من له القدرة على تسنم المناصب العليا في الدولة في حين يعاني المواطن البسيط من قساوة العيش بارتفاع الاسعار وانهيار المدخول الاقتصادي للمواطنين الايرانيين , فالتومان اصبحت سمة تراجعه مسئلة طبيعية في ظل تزايد للعقوبات الاقتصادية التي تطال ايران بين الفينة والاخرى بذات الوقت فالمواطن الايراني ليس له المقدرة من خطف اي منصب مالم يكن نسبه هاشمي علوي وان لم يتوج بعمة الرسول الاعظم .. واذن فكل هذا بات الصورة الناصعة للحدث الابرز الذي تتناقله وسائل الاعلام الغربية المراقبة للحدث ” بعين غاليلو عن بعد ” هذا من جهة و ” المؤجج للصدام مابين المحتجين وقوات الامن ” من جهة اخرى , يضاف اليها قرينة بائسة من وسائل اعلام عربية تجعلك تستشعر القيء وتصاب بحالة من الغثيان وانت تشاهد صورتها الخبرية وجملها المملوءة بالدس والتزوير وتزييف الحقائق لتدفع بإسلوبها الفج هذا الى ماتعتقده سيؤثر على الرأي العام العالمي وهي باسلوبها هذا تطمح لان تزيد من نقمة الشعوب العربية على العدو الايراني الذي بات عدو المسلمين” السنة ” الوحيد وحتى اسرائيل بمقاربة الاستعداء الازلي لتلك الشعوب لها فهي باتت الصديق الذي يشاركها تلك النزعة وتحمل معها ذات الهم وهو هم الخلاص من ايران والى الابد !!! .. اذن ” هو الدور الذي اعتادت من لعبه وسائل الاعلام تلك عند انطلاق شرارة الاحتجاجات الشعبية في البلدان- ما حصل ابان ما سمي بالربيع العربي ” , سورية , تونس , ليبيا ” انموذجا لذلك ” .
نعم تصل حد القيء وانت تتابع تقاريرهم الخبرية عن الاحتجاجات كون الدول الداعمة لتلك القنوات تعاني شعوبها من ذات الاضطهاد والحرمان وهي ايضا تشرب من ذات الكأس من المظلومية والمحرومية وترزح تحت يافطة عريضة تتصدر عناوينها – قمع الحريات ومبدأ تكميم الافواه , وربما بيافطة اكبر وجرعات أمَرّ من ما يرشفه الشعب الايراني من كأس الذلة والمهانة والانقياد للنظام الحالي .
التغطية الخبرية لتلك القنوات عن ما يجري في ايران مع التصريحات الفجة والمستفزة التي صرح بها ترامب عبر منصته في تويتر, يضاف له تصريحات لعدد من رؤساء الدول الغربية ومسؤولين عرب تجعل من الانسان المعتدل والمتعاطف مع تلك الحركة الاحتجاجية السلمية ينزوي بعيدا عنها ويخفت لديه وهج التضامن مع المحتجين وتذوب عنده مشاعر الفرح بتحرر الشعوب من هيمنة انظمة القهر والاستبداد الوصولية , لتحل محلها مشاعر من الحزن واليأس من قيام التغيير الحقيقي . حيث ركائز نظرية المؤامرة سترسخ في دعامات فكره وسيضطر بالمضي قدما مع قناعاته الجديدة فمن غير الممكن ان يتحلى الانسان بتناقضات فكرية حول مسئلة واحدة ويكتب لتلك القناعة النجاح باعتلال مصاديق الديمومة والانتشار . وعلى ذات الضفة الاعلامية فان الاعلام الداخلي الايراني وطوابيره الخمس هي الاخرى لم تكن حريصة الا على تشويه الحقائق , فما بين التهوين من الحدث الى ذكر ارقام قليلة من الضحايا وتقليل اعداد المحتجين وعدم ذكر عدد من المدن التي طالتها الاحتجاجات , هذا من غير تزييف الحقائق خصوصا فيما تعلق بالمسبب عن مقتل العشرات من المحتجين وتلبيس التهمة الى مواطني هم اصلا من نشطاء التظاهرات , وليس هذا فحسب فالمواد الفيديوية التي باتت الاطلاعات الايرانية تصورها من اجل التأثير على الرأي العام الايراني بشكل خاص وعلى العرب والمسلمين ودول العالم بشكل عام اصبحت تنتشر وبشكل مخيف , وواحد من تلك المشاهد التي اريد لها من تشويه صورة المحتجين هو ما ظهر من فلم فيديو يقوم خلاله شاب بحرق القرآن الكريم ؟ . . انها حرب اعلامية قذرة طرفاها الاعلام السعودي والغربي من جهة والايراني من جهة اخرى , فكيف سنهتدي بعد ئذ للحقيقة ؟؟؟ .
هناك تجد من يعبر عن النظام الحالي للملالي ويصفه بالنظام الديمقراطي المدني ويرى ان من المجحف بمكان وصفه بهكذا صفات , نعم هو هكذا وفيما قارناه بالانظمة الرجعية العربية القائمة حاليا , لكن وبعيدا عن تلك المقاربة نجد من المهنية وبحسب الواقع المعاش, من وصف النظام الحالي في ايران كونه نظام وصولي ديمغوجي قائم على التشدد ونشر التشيع وتصدير ثورته الى الشعوب المسلمة عبر استراتيجيته العنكبوتية القائمة على ركيزة التدخل بالشأن الداخلي لتلك الدول والسعي في فرض هيمنته على صناع القرار فيها , على ان هناك في الطرف الاخر نظام اشد قسوة وتعاسة وبؤس يتواجد في شبه الجزيرة العربية ” السعودية ” , فهما نظامان طائفيان بامتياز يتصارعان في البلدان التي يجدا عندها مساحة لاستقطاب افكارهما وبمد مالي وتداخل افقي وعمودي في رسم المسارات عبر مخططات النفوذ وصراعات بعضهما مع البعض الاخر وحسب قوة وضعف طائفة كل فريق .
العراق- لبنان- – سورية – اليمن والبحرين دولا كانت مؤهلة بجغرافية بديلة تخوضان فيهما السعودية وايران صراعاتهما بالنيابة وهم بذات الوقت جعلوا منها ساحة لتصفية حساباتهما فكانت النتيجة ان دمرت تلك الدول وماعاد مصطلح دولة يليق بتسميتها , انها كونتونات تشرذمت تحمل اسم دولة حافظت على حدودها لكن سلّطت عليها انظمة هشة غير قابلة على الانبعاث ولا التجديد – ضعيفة وفاسدة لكنها قادرة على الاستمرارية بديمومة الدعم المقدم من قبل الدول الكبرى التي ساهمت في صناعة انظمتها السياسية بفتح المجال اوسع امام كل من السعودية وايران لتمدد فيهما , وتلك كانت الخطة فابتلعت كلا الدولتان الطعم ولازالتا الى الان تأنان من فداحة الخسائر المادية وهنَّ الى الآن واقعتان بشراك ذلك المخطط ولايعرف كيف ومتى سيتم الخلاص ؟ .
نتمنى ان تكون هناك اليوم احتجاجات كبرى تعم مدن السعودية السنية تحديدا بعيدا عن المناطق الشيعية وحتى لاتلبس تلك الاحتجاجات اللبوس الطائفي وكي لاتقمع باستخدام الاساليب المريعة وان لايجد النظام السعودي المسوغ في القيام بأعمال وحشية يزج خلالها المحتجون في السجون وبعمليات التعذيب والتنكيل والقتل وكما حدث مع احتجاجات المنطقة الشرقية والعوامية من المدن السعودية , وذات الحال جرى في قمع الاحتجاجات البحرينية , نتمنى ان يحصل كل هذا في السعودية فشعبها وكما اسلفنا شعب مغلوب على امره مغيب بدهاليز الفكر المذهبي للمعتقد الوهابي المتشدد والمنتج لجينات الارهاب الدولي وكما ايران , ان حصول تلك الاحتجاجات سيشغل بعد هذا الدولتان بادارة ازاماتها الداخلية فعسى ولعل ان تخرج تلك الدول من اهتماماتها وحساباتها ولو لبضع سنين تستطيع معه ” دول الانابة ” من التقاط انفاسها والخروج من تلك المنظومة القميئة وحتى تتخلص تلك البلدان من تدخلاتهما وتقصّر فيما بعد مديات النفوذ ويُحَجَّم الى اقصى قدر ممكن .. يا له من حلم يصعب تحقيقه ؟ .
” وفيما تحقق, سأنتظر حينها تغريدات السيد ترامب وما ستكون عليه في حال قيام الشعب السعودي بالتظاهر والاحتجاج وبذات الطريقة التي احتجت فيها الجماهير الايرانية على نظامها القائم” .
– ثورة من اجل التغيير اَم مؤامرة خارجية ؟
بقي بعد هذا ان نَفُتَّ عَضُدَ تلك التحركات الاحتجاجية وهل هي احتجاجات جاءت فعلا نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر المواطن الايراني وهي بذات الوقت يمكن اعتبارها ثورة باتت من اجل التغيير ام انها احتجاجات سياسية مدفوعة من قبل قوى استخباراتية في المنطقة ” السعودية في مقدمتها ” ومن امريكا والغرب واسرائيل ؟
المرشد الاعلى السيد الخامنئي قالها بالامس القريب وبالفم المليان من ان تلك الاحتجاجات لاتعبر عن رأي المواطن الايراني وانما هؤلاء وحسب وصفه لهم , مجرد عملاء مدعومون من قوى استخباراتية غربية واقليمية مدوهم بالمال والسلاح وان الشعب الايراني هو من سيرد على أولائك . ملمحا بتهديد السعودية بالقول ” عليها ان لاتنسى ان بيتها من زجاج ” وهي اشارة واضحة من ان ايران لن تقف مكتوفة الايدي وربما ستشعل فتيل الاحتجاجات في الداخل السعودي او عبر استثمارها للحوثيين بتزويدهم بكم اكبر من الاسلحة والصواريخ الفائقة الدقة بالوصول الى هدفها وهذه المرة ستضرب العمق السعودي وستصل هدفها بكل يسر ” ابار النفط السعودية الهدف ستكون .. ربما من يدري ؟ ” .
اتهام المرشد الاعلى للمحتجين بالخيانة ما هو الا اتهاما جاهزا وهو باطل بكل تأكيد لكن ليس بكلياته بل بجزئيات منه , فتصريحات السيد ترامب الملتحف لرداء الغباء والمتسرع في استصدار قراراته مع ما ذكرنا من دور فج للاعلام السعودي وايضا تصريحات بعض مسؤولي المملكة , قد اعطى الحق للسيد الخامنئي من ان يدير وجهة الاعصار الداخلي الذي ضرب المدن والشواطيء الايرانية نحو شواطيء الكاريبي والمحيط الهاديء والتي ما كان ليصلها حتى يمر بالعاصمة السعودية الرياض ؟ , عليه ستؤول تلك الحركة الاحتجاجية الحرة والسلمية الى رماد وستندثر شيئا فشيئا بتزايد حدة التدخلات الامريكية والسعودية والاسرائيلية وسيعطي هذا الاضطراد زخما معنويا كبيرا لقوات الامن الايرانية في قمع تلك الاحتجاجات على الرغم من ان الاعلام الايراني سيتناغم مع تصريحات المرشد الاعلى وسيصور حالات القمع انما جاءت بفعل الشعب الايراني وليس من قبل قوات الباسيج ولا الحرس الثوري ولا دخل ايضا للقوات الامنية ولا الاستخباراتية فيها ؟؟ .
من حق ايران كدولة ان تدافع عن امنها القومي وبالاسلوب الذي تضمن معه حق الشعب الايراني كذلك اعطاءه مساحات اوسع في التعبير عن رأيه وتنفيذ مطالبه ورفع الظلم عنه واعطائه مزيدا من الحريات الشخصية وكذلك رفع المستوى المعيشي له من خلال ايجاد الحلول الاقتصادية السريعه والناجعه والا ستكبر دائرة الاحتجاجات وتتسع رقعتها لتشمل مدن اخرى ومعنى هذا ان هناك مزيدا من الضحايا سيسقط وسيكونون بالمئات بدل العشرات وسيدخل الالاف السجون بدل القابعون الان بالمئات وحينها ستجد امريكا ودول الغرب الفرصة سانحة لاستصدار قرارات مجحفة وصعبة ستكون بحق الشعب الايراني وتلكم القرارات ستستثمر نتائجها في صالح المشروع الامريكي – السعودي في نهاية المطاف .
وفيما لو ارادت امريكا والسعودية من نجاح استراتيجيتها عليها اولا ان تبتعد بمساحة لابأس بها عن ما يحصل في الداخل الايراني فكل تصريح سيكون بمثابة تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية الايرانية وان يكف السيد ترامب عن تصريحاته المستفزة للنظام الايراني وبدلا عنها ليشكل فريقا بحثيا من عناصر كفوءة من جهازالاستخبارت الامريكية ومن المخابرات لبحث اسباب قيام تلك الاحتجاجات وفهم مايدور بالداخل الايراني ووضع الخطط المستقبلية ” حتما ستحتاج امريكا للصبر لسنين طوال , فمن الغباء بمكان من يراهن على سقوط نظام الملالي بتلك السرعه فايران ليست سورية وهي ليست كما ليبيا ولا العراق ” , ان زعيق السيد ترامب سيزيد من حالة الاحتقان والتذمر من هكذا تصريحات فالشعب الايراني بطبيعته محبا لوطنه ولقوميته الفارسية وفيما احس ان هناك من يريد ادخال ايران بربيع كالذي طال بعضا من الدول العربية فهو حتما سيقف بالضد من هكذا مشروع فلن يرضى حتى المعارض للنظام من ان يؤول مصير بلده وامته الايرانية العظيمة الى ركام وكما في دول التي طالها ذلك الخريف البؤس ؟ فكيف بعد هذا بالمواطن الايراني الملتزم بمقررات النظام وتعليمات المرشد الاعلى للثورة الاسلامية السيد الخامنئي ؟ .