في ظل سياسة الإنكماش والحذر وتحاشي الإنخراط في الصراعاتالمحلية التي تعتمدها واشنطن في الشرق الأوسط والخليج فأنالإنسحاب الأمريكي من سوريا لم يكن مفاجأ كما يشاع بل متوقعاوحتميا من وجهة نظري لأنه يستجيب لمخططات أمريكا ويخدممصالحها في خصصة الحرب وإدارة الأزمة عن بعد وتقليل نفقاتالإنتشار العسكري التي تجاوزت قيمة الهدف السوقي (المقصودسوريا) في ميزانية الدفاع الأمريكية وهذه المعادلة المختلة تعدّخاسرة من وجهة نظر الرئيس الأمريكي الذي يجمع متعة الثراءوسطوة القوة ويعرف متى يَعقِدُ الصفقةَ وقيمتها.. والإنسحابخطوة حاسمة تمهد المسرح الإستراتيجي في المنطقة لهذا التحولوتضعه على حافة الصدمة والإختلال والفراغ والإستدراج نحوالتنازع والصراع وتجدد القتال والحرب وإثارة المزيد من الإضطرابوالإنكسار والانهيار وهذا الوضع المتوتر يخدم أهداف الدولةالأمريكية العميقة ( شركات الطاقة العملاقة، معامل السلاحالضخمة، مؤسسات النقد والثراء) ويهيأ الفرصة لإضعافواستنزاف الخصوم بحروب متداخلة ومهلكة وبالتالي إحكام قبضةواشنطن وهيمنتها على مقدرات وثروات الدول والشعوب دون كلفةتذكر بعد أن تكون قد استحالت (الدول) إلى كيانات هشّة تنوءبأعباء الخراب والفشل والتخلف والفساد.. أما تأثير الإنسحاب علىالعراق فأني أشبههُ بمحاولة نفخ الروح في جسد ميت وأقصدإحياء نشاط (داعش) من جديد بتخطيط مسبق تعمّد ترك النهايات سائبة وباب المفاجآت مفتوحا على كل الإحتمالات نتيجة المتغيراتعلى الأرض والحقائق الناشئة من عملية الإنسحاب..!! وهنا تكمنالمخاطر المحدقة بالأمن الوطني للعراق مترافقة مع التحدياتالجسيمة التي يواجهها البلد على الصعيد الداخلي..
*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وقيادة عمليات بغداد2012-2013