ضرورة النقد:
علمتنا التجارب التأريخية، كتجربتي الثورتين الفرنسية والبلشفية الروسية، أن الفرد أو الجماعة، سواءً كانت إجتماعية أو سياسية، لا يمكنها أن تحافظ على توازنها من تلقاء نفسها حتى ولو حاولت ذلك بأقصي درجات العزيمة والإخلاص.
إن التفاعل مع الآخرين سواءً كانوا أفراد العائلة الواحدة أو الجماعات المشكِّلة للمجتمع وفق سياقات التركيب العضوي للدولة – هو وحده القادر على تحقيق التوازن عبر النقد البناء والتقييم الموضوعي والتقريع والإدانة والتجريم إذا تطلب الأمر.
بهذه الوسائل يضمن المجتمع توازنه وسلامته وسلامة أفراده من الأشرار المندفعين إلى الشر والإجرام والإرهاب بدوافع متنوعة.
أهم هؤلاء الأشرار الفاعلين في واقعنا العراقي الجديد بعد أن تأسس فيه النظام الطامح إلى الديمقراطية هم:
أولاً: الطغمويون(1) الذين فقدوا سلطةً إستأثروا بها وإنتفعوا منها طويلاً وإنتزعها الشعب منهم عبر صناديق الإقتراع، ولا يبدل شيئاً أن صِدامَ الشريكين الأمريكي وألعوبته النظام البعثي قد ساعد الشعب العراقي على تحقيق ذلك مادام الشعب قد أخرج الأمريكيين ولم يمنحهم أي إمتياز كثمرة للإحتلال سوى عرض الصداقة النزيهة والعلاقات المتكافئة. ولكن الطغمويين أصروا ويصرون على إسترداد سلطتهم بأية وسيلة كانت وعلى رأسها تأجيج صراع طائفي المظهر يلتقي ويتكامل مع صراع (طائفي – سياسي) أوسع مدىً أثاره النظام السعودي على نطاق المنطقة كوسيلة لدرء عدوى الديمقراطية عنه.
كانت لبعض الطغمويين إختلافات مع قيادة الطغموي صدّام لحزب البعث العربي الإشتراكي والدولة العراقية بلغت حد التصفيات الدموية. أما الأغلبية فليس لهم أي إختلاف مع ذلك الحزب وقيادته ولكنهم يدينونه، عند الحاجة، من باب التمويه لا أكثر ولا أقل ولكنهم موافقون على سياسة التطهير العرقي والطائفي الواعية الممنهجة وسياسة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية بدلالة دعمهم وإحتضانهم للإرهاب التكفيري منذ 2003. إنهم مازالوا يشيدون به علناً كما حصل في تظاهرات الأنبار حيث رفعوا صوره وطالبوا بإسقاط الدستور.
ثانياً: التكفيريون الذين لا يفقهون من الدين أمراً فدفعهم جهلهم إلى التطرف والعمى فصاروا أدوات بيد أعداء الأمة والدين، وخاصة إسرائيل، ليكفِّروا ويقتلوا ويقترفوا أبشع وأنكر الجرائم بإسم الدين.
ثالثاً: اليمين الأمريكي للحزبين وعلى رأسه شركات النفط وأذرعها السياسية في الأجهزة التشريعية والتنفيذية وخاصة الإستخباراتية والإعلام. يمارس هذا اليمين ضغوطه على الإدارة الأمريكية ويأخذ حصته من السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
العلاقات بين العراق والولايات المتحدة ليست كما تبدو على السطح بكونها أقرب إلى الطبيعية. هل هو أمر طبيعي أن تسمح أمريكا بدعم وتسليح قوى إرهابية في سوريا ك (داعش) وجبهة النصرة (أي القاعدة المتواجدة في العراق منذ 2003) والحدود العراقية – السورية بهذا الطول والجيش العراقي لا يملك التدريب والتسليح والقدرة الإستخباراتية التي لم يوفرها الأمريكيون للعراقيين أو سحبوها بعد خروجهم من العراق؟ كلا فهناك توتر وصراع خفي لا يريد كلا الطرفين إظهارهما للعلن لحسابات ستراتيجية – تكتيكية رغم بروز مؤشرات هنا وهناك بين آونة وأخرى.
فالعراق يريد الإبتعاد عن سياسة المحاور سواءً على النطاق العربي أو النطاق العالمي. لذا فهو لا يريد تأزيم العلاقات مع الولايات المتحدة خاصة وأن الطغمويين والإرهابيين يسعون إلى هذا الهدف.
أما الولايات المتحدة فلا تنسى إفشال الحكومة العراقية التي يقودها التحالف الوطني بزعامة إئتلاف دولة القانون وزعيمه السيد نوري المالكي مدعومين بالمرجعية الدينية العليا في النجف – لا تنسى قيام هذه الحكومة بإفشال الستراتيجية الأمريكية العالمية المرسومة لما بعد تفكك الإتحاد السوفييتي وتوقف الحرب الباردة وبروز القطب الأمريكي الأوحد في العالم الذي أرادت أمريكا تعزيزه وفرض وجوده وإرغام الآخرين (أوربا الغربية والشرقية واليابان وروسيا والصين والهند وغيرهم) على الإعتراف به والإذعان له.
كانت أمريكا تريد من وراء إحتلالها العراق إستكمال هيمنتها على منابع البترول الرئيسية في العالم للي أذرع الآخرين سياسياً، وذلك عبر الأخذ بصيغة “المشاركة في الإنتاج” التي رفضها العراق وأخذ بصيغة “عقود خدمة”؛ وعبر دفع العراق إلى إفتعال حرب مع إيران لضرب منشآتها النووية؛ والمساهمة في ضرب النظام السوري لا لإقامة نظام ديمقراطي هناك بل لتدمير الدولة السورية والجيش العربي السوري وضرب حزب الله ومحور المقاومة والممانعة في المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية وتسييد إسرائيل على مقدرات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أفشل العراق هذه المطامح الستراتيجية بدافع مصالحه الوطنية كما صرح الرئيس نوري المالكي في فضائية الميادين بتأريخ 25/4/2014(2). لذا إضطرت أمريكا إلى التخلي عنها وتعديلها ما نجم عنها إتخاذ قرار، تحدث عنه كثيرون، بتحويل تركيزها من منطقة الشرق الأوسط إلى شرق آسيا. لعب ضعف أمريكا النسبي(3) وإحتمال تحقيق أمريكا الإكتفاءَ الذاتي من البترول دورهما في هذا الصدد؛ كما لعبت العوامل التالية دورها أيضاً: بروز الدور الروسي ودور دول البريكس في السياسة الدولية وقناعة العالم بوطنية القيادة العراقية وإرتفاع إنتاج النفط العراقي، وضغوط منظمات حقوق الإنسان العالمية الشديدة على الإدارة الأمريكية، في عصر العولمة، بوجوب تخفيف دعمها المطلق للنظام الشمولي المتخلف للسعودية خصوصاً وللخليج عموماً.
ضمان تبعية المنطقة لأمريكا:
ولكن هذا لا يعني هزيمة أمريكا أو تراجعها غير المنتظم في المصطلح العسكري. بل إحداث ترتيبات معينة للحفاظ على تبعية المنطقة لأمريكا. أساسيات هذه الترتيبات متوفرة وثابتة رسّخته أمريكا لعشرات السنين وأهمها التفوق العسكري الإسرائيلي على القدرات العسكرية لكافة الدول العربية مجتمعة، وكذلك التبعية السعودية الخليجية لأمريكا.
وهناك ترتيبات إضافية تسعى ديناميكية السياسة الأمريكية طبخها على نار هادئة وعلى رأسها أمران:
أولاً: تشتيتُ قوى وجماهير التحالف الوطني في العراق لأنه، مدعوماً بمرجعية النجف الدينية في الأمور الوطنية الستراتيجية وحسب، كان ومايزال القوة الوحيدة القادرة على الوقوف (ووقفت فعلاً) بوجه أية قوة على وجه الأرض بسبب التأييد الجماهيري العارم لهذا التحالف وخاصة لإئتلاف دولة القانون وزعيمه نوري المالكي، ذلك التأييد الناجم عما تعرض له الشعب العراقي عموماً من إضطهاد بلغ حد التطهير العرقي والطائفي الممنهج وإقصاء وتهميش وإبادة على يد النظام البعثي الطغموي، وناجم عن الإرهاب التكفيري الذي إنطلق بعد سقوط النظام في عام 2003 والذي وجد ويجد في الطغمويين والطيبين الفاشلين من “اليساريين” حاضنةً له وذراعاً مخرِّباً في داخل العملية السياسية.
إن الأمريكيين يسعون إلى مساعدة الطغمويين والفاشلين إلى إستلام السلطة في العراق ولو عن طريق تزوير الإنتخابات. فعبر هؤلاء يمكن تمرير أية سياسة مرغوبة. علينا التذكر أن زعيم الطغمويين الدكتور أياد علاوي قد أعلنها صراحة في منتصف عام 2011 بأنه “سيشن حرباً على إيران …. سلمياً” كما إنه طالب بفرض “حضر جوي على سوريا” ما دعاني إلى كتابة مقال رداً عليه بتأريخ 11/9/2013.
ثانياً: منعُ العرب من تأسيس ديمقراطيات حقيقية مبنية على أساس التداول السلمي للسلطة، وذلك لأن ضمان إحترام هذه الممارسة ستؤول، إن عاجلاً أو آجلاً، إلى وصول حكومات وطنية ديمقراطية خالصة إلى سدة الحكم مدعومة بجماهير حرة واسعة يصعب قهرها وقد تدفع بإتجاه تأسيس نظام دولي جديد يضمن العدالة الإجتماعية إضافة إلى العدالة السياسية لبني البشر(4). وهذا ما لا يتوافق مع المصالح االرأسمالية الغربية والصهيونية.
كانت أمريكا والغرب عموماً، أيام الحرب الباردة، تدعم وتحرض النظم العميلة على قمع وقتل أي نفس ديمقراطي بحجة مكافحة الشيوعية. أما اليوم فإنها بدت كما لو أنها دعمت الثورات العربية في ما يسمى “الربيع العربي”. بتقديري إنها، أي أمريكا، بوغتت بالثورة التونسية ولم تكن مستعدة لها. ولكنها سرعان ما إستوعبت الحالة الثورية في المنطقة ووضعت لها الحلول الملائمة للمصالح الأمريكية الإسرائيلية.
مع بالغ الأسى والأسف إستطاعت أمريكا أن تنفذ إلى شريحة واسعة من المثقفين العرب لتسخيرها لمحاولة ضرب مبدأ التداول السلمي للسلطة، فنجحت في مكان وفشلت في آخر. جرى التسخير بذرائع تبدو براقة وتقدمية ولكنها في الجوهر تضرب الديمقراطية في صميمها وتفرغها من مضمونها وتجعلها ديمقراطية شكلية. أما الذرائع فهي تستند إلى مسلمات إيديولودجية مسبقة الحكم تفترض وجود نوايا معينة مفادها أن حكومة الأحزاب الدينية ستقود بعد ثباتها إلى فرض حكم دكتاتوري، رغم أن المرجعيات الدينية العليا، في العراق مثلاً، أكدت على مدنية النظام كما إن الأحزاب الدينية الحاكمة هي التي وضعت الدستور المدني وأجرت عدة جولات من الإنتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات. أمريكا براغماتية ولكنها نجحت في تسويق هكذا أفكار مؤدلجة على بعض شرائح المثقفين العرب. هنا نشأت الحالات التالية على أرض الواقع:
– الثورة التونسية: كان التأثير الأمريكي على الطبقة المثقفة التونسية محدوداً فسارت الثورة في الطريق الصحيح وذلك بسبب نضوج الطبقة المثقفة التونسية؛ ذلك النضوج الذي نشأ نتيجة تمتع تونس بقدر من الديمقراطية والحريات منذ أيام الرئيس الحبيب بو رقيبة وحتى في عهد زين العابدين بن علي. مع هذا فالثورة التونسية مازالت في إطارها السياسي ولم تمسس البنية الإقتصادية وربما المؤسسة الأمنية.
– الثورة المصرية: هي الثورة التي نجح الأمريكيون في دفع الطبقة المثقفة فيها إلى إجهاضها وإحداث ثورة ردة إلى العهد السابق. لقد نجحوا في ضرب مبدأ التداول السلمي للسلطة وعادت مصر، في أحسن الإحتمالات، إلى سني الخمسينات بدعوى تمثيل إنقلابيي 30 حزيران 2013 للخط الناصري وهو إدعاء ديماغوجي خادع. على المصريين أن يتذكروا أن الرئيس الراحل المرحوم جمال عبد الناصر نفسه قد إنتقد الوضع العام لمصر والأمة العربية في أعقاب نكسة عام 1967 وطرح على لسان المفكر والكاتب العربي الكبير السيد محمد حسنين هيكل، في أحد مقالاته الأسبوعية، بأن الأمة بحاجة إلى الدخول في عصر التكنولوجيا من عدة وجوه بضمنها الوجه السياسي. كما نقل عنه سكرتيره الشخصي السيد فريد عبد المجيد طرحه لمسألة التعددية الحزبية وكان أنور السادات أول المعارضين لذلك الطرح.
– الثورة الليبية: مازالت متخبطة ويحوم حولها الإرهاب.
– الثورة اليمنية: للأسف إستطاع الأمريكيون عبر حلفائهم الخليجيين تكبيل الثورة وتشويهها ومازالت غير مكتملة.
– الثورة البحرينية: وهي من أنضج الثورات وأطولها عمراً ومازالت تقارع القمع .
– الثورة العراقية: بدأت الثورة العراقية في ربيع شعبان عام 1991وأتمّها الأمريكيون في 9/4/2003 كناتج عرضي لمحاولة تحقيق مشروعهم المنوه عنه أعلاه. وإستلمها العراقيون بعد أن أخرجوا الأمريكيين وأنهوا تواجدهم العسكري. كانت الثورة العراقية أعمق الثورات التي حصلت في المنطقة. لقد إجتثت من الجذور جميع مرتكزات النظام الطغموي السياسية والإجتماعية والإقتصادية والعسكرية والفكرية والثقافية التي حكمت العراق منذ نشأته في عشرينات القرن الماضي.
نجح الأمريكيون نجاحاً باهراً في تسخير شريحة واسعة من الطبقة المثقفة العراقية من مختلف الإتجاهات خارج دائرة المثقفين الطغمويين، وخصوصاً اليساريين الذين أخذوا من الحزب الشيوعي إسمه ونبذوا جوهره وأساءوا لمبادئه وشوهوا تأريخه، – تسخيراً طيعاً مستغلين، أي الأمريكيون، فشل تلك الشرائح ونبذ الجماهير لهم فدفعوهم إلى خندق فكري واحد مع الطغمويين والإرهابيين يفلسفون لهم ويبررون إجرامهم على أنه مناهض للطائفية ونتاج لفشل الإسلاميين في توفير الخدمات متناسين الإرهاب والتخريب الطغموي والحرب الأمريكية المستترة ومناكفة الحزب الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدري؛ وصوروا الإعداد لتمردٍ مسلحٍ إرهابيٍّ واسع مدعوم من قوى خارجية ومسلح من ترسانة السلاح الليبي الذي إشترته قطر وأرسلته للعراق عن طريق تركيا فسوريا بواسطة (داعش) – صوروا هذا النشاط تحت غطاء التظاهر بكونه إحتجاجاً يسعى إلى الحكم المدني. لقد برروا تكفير القاعدة وداعش للشيعة فأيدوا إدعائهم ووضع الأمريكيون فضائية (الحرة – عراق) وبعض طاقمها كالإعلامي المهووس عماد جاسم تحت تصرفهم ليخلصوا إلى أن الطائفية هي التشيع وأن الطائفيين هم الشيعة وأن الشيعة هم مصدر الإقصاء والتهميش والإرهاب والتخلف والميليشيات وقتل الصحفيين وما إلى ذلك(5).
ما يجب التنبه إليه هو أن الأمريكيين يريدون إطاحة وتشتيت القوى الدينية الديمقراطية عن طريق صناديق الإقتراع ولو بتزييفها بعد شن حملة تسقيط واسعة، كما جرى في إنتخابات عام 7/3/2010، إدراكاً منهم أن هذا هو الطريق الوحيد لنزع السلطة من يد الأحزاب الدينية وأن أي أسلوب قسري آخر (بغياب الوجود العسكري الأمريكي) لتغيير الأوضاع محكوم عليه بالفشل وقد يدفع العراق بإتجاه إيران وهو أمر مخيف لأمريكا وإسرائيل سياسياً ونفطياً وجغرافياً أي ستراتيجياً بأوسع أبواب الستراتيجيا. وهذا يفسر الموقف الأمريكي الناقد لعلاقة حكومة كردستان النفطية بالحكومة التركية والناقد لتصريحات الرئيس مسعود برزاني بشأن إنفصال كردستان عن العراق.
لو أمعنا النظر في الحراك السياسي في العراق لوجدنا أن المثقفين والطغمويين يتصرفون أزاء الحكومة المنتخبة تصرف الثائر عليها والرافض لوجودها والداعي للإطاحة بها. ولدى التمعن في ماهية ما تسمى “التحركات الجماهيرية” لم أجد معظمها يبتعد عن محاولات مد سكة قطار من صحراء الرمادي والفلوجة إلى قلب العاصمة بغداد في ساحة التحرير لنقل معارك داعش والقاعدة إلى هناك.
الجميل أنه في الوقت الذي نجح فيه الأمريكيون والمثقفون المصريون على تحريك الجماهير لوأد مبدأ التداول السلمي للسلطة، فإن المثقفين العراقيين قد فشلوا فشلاً ذريعاً إذ تصدت لهم الجماهير الديمقراطية العريضة وردتهم على أعقابهم وأخرستهم.
إخفاق بعض أنصار الديمقراطية في نقد التحالف الطغموي – التكفيري:
بحكم المصلحة غير المشروعة، تآلف الطغمويون والتكفيريون على الأرض العراقية وأنتجا إرهاباً قلما شهد العالم مثيلاً له حصد أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء وأعاق أضعاف عدد الشهداء.
ما ساهم في إنجاح نشاط الإرهاب التكفيري هو الدور التخريبي الداعم الذي مارسه الطغمويون من داخل العملية السياسية. فهنالك، على سبيل المثال لا الحصر، (17) نائباً متهماً بالإرهاب يأبى رئيس مجلس النواب طرح طلب مجلس القضاء نزع الحصانة البرلمانية عنهم على التصويت.
كما إن رئيس مجلس النواب قد أفقد العراق بيئته التشريعية السليمة وبناءً على ذلك حرم العراق من بيئاته السليمة السياسية والأمنية والتنموية والثقافية وغيرها.
صار شعارهم العملي بإختصار: “أحكمك أو أقتلك أو أخرب البلد”.
ينضوي تحت باب الطغمويين أطراف إئتلاف العراقية وهم “إئتلاف متحدون لأجل الإصلاح” (السيد أسامة النجيفي) و”إئتلاف العراقية” (الدكتور أياد علاوي) و “إئتلاف العربية” (الدكتور صالح المطلك).
كل هذا المشهد المأساوي يشكل جانباً من جوانب المحنة العراقية. ولا أراني بحاجة إلى تذكير المنتخِب الشريف بوجوب معاقبة هؤلاء عبر صناديق الإقتراع.
غير أن المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد. كان على أولي الألباب من المثقفين أن يتحركوا ليلعبوا دورهم في وضع حد لهدر شلالات الدماء النازفة من الأبرياء عبر النقد والإدانة والتجريم. لكنهم لم يفعلوا ذلك للسبب الذي سبق ذكره وهو إحتواء الأمريكيين لأولئك المثقفين وتسخيرهم لخدمة التكتيك الأمريكي المنوه عنه أعلاه ودفعهم إلى خندق الطغمويين والإرهابيين الفكري وإسقاط الحكومة المنتخبة.
خرجوا أخيراً علينا بلملوم من الفاشلين والطائفيين والسطحيين والمهرجين والمؤدلجين والإنتهازيين والمرتبطين ويريدون، بجد، من الشعب إنتخابهم!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته : “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): يمكن الإطلاع على المقابلة الهامة جداً للرئيس نوري المالكي في قناة “الميادين” على الرابط التالي:
http://www.almayadeen.net/ar/Programs/Episode/Ph4OOaJl,0yRk6MYAS2kcg/1/2014-04-25-%D9%86%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A—%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A
(3): كان الإنتاج الأمريكي عام 1945 يشكل 40% من الإنتاج العالمي؛ وأصبح الآن يشكل 17%.
(4): ورد في موقع “فرانس 24” ما يلي:
“إن 67 شخصًا من أثرياء العالم يمتلكون ما يملكه 3.5 مليار من سكان العالم من أموال” ؟
(أي إن 67 شخصاً في العالم يملكون بقدر مجموع ما يملكه 3500 مليون إنسان!!).
ونشرت منظمة “أوكسفام” البريطانية التي تناضل ضد البؤس في العالم ما يلي:
“أن 5 عائلات أغنى من 20 % من السكان في بريطانيا”؟
(أي إن 5 عائلات بريطانية تملك بقدر مجموع ما يملكه 12.6 مليون شخص بريطاني!!)
(5): مثال: كان آخر “إبداعات” فضائية (الحرة – عراق) “المحايدة جداً” هو برنامجها “بالعراقي” يوم 28/4/2014 حول “إمكانية التغيير في الإنتخابات المقبلة” حيث لم يكن من بين المشاركين ممثل أكبر كيان سياسي وصاحب أهم وأخطر مشروع إنتخابي للتغيير وهو الأخذ بمبدأ الأغلبية السياسية ونبذ المحاصصة في تشكيل الحكومة القادمة وهو إئتلاف دولة القانون، ولم تراَعَ الأصول في عدم اللياقة في الطعن بجهة لا يوجد بين الحاضرين من يمثلها، إذ جرى الطعن والتشهير بإئتلاف دولة القانون حتى أن النائب الصدري البذيء أمير الكناني قد وصف الرئيس المالكي ب”الطوطم”.
لم يكن بين الحاضرين من ناضج وجاد وموضوعي ومتخصص سوى السيد مزهر الساعدي مدير “المرصد النيابي العراقي”.