اجنحتنا مدار الحديث هي هي وهي ليست هي، وعليه سنسلك طرقاً متعددة ونعتمد إضاءاتٍ خاصة في إظهار الصور الكامنة في زواياها، امّا العميان فبإمكاننا أن نريهم الصورة القابعة في المشهد بحسنها وقبحها بجمالها وبشاعتها بفضاعاتها وبتناقضاتها، وعليهم ان يميزوا إن رغبوا بذلك ثم ليرضوا او لا يرضوا وأمّا المتعامين الذين يرمقون المشهد بنظاراتهم الخاصة فعليهم ان يخففوا عتمة زجاج عويناتهم ويدققوا النظر في زوايا الصورة وأبعادها الستة قبل ان يطلقوا أحكامهم عليها واما المبصرون المنصفون فستكفيهم النظرة الاولى. أترون معي هذه الصورة انها تمثل دائرة “عائلية” أقصد دائرة حكومية رسمية أترون كيف تحولت هذه الدائرة الى “جناح خاص للعوائل” كما في بعض الفنادق والمطاعم الفاخرة او الخائرة على حد سواء مع الفارق طبعاً بنجوم وبغير نجوم!.
صحيح ان هذه العائلة وفّرت للدولة جوانب عديدة مثل: النقل حيث تكفي حافلة واحدة لنقل الأب المدير العام والام مديرة الادارة والذاتية، والبنات السكرتيرات والاولاد رؤساء الأقسام والجد مدير الشؤون القانونية والنسبان طاقم الحماية والجيران حراس وفراشين وسواق وبريد! ثم هناك فائدة ثانية وهي التطبيق الحرفي لحديث “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان” حيث تختصر اسرار الدائرة كلها في الحلقة الرسمية اقصد “العائلية” وفائدة ثالثة الرواتب تتخلص من فقرة الاستقطاعات والتسليب المصطنع المختلق وفوائد جمة فستنخفض مشتريات القرطاسية اذ لا داعي “لكتابنا وكتابكم” فالمسائل تحل بالتفاهم وستلغى الاجتماعات اليومية والدورية لأن الامور تناقش في البيت مساءاً، وفوائد يصعب إحصاؤها طبعاً سيستغرب العميان من هذه الصورة المسموعة، ويرون فيها مبالغة كبيرة ومؤكد ان المتعامين سيقولون انها صورة مفبركة فوتوشوب. وسيعلل المعللون ويبرر المبررون انها صورة طبيعية تحصل بعد كل تغيير، وانها افرازات الحقبة السوداء ونتاج مرحلة وفترة الاضطهاد والحرمان والتي لابد وان تعقبها فترة تعويض وإستئثار.
ولو سلمنا بصحة وسلامة هذا الرأي فمعنى ذلك اننا سنحتاج الى إستحداث وزارات أضعاف ما موجود حالياً معززة ومدعومة بقوانين صارمة وفتاوى واضحة تحرم وجود اجنحة خاصة للعوائل!.