23 نوفمبر، 2024 4:14 ص
Search
Close this search box.

الإنقاذ بالعقل لا بالشكل؟!!

الإنقاذ بالعقل لا بالشكل؟!!

هناك وطن تتحكم به العواطف الهوجاء , والمشاعر السلبية الهابة من كل الجهات , وتنشب مخالبها فيه الإنفعالات المحتقنة المندملة في غياهب النفوس الأمّارة بالسوء , حتى وجد حاله على ظهر زوبعة غيراء سوداء , لا تبصر ولا ترى غير الدموع والدماء , ولا تفعل سوى الدمار والخراب والتفنن بصنوف القهر والعذاب.

وطن غادره العقل فكيف به أن يصل إلى موانئ الرجاء والرخاء ويتحسس مفردات وقوانين العصر؟!

وطن هبّت عليه الزنابير وإجتاحته الطيور الجارحة , وأغارت عليه الوحوش الضارية المفترسة السابغة , وتحوطته النفوس المبربمجة والعقول المُخرَّبة المذهوبة المسروقة , المخدرة بالأوهام , حتى راحت تهذي في ربوعه بالتضليل والخداع اللذيذ.

وطنٌ أفنته الأكاذيب وحطمه الفساد , وترعرع في دياجير ويلاته السكارى بما يسمونه دين , وجلست على رقبته أحزابٌ تقنعت بدين , وعبثت بكل ما فيه قِوى ترفع رايات دين , وإذا أردت أن تمتلك الأبرياء وتمتهنهم وتستعبدهم فما عليك إلا أن تغلف كل شيئ بدين.

وطن إستباحه مَن يدّعون الإنتماء إليه , وقد سرقوا كل ما فيه , وأفسدوا جوهر ما يعبّر عن ملامحه ويعنيه , حتى تشرد أهله , وافتقر ثلث مواطنيه , وبرك على ركبتيه بخزينة خاوية وثرواتٍ منتهبة , وأدعياء سياسة لا يصلحون لإدارة كشك لبيع المأكولات في شوارع الدنيا المتقدمة.

وطن يغتاله الذين لديهم فيه جذور وينتسبون إلى ترابه ومياهه ونخيله , لكنهم لا يعرفونه , ويفترسونه كما الذئاب للشاة المسلوبة من القطيع , وهم يتسامرون على موائد النعمة والرزق الوفير جدا من ربهم الذي يعبدون , ولدياره يحجون , وبنعمته يتبجحون , وبها يتمتعون في بلادٍ كانوا فيها يتسولون.

وطن تديره رؤوس فاسدة , خربة , مبرمجة , مستعبدة , لا يعنيها إلا تنفيذ شروط الوكالة , التي وضعتها في الكراسي العقيمة الجائرة الظالمة , لتعادي الخالق وعباده المرتهنين بالحاجات اليومية والكهرباء , والخوف والرعب والعوز والمشاكل المتراكمة المتفاقمة , التي لا يجوز حلها لأنها الوسيلة الأقوى للحكم والجور والفساد.

وطن كيف يتم إصلاحه , وعقله مرهون , وممنوع من التفكير والنظر , ولا يجوز لغير الدمى أن تتحرك فيه , فبأي القدرات تدّعون , وإذا ذهب العقل ذهب المصير والسيادة , وحقت الوصاية من قبل الآخرين.

ولن يتعافى وطن عقله مُغيَّب , ورؤوسه محشوة بما يُعادي الذات والموضوع , ولن يخرج من غرفة الطوارئ الحضارية , إلا بلملمة جميع أعضائه وعملها سويةً ومعا , والتخلص من جراثيم ومايكروبات الطائفية والمذهبية والتحزبية والفئوية , وفيروسات العدوانية والكراهية والتمزقية.

ولن تقوم قائمة لوطن على رأسه عمامة , وعلى كرسيه نفوس ذات عمامة , بعصرٍ للعلم فيه إمامة!!

وتبت رؤى كل كرسيٍّ جمّاعٍ للذهب , ومشاركٍ في تحويل بلاده إلى حطب!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات