17 نوفمبر، 2024 1:56 م
Search
Close this search box.

الاجتثاث .. طاعونٌ احمر

الاجتثاث .. طاعونٌ احمر

يحكى انه:

في عام ١٩٢٠ ، مُنع بيع الخمور و المتاجرة بها في الولايات المتحدة بقرار من مجلس النواب الامريكي .

فازدادت نسبة الجرائم و انتشرت عصابات السوق السوداء لبيع الخمر سراً و التهريب وما يصاحب ذلك كله من نصبٍ و قتلٍ و ابتزاز و اغتصاب.

ما تسبب بتصاعد السخط الشعبي و الرفض الجماهيري للقانون ليتم إلغاؤه عام ١٩٣٣.

يحكى انه:

في القرن الرابع عشر اعلن المتعصبون حراس الايمان الكاثوليكي الحرب على القطط في المدن الاوروبية، فالقطط حيوانات شيطانية ادوات ابليس صارت تُصلب و تُرفع على خوازيق، و تُسلخ حية او يُلقى بها الى النار. عندئذٍ تحولت الفئران ( وقد تحررت من اسوأ اعدائها ) الى سيدة المُدُن، و الوباء الاسود الذي نشرته الفئران قد قتل ٣٠ مليوم اوروبي… من كتاب ابناء الايام لإدوارد غاليانو

يحكى انه:

قد اصدر الامبراطور كلوديس الثاني في روما قراراً يمنع الشّباب من الزّواج، ليتمكن من زيادة عدد أفراد جيشه؛ لأنّه كان يعتقد أنّ الرجال المتزوّجين لا يمكن أن يكونوا جنودًا أكفاء.

فأبدى احد الرهبان ( و كان يُدعى ڤلنتاين ) رفضه للقانون فأمر الامبراطور بإلقاء القبض عليه، وأودعه في السجن ثم اعدمه، فاصبح يوم اعدامه عيداً للحب يحتفل به اكثر من ثلثا سكان الكوكب.

يُحكى انه:

في ١٩٣٦ قد اصدر شاه ايران رضا بهلوي اقتراحا اقرّتهُ و طبقته حكومة ايران يقضي بفرض ( خلع الحجاب عن رؤوس الايرانيات ) و المعاقبة على ارتداءه.

فبادر الشعب الايراني الى القيام بسلسلة من الاعتصامات و الانتفاضات التي تعامل النظام معها بوحشية مفرطة اودت بحياة الالاف و اعتقال الالاف.

فتصاعدت حدة التمرد و تزايد عدد المحجبات.

و ما ان وصل ابنه ( الشاه محمد رضا بهلوي) الى الحكم الغى قرار ابيه بعد ان لاحظ ان ايران قد اصبحت محجبة اكثر من ذي قبل.

مرت الايام فقامت في ايران حكومة دينية منعت الخمر فإنتشرت المخدرات تدريجياً.

يُحكى انه:

في سنة ١٩٧٦ تاسست هيئة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر في السعودية والتي قضت على كل مظاهر الاختلاط بين الذكور و الاناث و كافحت كل مظاهر التبرج و الزينة النسوية و فرضت الحجاب الالزامي.

فأصبح لا يُرى من المرأة الا عينيها، و ازداد شغف الرجال و فضولهم للتعرف على ما تُخفيه البراقع و الخُمر و العباءات تحتها من مفاتن، حتى اصبحت السعودية في مصاف الدول المتقدمة عالمياً في جرائم الزنا بالمحارم و التحرش الاسري.

يُحكى انه:

في العراق منع نظام صدام الشيعة من ممارسة الشعائر الدينية لثلاث و عشرين سنة. غير ان الشعائر و المراثي لم تنقرض بل تزايد انتشارها في السر و اصبحت مقياساً للشجاعة و الشرف.

وما ان سقط نظام صدام انفتح باب الشعائر على مصراعيه حد الاشباع و التفنُن.

و بعد سقوطه ، يُحكى انه قد اصطبغ المجتمع الشيعي بالصبغة الدينية بتأثير من بعض التيارات الدينية فإستُهدفت محلات بيع الخمور و الملاهي و الغجر و الفرق الموسيقية بأعمال عنف و تعنيف و اُغلِقت السينمات، ما ادى الى كبتٍ و حرمان لم يستطع الجيل الشبابي المعاصر عليه صبراً.

فاخذ الشباب يعوضون ذلك الكبت و يفرغون تلك الطاقات المستعرة في الشعائر ذاتها، فتحولت المراثي و العزاء الى ما يشبه حفلات الرقص ( الديسكو ) و ( الراب ) و ساد الميول نحو ( العراضة ) و الاهازيج العشائرية، و انتشر تدخين الاركيلة حتى ادمنت عليها شرائح واسعة من المجتمع.

و انفلت الوضع لدرجة ان التيارات الدينية اصبحت عاجزة عن السيطرة على الوضع فاخذت بالتخبط.

تطالب مرة بتهذيب الشعائر و مرة بالقضاء على ظاهرة الشذوذ و الخنث و محاربة الملاهي التي انتشرت من جديد.

يُحكى ان:

لو استمرت التيارات الدينية العراقية بالتصدي و بهذا النهج ( نهج المنع و المكافحة بالقوة و الاجتثاث ) فسيصبح العراق البلد الاول في تعاطي المخدرات و الانتحار و تكاثر الزومبيز.

يُحكى ان كل ممنوع مرغوب و ان السعيد من وُعِظَ بغيره

يُحكى ان القيادة الناجحة لا تُجبر الشعوب على ترك خصلةً غير مرغوب فيها، بل تعالج الاسباب و توفر البدائل و تستغل الطاقات فتختفي المظاهر المكروهة من تلقاء نفسها.

أحدث المقالات