(( أن الله تعالى خلق الإنسان لغاية محددة في علمه وهي أعمار الأرض والتمتع بخيارتها وبناء علاقات ورابطة بين بني البشر بروابط متينة لبناء مجتمع إنساني راقي في كل مفاصل الحياة ( وخلقنا الإنسان من علق ) وهداه السبيل المعرفي لهذا المجتمع المتكامل في الصلاح والإصلاح كما قال تعالى ( أنا هديناه السبيل أما شاكرا أو كفورا ) وقد أكد تعالى في شرائعه وتعاليمه عن طريق رسالاته معرفة النوافذ التي توصل الإنسان إلى مقامات الإنسانية الراقية المنشودة لخدمة البشر بعضهم لبعض لتوفير بنية وقاعدة قوية لبناء مجتمعات حضارية تكاملية وحضارات خلاقة لصنع إنسان راقي في أخلاقه وتعاملاته وعقيدته وأسلوب حياة مثمرة فقد حدد الله تعالى حياة الإنسان بطريقتين أحدهما شخصي بحت وهو التعامل مع الله تعالى لينال الجزاء الأوفى وتزكية النفس الأمارة بالسوء وتنقيتها من درن ومفاتن ومغانم الحياة الدنيا وهي العبادات والإيمان بالله الواحد الأحد وحده لا شريك له والصلاة والصوم والزكاة والحج فهذه العلاقة والطاعة خاصة بين العبد وربه تعالى أما الثاني وهو العمل المهم جدا يكاد يكون متفرد عن باقي العبادات وهو العمل الصالح الرابط العملي بين الإنسان ومجتمعه وبني جنسه الذي أكدت عليه التعاليم والشرائع السابقة والأنبياء والنبيين والرسل والقرآن الكريم حيث الكل تأكد على العمل الصالح كونه المعيار الرئيس لشخصية الإنسان وبشريته ومكانته في مجتمعه وعند الله تعالى الذي يصل بالإنسان السليم خلقا ودينا إلى عالم الخلود في الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين العاملين في خدمة البشرية وأعمار الأرض من خلال زرع الأخلاق والمبادئ والقيم والمُثل الرفيعة والحميدة وإشاعة المحبة والسلام والتسامح والتكامل والتكافل بين شرائح المجتمع الواحد والمساهمة في تطور أنظمته المعيشية وهذا ما أكدت عيه الأديان جميعا عبر العصور لكن الآن قد زادت الحاجة إلى إعادة النظر في كيفية إعادة الإنسان إلى إنسانيته التي فقدها في ظل المتغيرات الجديدة للنظام العالمي المتسارعنحو الهاوية وفقدان ما بدأت به الرسالات والشرائع وإعادته إلى المربع الأول في الدعوة للإصلاح والتوعية الأخلاقية وانتشاله من مركب الرجوع إلى عصر الهمجية والفوضوية والتخلف الفكري والمعرفي والحضاري والأخلاقي بعدما استكان ورضخ صاغرا بنفسيته إلى منغصات ومفاتن الحياة الدنيا وأبتعد عن مراد الله تعالى إلى الفساد والإفساد في الأرض وفساد في العقيدة والدين والفوضى لهذا استدعت الحاجة لإعادة التقييم النفسي والأخلاقي لأنفسنا ومجتمعنا وبناء علاقات جديدة مع بعضنا البعض والرجوع إلى نبع النفس الصافي والعقل السليم والمعرفة الفكرية الجادة والتفكير الحر الصحيح المثمر لمعرفة ما يجري من حولنا في هذا العالم الفوضوي في الأحداث الجديدة ))