8 أبريل، 2024 7:54 م
Search
Close this search box.

الإنفجارات والوعيد وحول الصحون ثريد!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعض المجتمعات تدور في دائرة مفرغة من الإنفجارات والوعيد , وقبل أن ينتهي ذوي الكراسي من توعدهم بالقصاص من الفاعلين , يحصل إنفجار ويعقبه توعّد , وتمضي التفاعلات بنمطية راسخة , وآليات متكررة لا تستطيع الخروج من قبضة الدوران , وكأنها منوّمة أو مُدوّخة بأفيون الفئوية والكراسي السلطوية.
وفي هذا المعترك الدوراني المخبول , يتناسى السائل والمسؤول جوهر العلة ومربط الفرس الذي يصول , وتمضي عجلات التداعي والثبور في أقصى سرَعها , وأعظم تأثيرها وسلبيات ما فيها وعليها , فتلقي بأحمال الشرور والكراهية على أبرياء يريدون بعض حياةٍ في وطن مقهور , يرقد على صدره مأجور , ويكتم أنفاسه منكور.
ويبدو أن هذه المجتمعات قد إعتادت على الويلات وإستلطفت المقاساة , وأدمنت الأنين والتمتع بدخان الآهات , والكراسي في نعيمها الوارف المتألق في حصون العزلة وممارسة طقوس الطاعات , والتقرب لذوي السيادة على مصير الحاكمين بأمرهم , والداعين لنهجهم والمتكلمين بلغتهم والذين هم صدى لصوتهم , ومنفذين لأمرهم.
ولهذا فأن العلاقة ما بين الإنفجارات والتوعدات , كالعلاقة ما بين الحرامي الذي يسرق بأمر من القاضي , فعندما يحين وقت المقاضاة يجد القاضي مخرجا شرعيا أو قانونيا لتبرئة الحرامي.
وما دام كل شيئ يُمتطى للوصول إلى مبتغى , فلا خير في أي نظام يحكم بآليات الإمتطاء , ويسوقه سوط الإصطلاء بحميم التورط بالأخطاء تلو الأخطاء , فيغيب المنتهى ويضيع خيط الإبتداء.
فاين الخلل في متوالية الإنفجارات والتوعدات؟!!
العلة في نمطية التفكير الخاطئ الذي تتمترس فيه الكراسي ولا تحيد عنه , كما حصل للكراسي السابقة التي إندحرت في نمطيات وتصورات منقطعة عن واقعها , وخالية من البحث والدراسة والتقييم والتواصل مع زمانها , وإنما تحجّرت وتعفنت فانقرضت وبادت , وهذا ما سيحصل للذين لا يخرجون من أسر النمطيات البالية.
فما أن تتساءل لماذا الإنفجارات , حتى يأتيك الجواب التقليدي المتكرر الفوري والمتأسن في الرؤوس والنفوس , وخلاصته أنهم وأنهم , وما عليك إلا أن تتفنن بالمسميات والأقمصة والشماعات , لتتبرأ من المسؤولية وتتبجح بالتوعد والتهديد , الذي يعدّ الواقع لإنفجار جديد , ويمضي ناعور الوبلات بدورانه , وثيران الوجود السقيم تتحرك جيئة وذهابا في دائرة مكبّلة بحبال هواها.
فالإنفجارات تقتل الأبرياء والتوعدات تقتل الأبرياء , وتلقي بهم في متاهات المعتقلات التي تنتهك الحرمات وتستثمر بالآهات والمقاساة , وهذه دائرة مفرغة أخرى يموت فيها الأبرياء والأبرياء , وهذا ما تنجزه الإنفجارات والتوعدات , والصحون فارغة والجميع يثردون حولها , والناس جاعت وإستغاثت , والثاردون يأكلون والجائعون يتضورون , وإن أرادوا لقمة عيش سعيد داهمتهم الإنفجارات , وطاردتهم التوعدات , وتلقفتهم القبور والمعتقلات.
فإلى متى سترعوي الكراسي , وتفكر بمفردات وطنية إنسانية , وتتحرر من الأوهام المذهبية والتصورات البهتانية , وتفكر مثلما الدنيا تفكر , وتبتعد عن رؤى ذوي العاهات والتطلعات الخسرانية , المنقطعة عن زمانها ومكانها , وهي تسعى لإفناء ما يُراد إفناءه من أنوار الحياة؟!
وإلى متى سيبقى البعير معقورا على تلّ المساومات؟!!
وهلْ مِنْ مَحبّةٍ وطنية شافية؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب