-1-
من المصائب الكبرى التي عاشتها الأمة عبر مسارها الطويل ، ابتلاؤها بالانتهازيين الذين لاهَمَّ لهم الاّ مصالحهم الشخصية .
(والانتهازية) حالة لاتنشأ الاّ من اختلال التوازن في الشخصية الانسانية، وإنَّ اللهاث وراء المكاسب والامتيازات، يُفقدها رشدها، ويُوردها موارد الهوان، وان كانت تحسبه ضرباً من علوّ الشأن ..!!
قد ترى جاهلاً بعيداً عن كل معطيات العلم والثقافة والحضارة، ولكنه عفيفٌ أبيٌّ ، أصيل ، لاينحاز الى الباطل ، ولا يجامل أهله …
وقد ترى رجلاً قطع أشواطاً بعيدة في مجالات البحث والعلم الاّ أنه انتهازي فظيع ..!!
لم يمنعه علمُهُ ولا ثقافَتهُ من أنْ يكون عنصراً رخيصاً في سوق التملق والتقرب للحكّام .
ومن هؤلاء الانتهازيين : (عبد الرحمن ابن خلدون)
صاحب المقدمة والتاريخ المعروف (ت808 هجرية)
لقد فعل المستحيل للتقرب من تيمورلنك ..!!
ولقد قال عنه الدكتور علي الوردي انه :
(كان في سيرته الشخصية انتهازياً فظيعاً يرد التقرب من الملوك وقد يقلب في سبيلهم الحق باطلاً )
دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ص 38
” إنّ انتهازيتَهُ كانت وراء وَصْفِه العرب بكلّ ما يناقض صفات الحضارة من تخريب ووحشية وخشونة ..!!
وهذا ما دعا بعضهم الى الوصية :
(بحرق كُتُبِهِ ونبشِ قَبْرِهِ ) ..!!
المصدر السابق /ص38
والمهم ان الانتهازي يتدحرج الى الحضيض ، ويفقد احترام الناس ، ويصبح لعنة الأجيال …
-2-
بمذا تُسميّ أصحاب الضمائر الميتّه والأقلام المأجورة الذين نسبوا (للقائد الضرورة) المقبور، من المواهب والمناقب، والمزايا والسجايا، ما لم يُنسبْ لكبار الشخصيات الاستثنائية في التاريخ ؟
لقد أعمت الأطماع بصائرهم ، وجعلتهم يغمضون أعينهم،عن العظائم والجرائم والمظالم ،التي فاق بها من سبقه من الطغاة ، وأتعب من يأتي بعده ..!!
لقد قال أحد هؤلاء الانتهازيين حين عُوتب :
{ لا أحد فينا يُحبّه ،
ولكن لا أحد فينا يكره أموالَهُ ..}
انها الحقارة الكبرى التي جعلت اصطياد المال، وباي وسيلة كانت، هدفاً يسعى اليه الانتهازيون دون خجل ولا وجل …
-3-
وتَذْكُر بعض كتب الأدب :
ان المتوكل رمى عصفوراً فَأَخْطَأَهُ
فقال بعض الانتهازيين :
أحسنتَ ..!!
وحين سأله المتوكل ما معنى إحسانه ؟
قال :
أحسنتَ الى العصفور ..!!
-4-
وما قاله هذا الانتهازي للمتوكل، يقوله اليوم الكثير من الانتهازيين للعديد من السلطويين الذين أغرقوا البلاد بالفساد ..!!
ان الانتهازيين يحملون القاصرين والمقصرين من السلطويين على الاعتقاد بأنهم الأفذاذ، وأنهم رموز الإنقاذ ..!! في حين أنهم أثقلوا كواهلنا بالايذاء والأعباء والمشكلات والأزمات حتى ضقنا بهم وبها ذرعاً .
والله المستعان على ما يصفون .
[email protected]