8 أبريل، 2024 6:18 ص
Search
Close this search box.

الاتهامات الروسية ضد اقليم كوردستان امتداد لمواقف سلبية سابقة ضد الكورد

Facebook
Twitter
LinkedIn

اتهمت روسيا اقليم كوردستان بيع كميات من النفط لتنظيم داعش الارهابي عبر تركيا ، ان هذه الاتهامات التي تبدو غبية من قبل موسكو تحمل في ثناياها جملة من الاهداف ليست بخفية على المتابعين لشؤون المنطقة وخاصة للصراعات بين القوى الاقليمية .
قبل تأييد او نفي الاتهام الروسي لنعود الى بعض الحقائق التاريخية والمواقف السلبية للاتحاد السوفيتي السابق وروسيا الحالية ضد القضية الكوردية العادلة ، فقد كان للاتحاد السوفيتي السابق دور كبير ورئيس في انهيار جمهورية كوردستان في مهاباد عام 1946، بعد ان عقد حلفا مع البريطانيين والحكومة الايرانية آنذاك التي اعطت امتيازات من حقول النفط والغاز الايراني للاتحاد السوفيتي ، ومقابل تلك الامتيازات انسحبت القوات السوفيتية من الاراضي الايرانية التي كانت تحت سيطرتها وخاصة في اقليمي كوردستان واذربيجان لتفسح المجال للقوات الايرانية المدججة بالسلاح والذخيرة للأنقضاض على جمهورية كوردستان واعتقال قائدها الشهيد قاضي محمد ورفاقه الذين اعدموا فيما بعد على يد قوات النظام الايراني.
ان المعسكر الاشتراكي السابق بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق لم يقف مع قضية الشعب الكوردي العادلة إلا في بعض الحالات المحدودة وفي فترات معينة تناغما مع مصالحها وحتى لم يستنكر الجرائم التي تعرض له على يد جلاديه لا بل وقف معهم فقد اعتبرالاتحاد السوفيتي السابق الحركة الكمالية في تركيا ،حركة وطنية ضد المخططات الاستعمارية في حين انه نكل وقتل الملايين من أبناء شعبه من الكورد والأرمن فضلا عن موقف ستالين الواضح من اضطهاد الشعب الكوردي في أكثر من مرة ، كانت الأولى يوم تم القضاء على جمهورية كوردستان الحمراء والثانية عندما طعن الكورد من الخلف بخنجر مسموم في عام 1946 .
بعد وفاة قائد الثورة السوفيتية الاسبق لينين في عام 1924 وسيطرة ستالين على مقاليد الحكم ، قام الاخير بالقضاء على جمهورية كوردستان الحمراء التي تشكلت اثر معاهدة سايكس بيكو وتقسيم اراضي كوردستان بين اكثر من دولة ، ولم يكتف بذلك بل اخذ يتعاون مع كل من تركيا وإيران للقضاء على الثورات الكوردية التي اندلعت فيهما.
كما لا يمكن لأحد ان ينكر ان الاتحاد السوفيتي السابق اسهم في إنقاذ الكثير من الدول والشعوب من براثن الظلم والطغيان والاستعمار البغيض ولكن شمس الدولة المذكورة كانت غائبة على الدوام في كوردستان حيث الظلام الدامس.
ان الاتحاد السوفيتي السابق لم يضح بحقوق الشعب الكوردي من اجل مصالحه فحسب بل ضحى بمصالح حتى الحزب الشيوعي العراقي الذي كان يدور في الفلك السوفيتي ويعد عمقا استراتيجيا له عندما قام نظام البعث المباد بقمع الشيوعيين واعدام قيادييهم وخيرة ملاكاتهم في اواسط سبعينيات القرن الماضي مما اضطرهم مرة اخرى الى اللجوء الى جبال كوردستان واحضان الثورة الكوردية وحتى اثناء الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي كانت طائرات الميغ والسوخوي السوفيتية تقصف مقرات ومواقع قوات الانصار التي شكلها الحزب الشيوعي لمقارعة النظام الدكتاتوري المباد ، حيث قتل وجرح العشرات من قوات الانصار نتيجة استخدام النظام الصدامي للاسلحة السوفيتية .
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي نتيجة فشل الحكومة الشيوعية في ادارة البلاد و تطبيق نظرية البيروستوريكا والغلاسنوست (الاصلاحات السياسية والاقتصادية )التي قام بها ميخائيل غورباتشوف الرئيس السوفيتي الاسبق وانهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي برمته ، لم نشهد موقفا مشرفا من موسكو حيال قضيتنا الكوردية العادلة ، فهي ساندت نظام الاسد في سورية في قمع الحركات الكوردية في غرب كوردستان وهي ايضا تدعم السياسة الايرانية حيال قمع الشعب الكوردي في شرق كوردستان مقابل مصالح اقتصادية وسياسية ولم تدين من خلال بيان ممارسة نظام البعث ضد
الشعب الكوردي في جنوب كوردستان وجرائم النظام التركي ضد شعبنا في شمال
كوردستان الا في الفترة الاخيرة عندما اشتد الصراع بينهما وقيام الطيران التركي باسقاط طائرة عسكرية روسية.
نظرا لتلك الخلفية التاريخية السلبية للاتحاد السوفيتي السابق وروسيا الحالية ، لايمكن تصديق او قبول الاتهام الاخير التي وجهته موسكو لحكومة اقليم كوردستان بتصديرالنفط لتنظيم داعش الارهابي ، علما ان الاقليم لم يخف بيع النفط عبر الصهاريج عن طريق تركيا والصور التي نشرتها روسيا هي فبركة واضحة ومخزية وهي نفس صور المنفذ الذي يصدر منه نفط اقليم كوردستان.
ولأثبات تلك الاتهامات من عدمها بشكل منطقي ، يمكن طرح تساؤلات ربما تبدو بسيطة لكنها تكشف حقائق مهمة بشان الاتهامات الروسية وهي :
* لماذا لم تتهم موسكو الاقليم خلال الفترة التي سبقت تدخله المباشر في الحرب السورية بتصدير النفط لداعش الارهابي وتوترعلاقاتها مع انقرة ؟
* هل من المعقول لحكومة اقليم كوردستان التي تخوض حربا ضروس منذ اكثر من عام على طول جبهة تمتد الى اكثر من الف كيلو متر ضد عدو وحشي مثل داعش الذي اراد القضاء نهائيا على الاقليم وتجربته الديمقراطية ان يقوم بمساعدة عدوه ببيع النفط له ودعم مجهوده الحربي؟
* هل من المعقول ان تقوم حكومة اقليم كوردستان بدعم مادي لجبهة عدو تسبب في استشهاد اكثر من خمسة الاف من خيرة ابناء الشعب الكوردي من قوات البيشمركة وجرح الاف اخرين؟
* هل يعقل ان تقوم حكومة اقليم كوردستان ببيع النفط لعصابات داعش التي ارتكبت ابشع الجرائم بحق المدنيين في المناطق والقصبات والمدن التي احتلها وخاصة جرائمه ضد الاخوة الايزديين وسبي نسائهم؟
اجوبة تلك التساؤلات البسيطة خير دليل على ان الاتهام الروسي مجرد فبركة اعلامية للضغط على اقليم كوردستان الذي اعلن انه سيكون بديلا عن تامين الغاز لتركيا واوروبا خلال العامين القادمين ولكن في كل الاحوال يبدو الاتهام غبيا وغير منطقي. 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب