أهم ما يواجه القائد، عملية بناء الإنسان، لجعله عنصر إصلاح وإنتاج في المجتمع، بدل أن يكون عاله عليه.
عملية البناء هذه تحتاج إلى خطط واليات مدروسة ومجربة، لا تثير ضجيج لتقف في طريقها المعرقلات، لتغير مسارها.
وسط وجنوب العراق، منذ انبثاق الدولة العراقية، يعاني من الظلم والتغييب والتهميش، لأسباب تبدو طائفية، لكن حقيقتها أعمق.
ابن الوسط والجنوب، يستند إلى ارث حضاري طويل، فضلا عن عمق عقائدي، وجود الثروة في أرضه، فضلا عن الموقع الاستراتيجي، يمنحه قوة تأثير عالمي.
كل هذه العوامل دفعت الحاكم، وبدفع خارجي، إلى تعطيل ابن الوسط والجنوب، ووضع حواجز كثيرة، تمنعه من الانطلاق، والتحول إلى رقم في المعادلة الدولية.
بعد عام 2003، استمر هذا الأسلوب من الحكام، بسوء أو حسن نية، رغم أن الدستور يمنح كل محافظات العراق، فرص للتعبير عن إمكانات أبنائها.
طرح موضوع إقليم الوسط والجنوب، شهد عرقلة واضحة، من المدركين لخطورة هذا الإقليم على الأجندة العالمية، ساندهم قصيري النظر ممن لا يفقهون الحقيقية.
كذلك عرقل الحاكم موضوع ” ألا مركزية الإدارية” ليسيطر على مقدرات المحافظات الجنوبية، ويستمر بتغييب طاقاتها المحلية، التي نجح معظمهم، بما متوفر من صلاحيات وإمكانات تعد معدومة.
وزير النفط العراقي، شخص هذه المشكلة، ضمن الدستور، بدا بالبحث عن إلية، يمكنها أن تفعل وتطور، إمكانات أبناء الوسط والجنوب في القيادة والإدارة.
بهدوء دون ضجيج أو شعارات، قد تفسد ما يقوم به، فكان الاجتماع التداولي الشهري، مع الحكومات المحلية، حول صناعة النفط، والأفق التي يمكن للمحافظات؛ أن تستفيد منها ضمن حدود الدستور.
كان الاجتماع الأول في بغداد، حيث شكك كثير من أعضاء الحكومات المحلية، في إمكانية استمرار هذه الخطوة، بسبب شفافيتها، وقوة الأفكار المطروحة فيها، التي
لا يمكن لمسئول اتحادي؛ أن يسمح للمحافظات بالاطلاع عليها، حسب تجربة السنوات السابقة.
تكررت التجربة، وهي بحد ذاتها رسالة تطمين، للحكومات المحلية بجدية هذه الخطوة، تم في الجلسة الثانية مراجعة ما تمت مناقشته في الجلسة الأولى، والمقدار الذي تم انجازه، عندها اطمئن الجميع، إلى أن الوزير جاد في مسعاه.
الجلسة الثالثة في ميسان، كانت فتح جديد للحكومات المحلية، حيث تأكد لديهم بأن وزارة النفط في عهدها الجديد، تختلف كليا، سواء في العقلية التي تديرها، أو الأهداف التي تبغي الوصول إليها، حيث صراحة الوزير عندما قال (لا نجامل أي احد على حساب الدستور)، مما يعني؛ أن هذه الخطوات تسير ضمن الممكن دستوريا، وبالتالي فهي خطوات جادة وواقعية.
الملفت؛ أن الجلسة التداولية الثالثة، وضعت حكومة ميسان المحلية، أمام أمور كانت تجهلها، عن إدارة النفط في المحافظة، حيث تم إرجاع ما يقارب من (25) مليون دولار، استحقاق للمحافظة على شركات النفط العاملة فيها، الأمر الذي عزز ثقة المحافظات بالوزارة، وجديتها في تعريف المحافظات؛ بصلاحياتها واستحقاقاتها التي ستعزز، بعد إقرار قانون النفط والغاز.
كل هذا يثبت حقيقة؛ أن عادل عبدالمهدي، قائد اكبر من وزير، يعمل على إعداد مجتمع مغيب، ليأخذ دورة الذي عطلة الظلم والتغييب والتهميش، ووسيلته لذلك تمكينه علميا وعمليا من إدارة شؤونه، كي لا يستغفل من جديد..