23 ديسمبر، 2024 2:51 ص

الاتفاقية الصينة

الاتفاقية الصينة

على الرغم من عيش العالم لاجواء الحرب الباردة والمؤجلة بين الصين وامريكا وتصاعد وتيرتها رغم جانحة كورونا وتداعياتها الخطيرة على المستويات كافة ، حيث حملت تحليلات الخبراء السياسيين والاقتصاديين الكثير حول طبيعة الصراع بينهما وتأثيراته في خلق توازنات قوى او ولادة مراكز استقطابات جديدة للعالم، ولابد ان تكون هناك ضحايا كأدوات لتلك الحرب المتوقعة ، يستخدمها الطرفان لترجيح كفة المنافسة لصالح احدهما، والمستقبل القريب سيشهد جولات التسخين والتصعيد للوصول الى الذروة التي من الصعب توقع نتائجها او عواقبها ، لان من الصعب معرفة الدقيقة لملامح هذه الحرب ، رغم بداياتها تشير الى بانها حرب اقتصادية، بعد ان بدأ كلاهما بفرض الضرائب الكمركية على الصادرات بلديهما الى الحدود القصوى ، والاعلان عن منافسات شملت الكثير من الصناعات وتقنيات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ، واتباع سياسة التحريض لحلفائهما للاصطفاف ودعم موقفهما في المحافل الدولية المختلفة ، لكن الكثير يتوقع بان تلك الحرب ربما تتطور الى حروب من انواع اخرى نظرا لما يمتلكان من الامكانات الضخمة في كافة المجالات ، والتي لابد ان يكون لها عواقب على العالم جميعاً. وفي منطقتنا النفطية سيكون لها الثقل الكبير كاوراق للمنافسة فيما بينهما ، قد يقول احد ان بلدنا لا يدخل في حساباتهم ولا يكون من الاوراق المهمة في لعبة المنافسة ، لكن منطق الهيمنة والسيطرة هي السياسة الحتمية في قاموس القوى الكبرى ، وهنا في اطار تلك الاجواء المشحونة ، حيث بدأت بوادر المنافسة للاستحواذ على الاستثمارات في بلدنا ودخل في اجندة حساباتهما خصوصاً بعد الاتفاق الاقتصادي الصيني العراقي ، وظهرت محاولات عديد من قبل اطراف دولية فاعلة الى عرقلة ذلك الاتفاق وفي مقدمتها امريكا ، وخصوصا بعد ان اشار السفير الصيني في العراق الى الاستثمارات الكثيرة التي وصلت قيمتها الى 30 مليار سنويا ، ومن اهمها النفطية في حقلي ارطواي في البصرة وحقل الحلفاية في ميسان ، وان الصين من اكثر البلدان لها تبادل تجاري مع العراق ، وان بلدنا يعتبر بدوره ثاني بلد مصدر للنفط الى الصين، ، لكن ظهر جليا الخطوات العملية المتخذة لعرقلة وتسويف تلك الاتفاقيات من قبل الاطراف الدولية الرافضة والقلقة من توسع النفوذ الصيني الاقتصادي في العراق ، ، بعد ان ابرم العراق الاتفاقيات الثمانية المشتركة والتي قيمتها 500 مليار دولار للسنوات العشرة القادمة ، بعد زيارة عادل عبد المهدي رئيس الوزراء السابق للصين في ايلول العام الماضي، حيث من المقرر وفقها انضمام العراق الى المشروع الصيني المعروف بـ (حزام وطريق)، وهنا نتسال في مناخ التنافس الشرس بين القوى العظمى ودائماً لمصالحها ، تكون ساحات منازلاتهم وضحايا حروبهم المتوقعة من مقدرات وامكانات الدول الاخرى ، وبذلك يمكن ان نقول ان العراق دخل في حقل الغام المنافسة الاقتصادية والسياسية المشتعلة بين الصين وامريكا ، وان النتيجة كانت هلامية موقف العراق من تلك الاتفاقية رغم ابرامها واقعيا وعدم تحديد او معرفة السقوف الزمنية لخطوات تنفيذها ، وخصوصا بعد ان خفتت التصريحات والجدال والنقاشات الحادة التي صاحبتها على المستويات كافة بانها لم تكن اتقاقيات بل مذكرات تفاهم ، وعدم وجود جهود حقيقية في نية عقد اتفاقيات قابلة للتحقيق بتمريرها في ميزانية الدولة التي (تصيح من العوز والعجز)، نقرأ السلام على تلك الاتفاقيات وانها لا ترى النور او كأنها ولدت ميتة ، رغم حاجة العراق الملحة والماسة لتطوير البنى التحتية في مجالات الطرق والنقل والطاقة والسكن والبتروكيمياويات .