23 ديسمبر، 2024 6:10 ص

الاتحاد الوطني وحركة التغير يصران على التغريد خارج السرب الكوردستاني 

الاتحاد الوطني وحركة التغير يصران على التغريد خارج السرب الكوردستاني 

ليس من باب الصدفة ان تتزامن المصادقة على الاتفاق بين الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير مع قرب مرور مائه عام على اتفاقية سايكس بيكو التي عقدت في 16 – 5- 1916 (قبلها بيومين) , وفي اليوم الذي توجه فيه الاف الكورد للتظاهر ضدها والتنديد بها , ومع المحاولات الحثيثة لحكومة اقليم كوردستان لاجراء الاستفتاء الشعبي على تقرير مصير كوردستان .. وكذلك ليست مصادفة ان تعلن ايران بعد يوم من التصديق على تلك الاتفاقية عن توجيهها دعوة رسمية الى السيد مسعود البارزاني لزيارتها .
من البديهي ان الجهات الاقليمية المتوجسة من استقلال كوردستان لن تنتظر اجراء الاستفتاء كي تبدي بعد ذلك رفضها لها ( فالوقوف امام خيارات الشعوب السلمية امر مرفوض دوليا) , لكنها ستحاول ما في وسعها لعرقلة اجرائها , واسهل وسيلة لذلك هي افتعال مشاكل داخلية واثارة الوضع السياسي الداخلي لالهاء الشعب الكوردي وقطع الطريق امامه للذهاب الى ذلك الخيار وذلك بدفع اطراف داخلية متواطئة للقيام بهذا الدور المشبوه بدلا عنها .
فما سرب الى الاعلام من بنود الاتفاق بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير يثير تساؤلات كثيرة , في ان المصادقين عليها يفتقدان شمولية الرؤية وقدرة تحديد الاولويات امام قضية مصيرية مثل قضية الاستقلال . ويظهر ان ايران قد استطاعت من خلالهما استنساخ تجربة المالكي و ائتلافه في كوردستان , في اثارة الازمات مع الشركاء السياسيين بمناسية وبدون مناسبة لاضعاف العملية السياسية وتشتيت اركانه الامر الذي اوصل العراق الى حافة الهاوية الذي نشاهده عليها الان .
ودعونا هنا نستعرض بعض التساؤلات المهمة حول بعض تلك البنود المسربة والتي تكتنفها شبهات كثيرة : –
1 – تحول حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الى حزب ظل لحركة التغيير يتعقب خطواتها الخطوة تلو الاخرى ويتبنى مواقفها حتى وان كانت مواقف فوضوية في اكثر الاحيان … وذلك لسببين : –
الاول … هاجس الخسارة التي مني بها الاتحاد في الانتخابات الاخيرة , وتخوفه من ان اتخاذه لاي موقف مخالف لحركة التغيير قد تكبده خسائر اكثر , لذلك بدا يسايرها في جميع مواقفها خاصة بعد افتقاده لبوصلة القيادة , مع ان الاتحاد كان شريكا حقيقيا لمجري العملية السياسية والاجراءات التي اتخذتها حكومة الاقليم منذ الالفين وثلاث ولغاية يومنا هذا .
الثاني … تعرضه لضغوطات ايرانية تحتم عليه تنفيذ سياسات حتى وان كانت على حساب القضية الكوردية على مبدا ( مجبر اخاك لا بطل)
في الحقيقة لا يجدر بحزب يمتلك ارثا نضاليا طويلا في الحركة الكوردية كحزب الاتحاد ان يصبح ظلا لحركة التغيير ذات العمر السياسي القصير , فهو بذلك يفتح المجال امامها كي تكون المبادرة بيدها , وان تفرض نفسها على الساحة الكوردستانية كقوة ثانية بدلا عنه . فمواقف الاتحاد الوطني اصبحت صدى لمواقف حركة التغيير في الوقت الذي توجد احزاب اصغر من الاتحاد الوطني لم يصبحوا امعة يدورون حيث تدور التغيير .
2 – تناول الاتفاقية لمشكلة نظام الحكم في كوردستان وتاكيدها على ان يكون نظاما برلمانيا ينتخب رئيس الاقليم من خلاله , واصرارها على تطبيع وضع البرلمان دون شروط .. كل ذلك يشير الى سوء نية الحزبين في حل هذه القضايا , ومحاولة للي ذراع حزب الاغلبية ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني ) في بدء مفاوضات جديدة من الصفر على تلك الملفات , ضاربين عرض الحائظ الاجتماعات الاحد عشر التي عقدت بين الاحزاب الكوردستانية لحل تلك المشاكل .
3 – استخدام الاتفاقية للغة متشددة وبعيدة عن المرونة في تناول المشاكل الداخلية لاقليم كوردستان , ولغة (الحمل الوديع) التي استخدمتها في تناول المشاكل مع بغداد مع انها اخطر واكثر الحاح , يشير الى ان الحزبين يراهنان على ابقاء المشاكل
عالقة في الاقليم من جهة , والتقرب من بغداد على حساب الاطراف الكوردستانية الاخرى وحساب اهداف وطموح الشعب الكوردي من جهة اخرى .
4 – تركيز الاتفاقية على المشاكل الداخلية في كوردستان واهمال المشاكل الكبيرة المصيرية للشعب الكوردي مع بغداد وعدم الخوض فيها يشيران الى نقطتين : –
الاولى … ان قضايا الامن القومي الكوردي لا تشكل اولوية عند الحزبين .
الثانية .. المهام الموكلة للحزبين هي التضحية بالحقوق الكوردية واستمرار اثارة الازمات داخل كوردستان مقابل دعم ايراني لا محدود للطرف الذي يثبت انبطاحا اكثر لها .
5 – عدم تطرق الاتفاقية لموضوع الاستفتاء على مستقبل الشعب الكوردي , وعدم ابداء الراي فيها وان كان على سبيل مجاملة الشارع الكوردي , يشيران الى عظم رضوخ الحزبين للاملاءات الايرانية في عدم رغبتهما اثارة غضبها وعلى حساب مصلحة الشعب الكوردستاني .
6 – ما يدعو للاستغراب هو انه ورغم فشل النظام البرلماني في حكم العراق , فان الحزبين لا يزالا يصران على ضرورة اتخاذه نموذجا للحكم في كوردستان . وفي تصورنا فان تطبيق اي نظام حكم برلماني بالوضع السياسي الحالي لكوردستان سيجعل من العملية السياسية فيه عرضة للاختراق من قبل دول المنطقة كما حصل سابقا مع برلمان بغداد , وهذا ما تحاول تلك الدول تطبيقه في كوردستان كي يسهل عليها ضرب كوردستان سياسيا متى ما شاؤوا مثلما حصل في العراق .
الظروف المهمة والحساسة في حياة الشعوب تحتاج الى قيادات استثنائية تضع نصب عينيها مصلحة الشعوب متعالية عن سفاسف الامور والتراهات السياسية , وكان حريا بالحزبين ( الاتحاد الوطني والتغيير) الابتعاد عن هذه الصيغة المشبوهة من الاتفاقيات , واستبدالها بلغة تدعو للحوار والمرونة , تفضيلا للمصلحة العامة على المصالح الحزبية , وتعضيدا لوحدة مواقف الاحزاب الكوردية , وتاجيل البت بالمشاكل العالقة الى ما بعد الاستفتاء بمواعيد وتوقيتات يتفق عليها من قبل جميع الاطراف , فكل المؤشرات تدل على سهولة حل هذه المشاكل بعد الاستفتاء خاصة مع تصريحات السيد مسعود البارزاني والمرونة التي يبديها في هذا الموضوع .
[email protected]