18 ديسمبر، 2024 11:19 م

الإنكسارات الروسيّة الخفيفة , وما بعدها .!

الإنكسارات الروسيّة الخفيفة , وما بعدها .!

على الرغم من اضطرار موسكو لسحب قواتها من منطقة ” خيرسون ” التي سبق وان احتلت نحو نصفها , وكذلك الأمر بأنسحابها الآخر من مدينة ” ليمان ” الأوكرانية , إلاّ أنّها ليست اراضٍ روسيّة اولاً , ثُمّ ما برحت مساحات من المناطق والمدن التي تشكّل خمس الأراضي الأوكرانية تحت سيطرة الجيش الروسي < وزاد الطين بلّة أن استعاد الأوكرانيون يوم امس 5 بلدات صغيرة اخرى بمحيط مدينة ليمان .! > , وبما يشكّله هذا الجانب التعبوي في مجال التكتيك العسكري القابل للتغيير , إلاّ أنّ ذلك دفع ” فرانسيس فوكوياما ” – صاحب كتاب نهاية التأريخ الشهير – لأنّ يتنبّأ بهزيمة روسيا في هذه الحرب .!؟ , وبدا أنّ السيد فوكوياما كان تحت تأثيراتٍ سيكولوجيةٍ ما , وربما بأحتمال ممارسة ضغوط سياسية امريكية ليدلي بدلوه المثقوب بهذا الشأن , وهو أبعد خلق الله عن الشؤون العسكرية والحروب ومدلولاتها .. ذات الأمر كذلك دفع بالستراتيجي الأمريكي الشهير هنري كيسنجر أن يغيّر موقفه الذي ادلى به في مؤتمر دافوس الماضي حول ضرورة إنهاء وايجاد تسوية للحرب مع موسكو ” خلال شهرين حدّدها ” والتي تتضمّن تنازلاتٍ اوكرانية عن بعض مدنها واراضيها المحتلة .! , ليعود كيسنجر ذو ال 96 عاماً ليدفع ويندفع نحو إدامة وتعزير الحرب مع الروس < ولا نزعم أنّ هذه السّن من العمر لها ما لها من تأثيراتٍ ما في الشأن الدولي >

   لعلّنا ” بشكلٍ او سواه ” قد ابتعدنا عن صُلب الموضوع , وبتفرّعاتٍ كان لابدّ منها , حيثُ : رغم أنّ القيادة العسكرية الروسية حافظت على سلامة قواتها في تلكم الأنسحابات التكتيكية , والتي تفتقد ايّ مسوغٍ اضطراريٍ في الإبقاء على تلك القوات لخوض معاركٍ جانبيةٍ تعرّض سلامة جنودها دونما اهدافٍ ستراتيجيةٍ ولا حتى اقلّ منها .! , لكنّه خلف وأمام هذه الجزئية العسكرية – الروسية والتي لا تقدّم ولا تؤخر في مجرى الحرب القائمة , فإنّ صورة روسيا كدولة عظمى ” ووريثة الإتحاد السوفيتي السابق ”  قد اهتزّت أمام رؤى الرأي العام العالمي وربما حتى الداخلي الروسي جرّاء هذه او تلك الإخفاقات لبعض الوحدات العسكرية الروسية – المحسوبة على بوتين .! ومن الجانبين السايكولوجي والسوسيولوجي بالدرجة الأولى !

   موضوعياً , ينبغي الأخذ بأكثر من اعتبار أنّ الجيش الروسي يفتقد تجارب الممارسة الميدانية والإختبار والمناورة في ايّ معركةٍ منذ الحرب العالمية الثانية < و انّ حرب نهاية سبعينيات القرن الماضي في افغانستان كانت من نصيب جيوش الإتحاد السوفيتي السابق المتنوعة , وكانت حرباً غير تقليدية , اذ جرى التورط فيها مع حرب عصابات مع ما يسمى بالمجاهدين الأفغان ! بأمرة وقيادة CIA والسعودية , والتي افرزت فيما بعد : < بن لادن والقاعدة والظواهري وذلك البغدادي وداعش ورُبَّ هَلمّ جرى >!

    ازاء الإستقراء المبكّر لمجريات ما يجري , فلم يعد أمام الرئيس بوتين ايّ خيار آخر ” وربما على الإطلاق ” ليس بأستعادة المناطق التي فقدتها قواته مؤخراً فقط وبضربةٍ خاطفةٍ ومرتقبة ” غدت تتعلّق بالإعتبارات اللوجستية والإستخبارية وما يرافقها من عنصر الوقت – غير القابل للتأخير –  لكنّما بإثباتاتٍ عمليةٍ ” وربما مجسّمة ” بالضد من التكالب الغربي الشرس ضد روسيا , والذي يجري التمهيد له روسياً بتلمحياتٍ نوويةٍ ما او بأسلحة دمارٍ شامل لم يجر الكشف عن تفاصيلها من قبل موسكو , وتجري عبر الأهداف المزدوجة وكسلاحٍ اكثر من حدّين .!

   نُسجّل هنا من الزاوية الإعلامية الخاصة أنّ عملية الهجوم الروسي عل اوكرانيا في شهر شباط الماضي , قد افتقدت كليّاً او نحوه , ايّ استحضاراتٍ معنويةٍ ووطنية مسبقة لتهيئة الجمهور الروسي وتعبئته في هذا الصدد وما يتبعه من متطلباتٍ تتعلّق في بعض جوانبها بالحرب النفسيّة , واخرى بالمتطلبات الأخريات حول الإعداد السيكولوجي للجبهة الداخلية , والتي تأخّرت موسكو كثيراً , لكنما ومع كلا ” اللُتيا والتي ” فلا مساحة ولا مجال أمام موسكو سوى الإختزال في الرّد الصاعق , وربما المرتقب جداً .! , ولا ايّة مجالاتٍ مفترضةٍ لمحاولة الإنتحار السياسي .! , والقادم على الصعيد العالمي ربما يضحى هو الصادم , ولعلّه بالمعنيين المتضادين ايضاً .!