22 نوفمبر، 2024 5:05 م
Search
Close this search box.

الاجحاف المتعمد بحق البيشمركة.. لم يثنيهم من صدق الانتماء….!!

الاجحاف المتعمد بحق البيشمركة.. لم يثنيهم من صدق الانتماء….!!

بلا شك ان المعركة التي تخوضها  قوات البيشمركة  ضد ارهابيي داعش هي من طراز المعارك الوطنية الخالدة التي سيتذكرها الاجيال القادمة بمزيد الفخر والتباهي بنتائجها في الميدان  ،  والتي استطاعت بالرغم من ضعف تسليحها قياسا لما يمتلكه مسلحي هذا التنظيم الارهابي من احدث الاسلحة التي اغتنموها خلال اجتياحهم لمدن الموصل وصلاح الدين ومن ثم استيلاءهم على ما تركتها القوات العراقية من اسلحة وذخائر في انسحابها الغير المنظم  ، من تغيير الموازين القوى لصالحها خصوصا حين تمكنت من وقف هجمات مسلحي هذا التنظيم وحصرها في مناطق ضيقة واحداث ارباك ميداني واضح في صفوفها  تمهيدا  لشن هجمات منظمة التي تحد من قوتهم في ميدان المعركة ، وكانت ذلك عاملا من اهم عوامل هزيمتهم وتراجعهم  من المناطق التي دخلوها دون مقاومة ، وعدم تمكنهم من صدهم للهجمات التي كانت تشنها البيشمركة على مواقعهم ..
واليوم فان المتابع لسير المعارك البطولية الدائرة  التي تخوضها البيشمركة  مع داعش يقف على حجم العزيمة الوطنية والاندفاع الرجولي لهذه القوات ، ومدى اصرارهم على الحاق الهزيمة  بهذا التنظيم الذي  لم يتمكن من تثبيت حضوره في الساحة الا بوجود خلل واحباط سياسي وضعف الادارة لحكومة عجزت عن توفير ارضية سياسية خصبة للتشاور والحوار بين الاطراف التي تشاركها في الحكم  ، ومن ثم تعاطف العديد من سكان القرى واصحاب الغرض الاسود الذين وجدوا بكل اسف ضالتهم في هذا التنظيم و يمارسوا دورهم الشنيع في القتل والنهب والسرقة والاعتداء على خصوصيات المكونات الدينية والعرقية ، ويكشفوا ما يدور في اعماقهم من حقد وكراهية ،  وهذا يعني ان البيشمركة بالرغم من الاجحاف المتعمد والمقصود بحق مستحقاتها الدستورية والقانونية قد اعطت دليلا ملموسا انها مؤهلة ان تلعب دورا كبيرا في حماية السيادة الوطنية ، خصوصا وقد استطاعت ان تحد من خطر داعش في كركوك والمناطق المحيطة بها بالتنسيق مع كل القوى الخيرة العاملة فيها  الذين وجدوا في قوتها  الضمانة الاكيدة للتعايش المشترك بين كل مكوناتها الدينية والقومية والمذهبية  ، في وقت وكل الدلائل تشير ان المطابخ السياسية للفلول اليتيمة من بقايا النظام السابق ، والداعشيين الذين  لا يملون من طبخاتهم العدائية ضد الاستقرار والسكينة فيها ، ولا يتأخرون  في كشف احقادهم وكراهيتهم بكل الوسائل ، بسبب فشلهم تماما في الوصول الى مآربهم ونواياهم التآمرية
لقد كشفت طبيعة المعارك التي دارت في امرلي وسليمان بك حقيقة ما يختزنه البعض من سوء للنوايا البغيضة تجاه البيشمركة وصدق اندفاعها لتحرير الارض من دنس محتلي داعش ، رغم كونهم اولى الفصائل المقاتلة التي افشلت مخططات التوسع الميداني لداعش الذين حاولوا مرارا توسيع رقعة احتلالهم من خلال محاولات دمج قضاء طوز خورماتو  بالمناطق الخاضعة لسيطرتهم  تمهيدا لعزلها عن سيطرة البيشمركة واخضاعها لأحكامهم التعسفية ، بمعنى ان الذين يتعمدون في طمس الحقائق الميدانية لدور البيشمركة في فك الحصار عن امرلي و تحرير سليمان بك هم من اشباه اؤلئك الذين يلعبون دوما بالورقة الخاسرة حين لا يجدون منفذا للخروج من دائرة الفشل والاحباط الذي اصابهم نتيجة لتعاملهم بعقلية بدائية متخلفة مع سير الاحداث ، متجاهلين وهذه هي مصيبتهم باستمرار ان قوات البيشمركة حين قررت قيادة الاقليم ان تخوض المعارك في كل المناطق لم تحدد لها موقعا معينا بل فتحت لها كل الجبهات بعض النظر عن طبيعتها الدينية والمذهبية والقومية ..فمشاركتها في فك الحصار عن امرلي ذات الاغلبية التركمانية  الشيعية وتحرير سليمان بك كانت مؤشرا واضحا بان الكورد ماضون في اظهار حسن ولاءهم الوطني تجاه العراق ، وهم لا يخوضون معركتهم على اساس قومي بل يعتبرونها معركة الجميع لانهم على بينة تامة من اهداف هذا التنظيم الارهابي الذي لا يستثني احدا من جرائمه وافعاله المشينة بحق الانسانية  ، وان الوقوف بوجه تمدده الطائفي والمذهبي هي مسؤولية وطنية قبل ان تأخذ طابعا قوميا يضعف من حماسة المؤمنين بالوحدة الوطنية ..
لذلك اعتقد تماما ان الاصوات القبيحة  بشأن البيشمركة  قد سقطت في الوحل بعد أن أدت على اكمل وجه واجبها الوطني والقومي ، وتوجت بطولاتها في ساحات المعارك بكوكبة لامعة من الشهداء ، واثبتت وجودها بصدق ولاءها للوطن ، واصبحت اسمها ومكانتها عند كل الخيرين والشرفاء في العالم واحدة من بين العناوين البارزة التي تقاتل  بمهنية عالية ، و تلتزم بمبادئ الحرب ولا ترتكب الاخطاء في ميادين دفاعها  عن الوجود بحق المدنيين والعزل   ، ولا تخلف من وراءها ما يسيء الى سمعتها كقوة وطنية ضاربة تعرف كيف تصول وتجول دفاعا عن التراب الوطني المقدس…..
اذن .. فان الذين اصابهم الذهول من قدرات البيشمركة ،  وتنكروا لدورها أو الاشادة بها هم الغافلون عن القادم في ابجدية هذه القوات ، ودورها المستقبلي وتأثيراتها على سير الاحداث في المنطقة عموما..  وتجاهلوا عن عمد بتوجيه هذا السؤال الى ذاتهم المليئة بالحقد والكراهية ، ما هو السر وراء هذا التعاطف الدولي الكبير مع البيشمركة .. وما هو اللغز في مساعيهم الجادة في تسليحها بأحدث الانواع من الاسلحة المتطورة…؟؟  وباعتقادي ان احدا لا يخالفني الراي ان المنغلقون على ذاتهم لا يمكنهم من الاجابة على هذه الاسئلة نتيجة جهلهم لطبيعة الاوضاع ما بعد مرحلة داعش  التي  تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت والمتغيرات التي من الصعوبة للجهلة السياسيين التكهن بتداعياتها المستقبلية لسبب بسيط جدا  ، لانهم ينظرون من ثقب نافذة ضيقة ويبنون تصوراتهم السياسية بعقلية غير متوازنة ولا يمتلكون القدرة على التكيف مع محيطهم السياسي ، وبسببها اصابتهم الهذيان ، وبدؤا يتخبطون يمينا ويسارا وحيدا لا يدركون حجم الفراغ السياسي الذي وقعوا فيه … بمعنى ان  التشبث بالانطوائية في ظل هذه الظروف  سينعكس سلبا على حضورهم السياسي …..
خلاصة القول ان المعارك التي خاضتها  البيشمركة مع المغوليين الجدد الذي يحملون اسم داعش  قد جددت الفرصة امام العديد من ينقصهم الرؤية الموضوعية لدور هذه القوات بأهمية المراجعة الذاتية لمفهومهم السياسي ، وتحديد مواقفهم بما ينسجم مع طبيعة مصلحتهم السياسية التي ينبغي ان تكون فوق كل  اعتبار .

أحدث المقالات