8 أبريل، 2024 3:49 م
Search
Close this search box.

الابعاد والاثار الكارثية للحرب الاقتصادية الاميركية

Facebook
Twitter
LinkedIn

عاد للواجهة مصطلح “الحرب التجارية” بعد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم، ثم تهديده بفرض مزيدا من القيود على الواردات من الصين والاتحاد الأوروبي، والذي قوبل بتهديد مماثل من الطرفين بفرض رسوم على الصادرات الأميركية.

وعلى الرغم من أن الحرب التجارية هي المصطلح الأبرز حاليا،(حيث انه في العلوم السياسية، فإن العلاقات الدولية ليست سلمية بشكل صرف أو حربا صريحة تشن من جانب على أخر، لكن بين السلم والحرب درجات عدة تقترب او تبتعد من أيهما)، إلا ان هناك خلطا في بعض الأحيان بينها وبين الحروب الاقتصادية.

إن الهدف من الحرب الاقتصادية هو شل الخصم عن طريق تقليص قدرته على تمويل الإنتاج وإنجاز المعاملات المالية أو القدرة على التحكم في عواقب فشلها، حيث انه لم يعد يعبر عن القوة، بل الحصة في السوق الدولي، وبنسبة النمو، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وتدخل منظمة حلف شمالي الاطلسي بزعامة الولايات المتحدة في العراق وتدميره، وفي يوغوسلافيا السابقة، ويشهد مفهوم الحرب الاقتصادية، من واقع، أنه لم تعد الكتل الايديولوجية –السياسية، هي التي تتصارع في العالم بل الدول أو الكتل الجيو- سياسية “وهذا لا يبتعد مطلقاً في العالم، ، كونها حضارية في الوقت نفسه”، هي المتخاصمة والمتزاحمة.

تخيلوا ان حربا مشتعلة في الفضاء الاقتصادي، حيث تجبر أمم على التضحية بمليارات الدولارات في سبيل النجاة حيث إن الحروب الاقتصادية قادرة على تدمير الصناعات الحيوية وعزل البلدان عن السوق العالمية والتسبب في إفلاس بنوك خلال أيام قليلة وإحداث الفوضى والمجاعات وتغيير أنظمة الحكم.

وحيث ان إن مفهوم الحرب الاقتصادية ليس جديدا، حيث كان أول ظهور لهذا المفهوم في أمريكا إبان حكم إدارة الرئيس آيزنهاور، فقد لجأ إليها في أعقاب غزو السوفييت للمجر وقمعهم لثورتها عام 1956، كما أشعلتها سيطرة حلفاء الناتو على قناة السويس. فلكي يجبر بريطانيا على الانسحاب من القناة، منع صندوق النقد الدولي من توفير مبلغ 561 مليون لسداد أحد الديون، ومنع بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي من تقديم قرض يبلغ 600 مليون دولار إلى بريطانيا، والتهديد بتخلص أمريكا من سندات الباوند – دولار إذا لم تنسحب بريطانيا. وقد لجأت الولايات المتحدة إلى استخدام الحرب الاقتصادية أكثر من 110 مرة في القرن العشرين، وذلك لفرض تغيير في السياسات أو لإنهاء برامج للتسلح أو لإسقاط حكومات.

لذلك يمكن للحرب الاقتصادية دعم أهداف السياسة الأمريكية ( كما يراها الامريكان انفسهم ) عن طريق مهاجمة النخب الاقتصادية وتدمير التجارة واستنزاف احتياطيات النقد الأجنبي وخفض مستوى الإنتاج وزيادة التضخم ومعدلات البطالة، وزيادة الاضطرابات الاجتماعية والعمالية وتسريع هجرة السكان. كما يمكن للحرب الاقتصادية مساعدة الجنود في الحروب عن طريق شل قدرة العدو على إنتاج المواد الحربية

ان القدرة الاقتصادية هي وسيلة هائلة الاهمية في يومنا المعاصر لما للاقتصاد من عوامل مؤثرة في السياسات الدولية. وترتبط هذه القدرة بعدد هائل من الوسائل والالنشطة الخاصة كالتصدير والاستيراد والسلع والخدمات، ومنح المساعدات الاقتصادية، وتبادل الثروة والمعاملات المالية وأدوات الحماية التجارية، والعقوبات والمقاطعات االقتصادية، ومنح األفضليات التجارية كوضع الدولة األكثر رعاية، وأدوات تحديد سعر صرف العملة الوطنية، والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في الخارج، وأشكال المفاوضات كافة الخاصة بتنظيم التعاملات الاقتصادية، والتعاون الإقليمي. فقد أصبح الاقتصاد محور عمليات تفاعل واسعة النطاق بين الدول التي تؤثر فحسب على رفاهية الشعوب وإنما على أمن الدول.

من منظور السياسة، تعتبر الحرب المالية ( حرب الاقتصاد ) أمرا منطقيا لأنها تتيح الخيارات السياسية من خلال التمويل الذي كان يجري الحصول عليه في السابق فقط عبر القوة المسلحة.

اي يمكننا القول :- إن الحرب الاقتصادية وسيلة جديدة لفرض السلطة والتي تقدم للولايات المتحدة نفوذا ضخما إلى جانب قدراتها التقليدية. ويمكن للحرب الاقتصادية دعم أهداف سياسة الولايات المتحدة بمهاجمة البنية التحتية الاقتصادية للعدو وتشويه النخب الاقتصادية أو تدمير البنية الصناعية، كما أن عمليات التجسس في الحرب الاقتصادية يمكنها مساعدة الاستخبارات على جمع وتفسير أنماط ردود فعل العدو. فضلا عن أن الحرب الاقتصادية على النظام السياسي للعدو سيساعد الجنود في الحرب على الحد من قدرات العدو على إنتاج المواد الحربية. وأخيرا، مع ارتفاع العجز في الميزانية وازدياد الدين القومي، فإن الولايات المتحدة عرضة بشكل كبير لمثل هذه الحرب، ويجب عليها النظر في دراسة وتطبيق دفاع ملائم للحرب الاقتصادية.

اي يمكننا القول بشكل اكثر دقة، ان الحرب الاقتصادية، تتضمن كل الأدوات الاقتصادية التي يمكن أن يستخدمها طرف أو أطراف ضد أخر أو أخرين، ومن ثم فهي تشمل الحرب التجارية مثل فرض الرسوم الجمركية، والحرب المالية كحظر الأنشطة المصرفية والتحويلات المالية، والمقاطعة الاقتصادية بالحظر الشامل على سلع ومنتجات الدولة، أو الحصار الاقتصادي الشامل أو الجزئي، وصناعة الأزمات الاقتصادية كالتلاعب بالبورصة او العملة المحلية والسندات، واستخدام الأموال الساخنة في الإضرار باقتصاد الدولة وسياسات الاحتكار لسلعة أو سلع استراتيجية تطلبها الدولة المستهدفة بمنعها عنها او إغراق أسواق الدولة بمنتج أو منتجات معينة لضرب منتجاتها الوطنية، اي إن شن حرب اقتصادية من طرف دولة على أخرى يعد أحد أدوات الصراع المستخدمة لإرغام الطرف الأخر على الخضوع للطرف الأول بما يحقق مصالحه سواء شمل ذلك تنفيذ سياسات معينة او الامتناع عن أخرى، وهذا يعزز مقولة ان الحرب الاقتصادية هي أحد الأدوات في الحروب بين البلاد، وقد تكون بديلا أو مقدمة للحرب الشاملة التي تتضمن استخدام القوة العسكرية بعد أن كان مفهوم الحرب يقتصر في بعض الأدبيات على القوة العسكرية فقط.

وبعد كل ذلك، لابد من طرح التساؤل التالي:

هل ستنجح اميركا في حربها الاقتصادية ضد الجمهورية الاسلامية بعد ان فشلت في حروبها الاخرى ( المخابراتية واحيانا العسكرية ….الخ ) ؟

ولعل التساؤلات التالية تمثل بشكل او باخر اجابة معقولة ومنطقية على التساؤل الانف الذكر،

1. هل هذه الحرب الجديدة شرعية واخلاقية ؟…

2. هل ان امريكا قبضت مسبقا مبلغ هذه الحرب من الخليجيين المعروفيين بعدائهم للجمهورية؟

3. مالذي يريده الامريكان ؟ ومالذي يريده امراء الحرب الخليجيين ؟

4. كيف تكون اقتصاديات العالم اذا زاد سعر برميل النفط عن 200 او اكثر بكثير؟

5. هل وضع الامريكان وحلفاؤه في اعتبارهم غلق مضيق هرمز ؟

6. هل نسوا ان هذه اللعبة ( الحرب الاقتصادية ) قد تؤدي وحتما ستؤدي الى حرب تشعل الاخضر واليابس ؟

7. هل يتحمل الشعب الامريكي واوربا … الاف الجثث والاف المعاقين والمشوهين … والاف المفقودين ؟.

8. اين اسرائيل من كل هذا الموضوع؟

9. هل فكرت اسرائيل مالذي سيكون مصيره ؟

وستكون لنا وقفة اخرى مع تلك الاثارات والتساؤلات.

صلاح الاركوازي

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب