يتعايش الإنسان الفقير ثقافياً مع مجموعة من التناقضات و الإيهام التي يلقنها البعض من السياسيون له والإيهام تعني الغلط والخطأ، ويستعمل أيضا بمعنى التخييل، والتشبيه، والإخفاء، والتلبيس يقال: وهمت في الحساب: إذا غلطت فيه. والإيهام: التخطئة. والجمع: أوهام. ومن معانيه أيضا: الظن والريب والشك والسهو والترك، كقولهم: توهمت فلانا معي، أي: ظننته معي، وأوهم من الحساب: إذا ترك منه شيئا ، لذلك يقع الكثيرين في الوهم النسبي ويكون كلّ هدفهم الدخول في منظومة السلطة والتحوّل من ضمن حاشيتها، ليس من اجل عمل سياسي او مشروع بنيوي للمجتمع ، وإنّما لإرضاء الغرور الذاتي، أو أنه يجب أن تكون له حصة من مغانم السلطة تحت تبرير معيار الكفاءة. ورغم ذلك لا يريد أن ينتقده لأنه يبقى مواطننا صالحاً بل انما يحوّل إلى ذيل ومدّاح لمن هم في السلطة. سواء أكان النظامُ اين كان ذلك النظام بل هو واجهة لمافيات سياسية تهيمن عليه قوى اللادولة ، واليوم كل اصحاب السلطة يسعون للحصول على الوضع الذي يضمنه لقب الديمقراطية و مصممون على ألا يدعوا الحقائق المجردة تقف في طريقهم، فأجادوا تمام الإجادة فن الشعارات الديمقراطية التي لها أقل العلاقة بممارسات الحُكم ، إن هذه الإساءة في استخدام الديمقراطية ليست بالشيء الجديد في العالم والعراق الحاضر لا يختلف في شيئ منها و في الديمقراطيات الهشّة كما هي في العراق ، التي تتحكم بها قوى اللادولة، لذا هناك فثمة حاجة ماسة وعاجلة إلى رد كامل معنى الديمقراطية كمفهوم إليها في مثل هذا النظام ولا يعني هذا القول بوضع تعريف ضيق محدد للحُكم. فالديمقراطية المشرعة في الأساس لها أشكال كثيرة في النظم،
وفي مثل هذا النظام الهش يكون المواطن إزاء محنة أكثر تعقيداً مع الحكومة ويحاول النظام قمع من يسعى الاثارة في نقل الحقيقة لهذا المفهوم وإعادة تعريف الديمقراطية بإدخال نعت مدمر على التعريف أو وصف متناقض. لشُل الديمقراطية بإغلاقه لكل مراكز التأثير في المنافسة ، مما يعني أن الديمقراطية هي ما تريد السلطة لها أن تعني في مفهومها . ومع قبض الحكومة على المعارضين وخنق اراداتهم، و يكون الموقف محصوراً بين ثلاث خيارات عند الضعيف : الهروب، أو الانعزال، أو التبعية للسلطة. والمحنة تكون مركّبة وأكثر تعقيداً، المحنة الأولى تكون أمام تحدّي الثبات على المبادئ والأفكار التي يطرحها أو يدعو إليها القوي، وبين الانفتاح الذي يشهده المجال العام للمشاركة في السلطة، فيقع المواطن ضحية بيد الاحزاب والقوى السياسية المتنفذة التي لا تؤمن بمبدأ الكفاءة والخبرة، وإنما معيارها الأول والأخير هو السَّمع والطاعة لِمن تَمنُّ عليه بمنصبٍ سياسي، إذ الحصول على المنصب لا يتمّ إلّا من بوّابة القبول والرّضا الحزبي والقبول بمبدأ الافساد والشراكة بنهب المال العام.ولعل تزوير الانتخابات كما هو المألوف من الطرق الأكثر انتشاراً لتفادي ما تحمله الديمقراطية من عدم يقين وتقلب عندهم ولم تتم ملاحقة أحد جراء التزوير البيّن في مراكز الاقتراع وشراء الأصوات كما كانت النتائج في الانتخابات السابقة وكذلك الترهيب السياسي الذي كان محورياً في “انتخاباتهم”، فمال الشعب الى عدم الثقة بهم والتي لا تهم احد من القادة مادام هو جالس على مقعده ومسؤوليته وسوف تنعكس في نسبة المشاركة القادمة ،ان الانتخابات العادلة تعتمد على استقلالية الأشخاص الذين يديرونها، لذا فليس من المدهش أن أحد الأساليب المفضلة للحُكام الحاليين لكي يتلاعبوا بالانتخابات و أن يكدسوا الآلة الانتخابية بمناصريهم،كما ان الانتخابات النزيه تتطلب صحافة حرة؛ وللسماح بالانتقاد العلني لرؤى المرشحين السياسية وان عمل الإعلام جوهري وضروري لتوضيح وإبراز اهتمامات العامة بين الانتخابات… وهو من المدخلات الهامة بما أن مجرد تصويت واحد كل بضعة سنوات هي طريقة غير كافية للكشف عن الاهتمامات العامة لهذا فمن غير المدهش أن القيادة التي تحاول التحكم في العملية الديمقراطية لتقوم بإسكات الصحافة اذا لم تكن تخضع لها وهو الذي لا يقبله العقل والمنطق لان عندما يكون هناك تَوجيه وتَذْكير وإِمْلاءات من شخص ما إلى آخر، يشعر الآخر أنه قليل المعرفة وفي مستوى أَدْنى من مستوى الأول، و يشعر الآخر بِضُعْفِه وقِلَّة حِيلَته. هكذا يبث الساسة بإعلاناتهم الموجهة للجمهور على أنها تريد مصلحة الجمهور الذي لا يعرف مصلحته وهم عنه جاهلون، فتُمَرِّر مخطَّطاتها الفاسدة على شعبهم.
ان من المهمات الحياتية هي في حقُّ الإنسان امتلاك عقله الذي وهبه إياه خالقه ليفكر كما يشاء، لا كما يريد له الآخرون، حق الإنسان لكي يكون حرًا طليقًا في مكان ليس بِغابْ، ولا هو مَعْمَلٌ للفُحوصات والتَّجارب والاختبارات و لم يعد عالمنا اليوم عالمًا مغلقًا، بل أصبحت حدود الدول المَرْسومة لتكون فاصلاً بين دولة وأخرى في الاستقلال والحرية وتمييزها كخطوط على لوحة في فصل دراسي يتم من خلالها تعليم الطلاب بأشكالها ومساحاتها وعدد سكانها.