واقتربت لحظة الانتصار الكبير, في معركة هي من أشرس المعارك, التي خاضتها الشعوب, ضد عدو همجي, متسلح بعقيدة شيطانية, زرعها في قلوب وعقول أتباعه, خلفت الموت والدمار, وأزهقت الأرواح, وجعلت مدن العراق, أثرا بعد عين .
فقد شهدت المدن, التي احتلها داعش, بعد عام 2014, دمارا كبيرا, في عمل ممنهج, إستهدف تدمير البنى التحتية, والمباني والجسور والطرق, وجعلها مقرات ومتاريس, لقتال القوات الأمنية, وتم تفخيخ العشرات, من الدور والمنشآت المدنية, فكان أن تحولت, هذه الأبنية العامرة الى ركام, حيث تجاوز حجم الدمار, في بعض المدن 90 % من بناها التحتية .
كما إن المشاريع النفطية والصناعية, في المناطق التي احتلها داعش, أصبحت ركاما, ولحق الدمار والخراب جميع مرافقها, بعد أن قامت داعش, بسرقة وتحطيم ما بقي منها, فأصبح مصفى بيجي, وهو من اكبر المصافي في الشرق الأوسط, في طي النسيان, ويحتاج مئات الملايين من الدولارات, لإعادة إنشائه مرة أخرى .
ولا بد بعد التحرير, أن يتم التوجه, لإعادة إعمار هذه المدن المحررة, وإعادة رونقها الزاهي إليها, لتكون عامرة أفضل مما كانت عليه, وتمارس دورها في بناء العراق, وإزالة مظاهر الدمار, الذي طال بناها التحتية, وجعل بيوت ساكنيها, أشبه بخرائب محطمة, وهي مسؤولية وطنية, يتحتم على العاملين, في إدارة البلاد القيام بها .
ولأن هذه المناطق والمدن, بما يعادل 40% من مساحة العراق, لم يتم تحريرها, وإزالة ظلام الإرهاب عنها, إلا بتضحيات شباب هبوا للدفاع عن أرضهم, وتخليصها من رجس الإرهاب, مابين حشد شعبي وجيش وشرطة, كان غالبيتهم من مناطق الوسط والجنوب, وقدموا أرواحهم ودمائهم, فداءا للدفاع عن وطنهم, وأبناء شعبهم في هذا المناطق, حتى بلغ عدد الشهداء, الذين استشهدوا في عمليات التحرير, أضعاف ضحايا المناطق المحررة .
وكانت أموال نفط البصرة, وميسان وواسط وذي قار, تذهب لتمويل هذه الحرب, التي أثرت على اقتصاد البلاد, وعلى مشاريع التنمية فيه, وخصوصا في المناطق الآمنة, وشرع أبناء الوسط والجنوب, تشاركهم في ذلك العتبات المقدسة في كربلاء والنجف, بتسيير مواكب الدعم والتمويل, لحشدهم وجيشهم ودعم النازحين, الذين هجروا من منازلهم, في عملية تكافل اجتماعي, لم يشهد لها العالم مثيلا .
وما دامت الدماء واحدة, وحجم المعاناة اشترك فيها الجميع, لذلك عند التفكير, في إعادة إعمار المناطق المحررة, يجب التفكير في إعادة إعمار مناطق المحررين أيضا, فهذه المناطق قدمت خيرة شبابها, دفاعا عن الوطن, وبذلت أموالها من اجل تحقيق النصر, ومن حقها أن يكون لها, نصيبها في الإعمار .