يعيش الشارع العراقي حالة من التنازع الفوضوي والتعامل السياسي والاجتماعي المزري، بسبب التنافس الانتخابي المرتقب الذي سوف يشكل انعطافة مهمة في الوضع العراقي الراهن، حسب آراء البعض، أو استمرار الفشل والتدهور الواقعي على رأي البعض الاخر، وهذا الاختلاف نشأ نتيجة عدم وضوح الصورة الحقيقية للعملية السياسية الحالية التي عليها علامات استفهام كثيرة. بل الطبقة السياسية جميعها تعاني من عدم وضوح الصورة في نهجها السياسي، حيث اليوم يطلق مفهوم الإسلام السياسي على الأحزاب التي تدخل معترك السياسة، وتشارك في الحكم وصنع القرار، وتتبنى في برامجها أحكام الإسلام وتشريعاته التي تعتبرها المرجع الأساسي وربما الوحيد في استنباط الأحكام وتشريع القوانين، والحكم على الأشياء والممارسات حكما واضحا وفق أسس الحل والتحريم وغير ذلك، لكنها في الحقيقية تتخبط وتتصارع فيما بينها كأنها ليست على نهج قراني واحد ونبي واحد، وليس لها قدرة أو رؤية في بناء دولة إلى الان!.
في حين تتبع اليسارية بشكل عام المنهج العلماني، وهو المنهج الذي يقوم على الفصل بين الدين والدولة، حيث يرى بعض اليساريين المتطرفين أن مهام الدين يجب أن تكون محدودة ومحصورة بشكل كبير في جميع نواحي الحياة أو حتى يجب أن تقمع نهائيا، بينما هناك بعض اليساريين الأكثر تسامحا الذين يرون أن الدين لا يجب أن يتدخل في السياسة فقط، وهو يمثل علاقة روحية بينك وبين ربك.
اليوم السياسة في العراق بشكل عام تعاني من عدم التمسك بالمبدأ الفكري الصريح لكل جهة، وعدم الطرح الحقيقي للمنهاج السياسي المتبع لتلك الجهات، وهذا انعكاس مجتمعي في تقدير أفكارهم ومنهاجهم، فلو عرف أصناف المجتمع أفكارهم وفق منهج موضوعي دقيق، لعرف الجهة السياسية الصحيحة التي تتماشى وفق أفكاره وتطلعاته السياسية، لكن المواطن العراقي غير محدد المنهج والاختيار الحقيقي، وإنما تكون اختياراته حسب حاجته الماسة للشيء، وهذه حالة طبيعية في ظل العوز المادي والفكري في المجتمع.
إن تداعيات مقاطعة الانتخابات لا يجوز اعتبارها أجندة خارجية والتعامل معها على اساس ذلك، وإنما هي تعبير عن الاعتراض على الوضع الراهن، لأن الانتخابات حق وليس واجب، وهذه حالة طبيعية في جميع الشعوب التي تخضع لعمليات انتخابية.
حيث من وجهة نظر أخرى لابد من المشاركة الواسعة في الانتخابات القادمة لقطع الطريق أمام الفاشلين والفاسدين، والمضي بالنظام الديمقراطي والتبادل السلمي للسلطة.
نحن اليوم بحاجة لصنع عقول نيرة، ونفوس راقية، تتجسد في إنسان واع ومدرك لمفاهيم حياته، ومختارا لنهجه الحقيقي، ومبادئه الحياتية القيمة، لأن المواطن المتخبط فكريا سيعكس وضعا سياسيا متخبطا، وطبقة سياسية فاشلة. نحن نحتاج رجلا إسلاميا يطبق مفاهيم الإسلام القيمة والحقيقية
ليقدم للمجتمع طبقة سياسية اسلامية راقية الفكر والمفاهيم تحرم سرقة اموال البلد، وبحاجة الى رجل علماني او شيوعي او مدني او لبرالي يطبق مفاهيمه وتطلعاته وفق مبدأه الرصين، ليقدم للمجتمع طبقة سياسية ناجحة في بناء الدولة.
إن الحياة ملك الجميع، والعراق ملك العراقيين كافة، فمن حق الجميع ان يعيشوا أحرارا متساويين بالحقوق والحريات كافة.