أطول مفاوضات في تأريخ البشرية، بين فريق أممي، وفريق إيراني متمرس يتصف بالحكمة، دامت (4444) يوماً، فكانت حديث السنوات الماضية، وأفرزت نتائج عجزت عن تحقيقها كثير من الدول في عالم اليوم، لأن الاتفاق النووي المبرم مع الدول الست، ليس إنتصاراً إيرانياً، فحسب بل إنتصار إسلامي عالمي، كون الجانب الإيراني لم يقدم تنازلات تمس سيادتها وأمنها، ووضعت نصب عينيها ما يخدم مصالحها، ومن موقع القوة والإقتدار.
من الطبيعي أن يقول رئيس الوزراء الصهيوني: إن الاتفاق النووي بين إيران والدول الست، هو خطأ تأريخي، كونه إعتراف دولي، بحق الجمهورية الإسلامية، بإمتلاك المفاعل النووية، لتخصيب اليورانيوم، وأجهزة الطرد المركزي لأغراض سلمية، مما يجعلها بلداً فاعلاً في السوق الدولية، وقوة إقليمية مؤثرة جداً، في قضايا العالم الإسلامي، ومحوراً تدور حوله رحى السياسة الدولية، التي يجب التعامل بأقطابها لصالحنا، ضد قوى الإستكبار الدولي المعادية للإسلام.
الأوضاع المتدهورة في المنطقة العربية، تسير من السيء الى الأسوء، فإن لم تكن إيران على رأس القوى الموازية، ضد الغرب مع تنامي الأخطار المحدقة، بالشرق الأوسط الجديد، الذي تحاول الدول الغربية رسمه بما يخدم أجنداتها، على أن إنتصار الجمهورية الإسلامية، بإعلان الإتفاق النووي، سيسهم وبشكل كبير جداً في إعادة السلم والأمن، فليرض من شاء ولينزعج من شاء، فما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.
معادلة الصبر الإستراتيجي، التي سارت عليها إيران في مفاوضاتها الطويلة، وإنتصارها في معركة الحقوق، لضمان مصالح أجيالها القادمة، وإلغاء العقوبات العسكرية، والإقتصادية، والمالية، وهذا يعني دخول الجمهورية الإسلامية، مرحلة تاريخية بعد عقود من مقاطعة العالم قسراً، بسبب مقررات البند السابع، حيث ستلعب دوراً مهماً، لإعادة التوزان الدولي ومواجهة التطرف، الذي بدأ خرابه يسري في كل حدب وصوب، من جسدنا الشرقي المتشظي، والشر يتمحور للإنقضاض علينا.
أكذوبة محور الشر، التي روج لها الغرب سابقاً، للضغط على إيران في محاولة بائسة، لثني الجمهورية الإسلامية، عن مناصرة القضية الفلسطينية، وحقوقهم في إستعادة أرضهم المغتصبة، من أفاعي اليهود، فعاثت إسرائيل في الأرض فساداً وتدميراً بغير حساب، ومخطئ تمام الخطأ من يعتقد أن إبرام الاتفاق النووي، يعني تنصل إيران عن مسؤوليتها، تجاه القدس وشعبها، بل لديمومة المساندة والدعم، على وجه الشدة والحزم أكثر من السابق.
الكيان الصهيوني، أول من علق على الاتفاق النووي، بعد قراءته لنسخة منه، بقول رئيس وزرائه نتنياهو، فعده خطأ فادحاً، إرتكبته الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الخمس الكبرى، لأنه يستشعر التأريخ الذي ستدونه الجمهورية الإسلامية، في دعم الدول المستضعفة، خاصة العالم الثالث كما كان يسمى، بيد أن الاتفاق قد حانت لحظته التأريخية، لولادة علاقات دولية جديدة، بعيداً عن الشياطين الصهيونية، التي لا تتفق وسياسة إيران الداعمة لفلسطين.