23 ديسمبر، 2024 11:33 ص

الاتحاد الوطني  .. ورحلته الناهضة  .. بالإرادة والتحدي..!!

الاتحاد الوطني  .. ورحلته الناهضة  .. بالإرادة والتحدي..!!

بلا شك ان الافكار الثورية لا تنبع  الا من نبع ثوري  ، ولا تتبلور الا من خلال المعايشة الدائمة لأحوال المجتمع  ودراستها بعقلية منفتحة  بهدف الوقوف على ما يعانيه الفرد ، وما يتطلع اليه من طموحات تتناسب مع أحقيته في الحياة الحرة الكريمة ، ومن أجل ذلك نجد ان الاحزاب الثورية لا تولد الا من رحم الاحزان ، ولا تجعل من نفسها بديلا لطموحات تلك الجماهير الا وقد تهيأت فكرا وعملا لخوض معاركها بالنيابة عنها وفق برامج ومناهج لا تخلو من دراسة العواقب والتداعيات لكي لا تفقد من مصداقيتها الثورية  ، ولا تتشوه صورتها الحقيقية بفعل تلك العوامل الميدانية  الخارجة عن ارادتها   التي تفرض نفسها بين الحين والاخر على ميادين نضالها المتعدد الجبهات ، والتي ربما تسبب في تراجعها بعض الشيء عن مسارها الحقيقي نتيجة لتشابك عوامل الضغط السياسي والميداني بعضها مع البعض …..

   ان الطبيعة الفكرة التي جاءت منها ولادة الاتحاد الوطني الكوردستاني في منتصف سبعينيات القرن الماضي  كانت بمثابة رد حاسم على تداعيات المرحلة التي عقبت نكسة ثورة ايلول عام 1975حين تأمرت القوى الكبرى على توجيه سهام غدرها بحق الثورة التحررية الكوردية  مقابل ضمان مصالحها في المنطقة التي بدأت تتأثر شيئا فشيئا نتيجة اتساع دور الروسي في العراق ومساحة تعاملها العسكري والتسليحي بموجب اتفاقات طويلة المدى  ابرمتها الروس مع النظام العراقي  ، والتي كانت تشكل خطرا حقيقيا على الامن في المنطقة بما في ذلك امن اسرائيل ، والذي كان النظام يسعى جاهدة لبناء ارضية للمواجهة الحقيقية مع اسرائيل من خلال  الترويج لشعاراته (كل شيء من اجل المعركة) و تحشيد الطاقات البشرية و الفكرية والسياسية  بهذا الاتجاه ، اذن كانت المؤامرة تحصيل حاصل في ظل القراءة الامريكية لطبيعة الاوضاع السائدة في حينها ، والتي كانت يتطلب تحركا امريكيا سريعا للوقوف بوجه المد الروسي  أولا ، ومن ثم جر العراق الى ساحة اللعبة  الدولية من خلال حث شاه ايران بقبول الوساطة الجزائرية وشروط المصالحة مع العراق  ، والذي استطاع ان يقرب الطرفان من بعضهما حيث تنازل ايران عن تقديم الدعم اللوجستي للثورة الكوردية وكان ذلك (الهدف الاسمى) من تلك اللعبة مقابل تنازل نظام الحكم في العراق عن حق السيادة على شط العرب وحركة مرور البواخر الناقلة للنفط الايراني …. بمجرد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ بين العراق وايران انعدمت سبل المقاومة الكوردية  الفعلية مع النظام  ، وأصبحت تلك الفترة من اصعب المراحل التي مرت بها الكورد ، الذي كان يترقب بحذر ممارسات النظام  وخشيته من ان تتحول الاوضاع الى الاسوء ،  و وسط هذا الجو السائد بتوزيع الادوار على اسس المصالح والمنافع على حساب القضية الكوردية أعلن من دمشق انبثاق تنظيمات الاتحاد الوطني الكوردستاني لتفاجأ الجميع بنبرة اصرار كوردية جديدة بحتمية استمرار روح المقاومة والمواجهة مع النظام الذي اصبح بسبب غباوته السياسية  ضحية لعبة امريكية جديدة في المنطقة تناوب على وضع قواعدها نخبة كبيرة من الخبراء في مجال صنع المكائد والحيل للوقوع بخصوم مصالح الكبار في المنطقة المحادية لدولة اسرائيل التي كانت تراقب الاوضاع في ظل تنامي قوة العراق الاقتصادية والسياسية  وخشيتها من ان تتحول في غفلة منها الى قوة ضاغطة على أمنها واستقرارها   ، وتخرج من نطاق السيطرة والاحتواء التي تكلفها ضريبة باهظة الثمن من الصعوبة تفادي أثارها المستقبلية ….

وكل ذلك يعني ان الادارة الامريكية تدرس  بحذر شديد كل الاحتمالات ، ولا تقبل بالفرص الممنوحة لكل النظم السياسية في المنطقة ، ولا تشعر بالحرج امام  احد حين تتنكر لتعهداتها ، بمعنى انها لا تتحكم بعواطفها حين تظهر معالم الخطر على مصالحها في المنطقة ….

اذن فيما  يخصنا نحن الكورد ودورنا في رسم الاحداث بما يتناسب مع حجم طموحنا القومي والوطني في تلك الفترة العصيبة كان ينحصر في اثبات وجودنا مجددا على الساحة السياسية العراقية كقوة ضاربة ، و اهمية تجاوز حالة الركود والياس التي اصاب الشارع الكوردي ، والعمل على انتزاع الفرص من بين مخالب النظام بل وخلقها ، وعدم منحه فرصة تمرير مخططاته العدوانية الشرسة  رغم صعوبتها نتيجة التعاطف الدولي والاقليمي مع النظام الذي اصبح العراق  بموجب اتفاقاته المبرمة مع السوفييت الى اكبر ترسانة عسكرية للسلاح الروسي  في المنطقة ، الا ان ظهور الاتحاد الوطني الكوردستاني واشعاله لفتيل المقاومة بعد شهرين من نكسة ايلول قد منحت الفرصة للمناضلين بالعودة الى الساحة للقيام بمسؤولياتهم التاريخية ، والتي وفر للاتحاد الوطني الكوردستاني  فرصة  تعزيز وجوده  كأول تنظيم سياسي وعسكري كوردي بإمكانات محدودة التي ما كانت تتجاوز بضعة بنادق روسية ابى الاستسلام والخضوع للإرادات الدولية والاقليمية , و أطلق أول رصاصة بوجه القوات العراقية في بدايات عام  1976في قرية (تبة زيرنة) حيث استطاع سبعة فقط من مقاتلتي الاتحاد الوطني الكوردستاني اقتحام احدى الرواقم التابعة للنظام وكبدوها افدح الخسائر ، وتلك كانت البداية لكوادر الاتحاد الوطني الكوردستاني بشقيه التنظيمي والعسكري ان يمتلكوا قوة المباغتة والهجوم على مواقع النظام ، وان يرسموا الاحداث المتتالية بهمة وعزيمة أكبر ، خصوصا حين افشلوا من رهانات النظام على ضوء توجيهات أمينه العام مام جلال الذي كان لتفاؤله الكبير بحتمية الانتصار من اكبر العوامل التي زادت من ثقة الجماهير بهذا التنظيم بل ومنحها زخما معنويا عاليا بأهمية مواصلة النضال ضد النظام العنصري والشوفيني  ،  ومنذ ذلك الحين أصبح الاتحاد الوطني الكوردستاني من الارقام الصعبة التي لم تتمكن النظام من احتواء فعالياتها الميدانية ، أو الوقوف بوجه مقاتليه وهم  يتقدمون الصفوف ويدخلون اكبر المعارك ويحسمونها بقدراتهم البسيطة التي لم تكن متقاربة مع قوات النظام  من حيث العدد والعدة   ….

اذن ما نجده اليوم على ارض الواقع في مسيرة الاتحاد الوطني الظافرة من مكانة وما يتمتع بها من قدرة على العطاء والتي بدأت اول خطوتها قبل 39 عاما ما هو الا ذلك الرصيد البطولي  الذي وفرته المناضلون الاوفياء مع الانطلاقة الثورية الكبرى التي عقبت حال اعلان  اشراقة نور جديد يحمل معه امال الملايين من ابناء شعبنا الكوردي ، والذي أعتمد في جوهره ومضمونه على مطاولة الكفاح والاصرار على الوقوف بوجه النظام الاستبدادي مهما كان الثمن والتضحيات …..

تحية لمام جلال المناضل والانسان  ولرفاقه المناضلين مؤسسي الاتحاد الوطني الكوردستاني  في يوم تأسيسه الذين اعادوا للكورد املهم بالحياة الحرة الكريمة ..