23 ديسمبر، 2024 12:16 ص

الإنتفاضة وهزيمة المشروع الايراني

الإنتفاضة وهزيمة المشروع الايراني

واحدة من أهم المعطيات التي خرجت بها إنتفاضة العراقيين في جنوب العراق ،قبل أن تتحول الى ثورة غاضبة ماحقة ،في جميع شوارع المدن والاقضية الجنوبية ،هي هزيمة المشروع الكوني التوسعي الايراني الديني والسياسي،هذا المشروع الذي فرّخ الأذرع المسلّحة، التي تقمع المتظاهرين وتقتلهم بدمّ بارد ، وتهدّد وتتوّعد بقصّ الألسن وقطع الأعناق، في حالة إستمرار الإنتفاضة ، بعد أن شاهدوا إقتحام الجماهير والشباب الغاضب مقرات الاحزاب وميليشياتها وحرقها ، وحرق صورة الخميني في شوارع البصرة ،التي إنطلقت شرارة الثورة، بسواعد عشائرها العروبية أبطال أحفاد ثورة العشرين ،وشبابها الرافض للوجود إلإيراني وإحتلاله للعراق ،نعم خرجت الجماهير تحت شعار سوء الخدمات والبطالة وفساد الحكومة ،وتغوّل الميليشيات، وسيطرتها على دوائر الحكومة المحلية والشارع البصري،مطالبة بحقوقها في العيش الكريم وأبسط مستلزمات الحياة، كما ((إعترف بهذا الفشل والتقصير الحكومي ،هادي العامري وإنتقد الحكومة بشدّة )، تماماَ كما خرجتْ من قَبلها جماهير المدن الغربية والشمالية ، وتم قتل أبنائها وقمع صوتها، وإنهاء الاعتصامات والمظاهرات فيها ، بالقتل والبطش ،وتم قتل أكثر من مئتي شهيد في ساحة الحويجة فقط، وتسليّم مدنها لداعش الارهابي ، من قبل نوري المالكي رئيس الوزراء السابق،اليوم الشارع العراقي الجنوبي كلّه ،خرج ليقول كلمة التاريخ ، كما كنّا نعوّل وندرك أن شيعة العراق العرب، لابدّ أن يكونوا مع العراق العربي، ضد أي غزو فكري أو ديني منحرف، أو عسكري غاشم، ولابدّ أن يكونوا رأس الرّمح، الذي يختّرم وجه العدوان والتدخل الايراني ،وينتفّض بوجه الريح الصفراء، وإن أية ثورة مرتقبة ،لابّد أن تنطلق منه ، وهكذا صدق الحَدس، وصار يقيناً بخروج أبناء الجنوب ،ليدحظوا فكرة وتقوّل المرجفّين والعملاء ،أن شيعة العراق مع إيران وولي الفقيه ،ويثبتوا مرةً أخرى للعالم والتاريخ، أنهم أصلاء القوّم حافظوا على عروبة العراق وأصالته، ممّن يريد به الشرّ، وتاج الرأس الذي يلبسه الشرفاء، من أبناء العراق الغيارى على الارض والعرض ، نعم لقد هَزمت الانتفاضة، المشروع الايراني التوسعي الى الابد، بوقفة أهل الجنوب الشجاعة رغم سطوة وقوة أذرع إيران وبطشها على الشباب المتظاهر،وها نحن في بداية الانتفاضة التي ستتحول حتما الى ثورة كبيرة يسجلها التاريخ باحرف من نور وضوء، غداً وبعد غدٍ ستخرج جماهير غاضبة أخرى ،ستملأ شوارع العراق ، مطالبة بإستحقاقات دستورية وشرعية واخلاقية، في مقدمتها إعلان حكومة إنقاذ وطوارىء، وإلغاء الدستور الطائفي، والمحاصصة البريمرية المقيتة ، وإحالة حيتان الفساد الى القضاء،وإلغاء مجالس المحافظات وإمتيازات مجلس النواب والرواتب التقاعدية وإمتيازات رواتب السجناء السياسيين وهيئاتهم ، وإلغاء هيئات النزاهة والمفتشيين وغيرها،هذه المطالب يتفق عليها كل شعب العراق بلا إستثناء، لانها هي من دمر العراق وخربه وأفلسه ، ولكن إذا تصاعدت التظاهرات وسط إستخدام مفرط للقوة من قبل الميليشيات وقوة مكافحة الارهاب وعناصر مسلحة غير معروفة ، لقمع التظاهرات ، فستحل كارثة ومجازر بشرية ، كنا قد حذرنا منها ، وقلنا أن مرحلة مابعد القضاء على داعش، ستكون أخطر من داعش نفسه، وقلنا تحديداً، أن هناك من يخطّط ،ويصرّ على إشعال حرب شيعية –شيعية في الجنوب ،وحرب كردية – كردية في الشمال، وهاهي التوقعّات تدخل حيّز التنفيذ، على يد جهات تابعة لإيران، بتوجيه ودعم وتخطيط إستخباراتي إيراني واضح، لتصدّير الازمة وإبعاد شبح الحرب على إيران ،من قبل التحالف الدولي وأمريكا ،التي فرضتْ عليها حصاراً تاريخيّاً قاسياً جداً ، ومنعتْ تصدير النفط الايراني للدول الاوروبية ، فتريد إيران إشغال العالم في العراق، وإشعال حرب أهلية فيه .تماماً كما أعلن نوري المالكي قبل الانتخابات البرلمانية الاخيرة، إذن هناك مخطّط وإصرار إيراني على إشعال الحرب الاهلية. لتوجيّه الرأي العالمي على أزمة العراق فقط ونسيان إيران ومظاهراتها، وما يجري داخل ايران ،من غضب جماهيري تمثّل في تظاهرات عارمة، تمّ قمعُها قبل شهر، نتيجة تدهّور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في إيران، لذلك نرى أنّ الانتفاضة ستتحوّل الى ثورة حقيقية ،بالرّغم من الإستخدام المفرط للقوة، والبطّش ضدّ المتظاهرين، ولكنّ الإصرار يصنع المعجزات، ولاتتراجع الجماهير حتى التغيير الجذري ،وطرد أتبّاع إيران وأحزابها من العراق، هذا هو القرار العراقي، وربّ سائل يسأل وأين الموقف الامريكي من كل ما يجريفي العراق، نقول ، إن مايجري هو تحت نظر ادارة الرئيس ترمب، ودعمه لها اعلاميا وسياسيا، وستعلن امريكا وبريطانيا قرارهما في اللحظة الحرجة الحاسمة بعد أن تتكشف اللعبة الايرانية، ويصبح مطلب حكومة الانقاذ الوطنين مطلبا عراقيا وعربيا ودوليا، حينها ستكون حكومة الانقاذ جاهزة ، والاستحضارات الامريكية العسكرية في العراق .على أهبّة الاستعدّاد، لضبّط إيقاع الثورة ولجّم الاذرع الايرانية، التي قال عنها وزير الخارجية الامريكي ماك بومبيو أنها( تمثل التحدّي الاكبر لأمريكا في العراق) ،إذن السيناريو الامريكي- البريطاني جاهز ،بعد إتضّاح بَوصلة الثورة وقطف نتائجها ،ورد ّة فعل الحكومة وإيران، وهذا ليس بعيد عن تهديّدات قادة الميليشيات، الذين قالوا يوم أمس، (إن الحشد الشعبي والعصائب وكتائب حزب الله والنجباء ستقطّع لسان وعنق كل من يتقرّب من مقراتنا والمؤسسات الحكومية، وإن أي إنقلاب عسكري وسياسي لن ينجح ونحن موجودون))،ولكي نُقرن قولنا مع تصريحات قادة الحشد الشعبي والميليشيات ودولة القانون ، نسأل لماذا لم يقمْ تنظيم داعش الارهابي، بأي عملية خسيّسة منذ إسبوعين ، أي قبل انطلاق الانتفاضة بأيام ، ولايوجد له أي عمل أو نشاط أو تصريح اعلامي ،إو اصدار إجرامي،هل هي مصادفة أن يصمت داعش، طوال هذه الفترة والى اليوم، أم هو التخادم الداعشي الايراني في العراق وسوريا، إنْ لم نَقلْ داعش صناعة إيرانية وامريكية واسرائيلية ، أثبتتها الوقائع على الارض ،في كل من سوريا والعراق، نحن العراقيين أمام مفترق طرق الآن ، ولابدّ من النصر ومواجهة أعداء العراقيين ودحرهم .أياً كانت الجهة التي تدعمهم ،مايهمُنا الآن ،هو وحدّة العراق وحقن الدم العراقي ،وطرد العملاء ،ممن جاء على ظهر الدبابة الامريكية الغازية، وتسبب بدمار وخراب ونهب العراق ،وتهجيّير الملايين من أبنائه، وقتل الملايين منهم، جوعاً وتهجيراً وقتلاً..إن إنتفاضة العراقيين ليست ترفاً وبطراً ،وإنما قهراً وحرماناً من أبسط مستلزمات الحياة .وهي الماء والكهرباء والغذاء والدواء، في حين تتنعم الطبقة الفاسدة الحاكمة وأحزابها بثروات العراق، ومن السحت الحرام،والامتيازات في الرواتب الفلكية ، لن يسكت شعب العراق بعد الآن ،على هكذا سلطة وحكومات فاسدة وطائفية حدَّ النخاع ، إلاّ بالثورة والقضاء على الفساد، ومحاكمة المفسدّين والعُملاء، هكذا يصرُّ العراقيون ،على المضيِّ قُدماً مهما بلغتْ التضحّيات ، ومهما إستخدّم الآخرون ،البطش والتنكيل والقتل بالمتظاهرين الابطال ، لقد كًسرتْ الانتفاضة حاجز الخوف تماماً ، بحرقها أوكار الفساد والعمالة والخيانة ، وأظهرتْ تلاحماً شعبيا منقطع النظيروتناغما مع بقية المحافظات ،بصوت واحد وشعارات موحّدة، بالرغم من غياب القيادة المنظّمة، ولكنها معروفة الأهداف الوطنية ،التي لايختلف عليها إثنان، نعم تحتاج الى ناطق بإسمها، وتحتاج الى قياة تنظم وتفاوض وتفرض شروطها ، ولكن من وجهة نظري ، هذا ليس وقته الآن .ومن الضروري ان تبقى قيادتها تحت الارض لحين إتضاح الامور وترسيّخ جذور وأسس الثورة وشخصيتها الوطنية، لأن عدوّها يتربّص بها ،للإجهاز على رموزها ،بالقتل والتنكيل والتشويّه والملاحقة ، وهذا ما سيضّر بديمومة الانتفاضة، التي نتمّنى أن تصلّ في الايام المقبلة، الى ثورة حقيقية واضحة الاشخاص والمعالم وستكون بإذن الله …