7 أبريل، 2024 9:32 ص
Search
Close this search box.

الإنتخابات لا تأت إلا بالضعيف مهنيا ؟!… إلا إذا …

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم تتمخض التجارب الديمقراطية في الدول المتخلفة ومنها العراق ، عن ولادة مجالس وهيئات تصلح حالها وتغيير أحوالها نحو الأحسن والأفضل ، ولم ولن ترتقي ببلدانها وشعوبها إلى الحد الأدنى المطلوب ثقافيا وحضاريا ، ولم ولن تؤسس لبناء قواعد تقدم وتطور أوطانها تنمويا مستداما وشاملا ، بسبب التنافس على كراسي الحكم وتحقيق المصالح الشخصية والآنية الضيقة ، المنتهية بصراع دموي لا يبقي ولا يذر من عوائل السلطة وأتباعها ، إلا ما ندر ممن تتلقفه دول الشتات والمهجر بأيدي العطف والحنان المفقود إنسانيا ، ومثالنا اليوم بين أيدينا في التجربة الإنتخابية الرابعة بعد الإحتلال وبرعايته ، التي طفح على سطحها ما كان مخفيا تحت أغطية التوافقات السياسية لأدوات صناعها ، حيث لم تكن الإنتخابات الثلاث السابقة أكثر نزاهة ولا أقل تلاعبا وتزويرا ، ولكن صحوة الناخبين التي أحالت آماني وأمنيات الفاشلين والفاسدين ومؤيديهم إلى أضغاث أحلام مفزعة وصادمة ، جعلتهم يتعثرون في خطوات أقدامهم ويتخبطون في إجراءاتهم ، التي إعتادوا على إتباعها من غير رقيب ولا حسيب ؟!، ولا يزالون يتشدقون بما يعرفونه نفاقا وشرا مستطيرا ، مع أنهم يتجاهلون ذلك أو يجهلون حقيقته ، ولا يعرفون ولا يميزون بين ذلك وبين سراب ما إليه يحتكمون ؟!. حيث لا معنى ولا وجود لحالة الفراغ الدستوري الذي به يتشدقون ؟!. وقد رأينا العراق بدون حكام فاعلين في أكثر من زمن وحالة ، وليس لتمديد مدة عمل مجلس النواب إلى نهاية السنة التقويمية الرابعة المنتهية في 31/12 من مسوغ قانوني ، وليس لإلغاء الإنتخابات أو نتائجها من سند دستوري ، وليس لدعوى تشكيل حكومة تصريف الأعمال من مبرر صحيح وسليم ، في غير حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء وعد الوزارة مستقيلة ، لمدة ثلاثين يوما لتصريف الأمور اليومية حسب أحكام المادة (61/ثامنا) من الدستور ، وحالة حل مجلس النواب حسب أحكام المادة (64) من الدستور ، ولمدة أقصاها (60) ستون يوما من تأريخ الحل ، كما تستمر الوزارة حكما بممارسة أعمالها طيلة المدد المحددة في المادتين (76 و81 ) من الدستور ، إلى حين تشكيل الوزارة الجديدة بتكليف من رئيس الجمهورية ، ولا إستفتاء على ما لا يقرره الدستور من قبيل قبول أو رفض نتائج الإنتخابات ، لعدم جواز إلغاء دور المشاركين في الإنتخابات حينها ، ومنح المقاطعين الفوضويين فرصة تحقيق أهدافهم في غير محلها ووقتها ، وبما يحقق رغبة الخاسرين وأحلامهم في الحصول على مقاعد برلمانية أكثر عند إعادة الإنتخابات ، ويصرح آخر وليس بأخير ، بعدم تشكيل الحكومة ما لم يتم تدقيق وتصحيح نتائج الإنتخابات ، وكأن ذلك مما لم يكن هو المقرر والمطلوب ؟!، وهكذا هي صورة الديمقراطية في العراق المحتل ، كل أعضاء السلطات وأفراد الشعب ، محللين سياسيين وأصحاب رأي وقرار وناطقين رسميين باسم أنفسهم وغيرهم ، مسؤولين وغير مسؤولين ، مثقفين وجهلة ومتخلفين ، وتلك هي الفوضى الخلاقة المنتجة لما هو الأسوء من الأقوال والأفعال ، ولكن عليهم جميعا المشاركة في الإنتخابات لإنتاج أشخاص السلطات الثلاث وتشكيلاتها ، ومن يقاطع الإنتخابات خاضعا لتوجيهات المزورين ومشاركا إياهم في كل ما يفعلون ويرتكبون ، لا يحق له الإدعاء في كونه جزء من الشعب الذي هو مصدر السلطات … وعلى الرغم من كل ذلك التخبط السياسي والتعدد في الآراء غير الناضجة وغير السوية ، وبالرغم من الضعف التخصصي والمهني لأشخاص ذلك النتاج بشكل عام ، المؤسس على وفق المعتمد من الشروط الموضوعة حسب رغبة وإرادة المتنفذين قانونا في الوقت الحاضر ، إلا إنها أفضل من محاولة إخضاع الشعب لأحكام شريعة الغاب ، التي يسعى إلى بناء كيانها الجهلة والمتخلفين والفاشلين في ممارسة إختصاصاتهم العلمية وأعمالهم المهنية ؟!.

إن حرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية ، والإهتمام بشؤونها بما ينسجم مع

الدين والقانون ، وتعزيز قيمها الإنسانية النبيلة ، بما يساهم في تطوير المجتمع ، ومنع الأعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الإنسان ، حسب نص المادة (45/ثانيا) من الدستور

، لا يعني منحها في ظل قيام مؤسسات الدولة والقانون ، ما كان مألوفا عند غياب دور الدولة أو ضعف علاقتها التنظيمية مع الشعب ، لتكون العشائر أقوى من الدولة ومؤسسات سلطاتها ، وغلبة أحكام أعرافها بمنع نفاذ سلطة القانون على واقع ومجريات أحداث الحياة العامة ، وإذا كانت تلك الكيانات مجبولة على الفطرة منذ نشأتها ، في إصلاح ذات البين ومد يد العون وحل المشاكل والخلافات الناشئة فيما بين أبنائها ، أو تلك التي تحصل مع مثيلاتها ، فإنها اليوم بين سندان طمع بعض أفرادها ومطارق السلطات الحاكمة وأحزابها ، حتى دب فيها وبين أوصالها ما لا يرجى منها ، لتأخذ الإنتهازية السياسية والتوجهات المذهبية من جرف شواطئها رملا تذر به العيون ، التي لم تكن ترى غير فضائل الكرم والجود فخرا ، وحبا في التسامح والعفو والتضحية ، التي أضاعها ( شيوخ التسعينيات والصدفة قبل وبعد الإحتلال ) المتكالبين على تحقيق مآربهم الشخصية ، بدلا من السعي لأن تكون مجالس العشائر من منظمات المجتمع المدني ، التي تلد أرحامها ما تحتاج إليه الأيام في يسرها وعسرها ، من الرجال والنساء على حد سواء ، بدلا من الصراعات الدموية التي ذاع صيتها من أجل دراهم معدودة ، أو تلك التي إرتضت التدخل في الشأن السياسي المتعارض مع نواميسها .

كذلك وفي ذات النهج والمنهج سارت الكيانات والأحزاب السياسية ، بعدما وجدت في الإنتخابات أقصر الطرق وصولا إلى مراكز السلطة والقرار ، لتشرع لنفسها بحكم إستحواذها على دفة الحكم بقوة وسلاح وأموال وإمكانيات السلطات ، ما يلبي طمعها وطموحها في السيطرة والنفوذ ، على من لا قبل لها في موازاتهم علما ومكانة بين الصفوف ، فكانت قوانين الإنتخابات سلما لتبوأ الجهلة ما يرومون إمتطاء صهوته وإبتغاء منافعه في أقل وقت وجهد وكلفة ، وإن كان ذلك بالتزوير أو بشراء الذمم على حساب مصالح الشعب والوطن ، وآخرها محاولات إخفاء معالم جرائمهم بحرق الأجهزة وبعض الوثائق والمستندات الدالة على خسارتهم في الإنتخابات ، إلا إنها لا تشكل نهاية المطاف والمصير ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

إن البحث عن مثيري الفتنة والشغب ليس بالأمر العسير ، فقد خبر العراقيون معرفة المارقين ، من خلال معرفتهم بالمستفيدين ، وأولهم الفرحين بحرق أصوات الإقتراع تيمنا وتمهيدا لحرق ما تبقى من العراق وقتل أبناءه البررة ، فكان الرد سباقا أن تلكم نخب طلائعنا ناخبين ومرشحين ، ومن أولي العزم في تحقيق الإصلاح والتغيير ، ثم الخاسرين من النواب السابقين ، الذين سارعوا إلى إستغلال فترة سلطتهم المنتهية بعد عشرين يوما ، لإصدار قانون يتقاطع مع سبق نفاذ الحقوق للمواطنين ناخبين ومرشحين ، مع تجاهلهم لآليات المصادقة على القوانين المحددة في المادة (138/خامسا) من الدستور ، التي تحتاج في مرحلتي المصادقة على ما يتجاوز حدود الأيام الباقية من مدة سلطتهم الفاشلة والفاسدة الخاسرة ، إضافة إلى عدم إنتظار نتائج الطعن الدستورية لدى المحكمة الإتحادية العليا عملا بأحكام المادة (97/ثالثا) من الدستور ، حيث ( يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن) حسب حكم المادة (100) منه ، أما التبجح بنفاذ القانون من تأريخ إصدارة ، فذلك للبيان بعدم نفاذه من تأريخ نشره في الجريدة الرسمية عملا بأحكام المادة (129) من الدستور ، على أن لا يكون ذلك في ظل توقعات ومزاعم عدم المصادقة عليه خلال العشرة أيام الأولى المقررة للموافقة عليه وإصداره ، وذلك ما حصل فعلا وللأسف الشديد ، والذي يتوقع رفضه والطعن بدستوريته من قبل المحكمة الإتحادية العليا ، بإستثناء إقرار إجراءات العد والفرز اليدوي ، الذي لا يروق ولا يتناسب ولا ينسجم مع تطلعات الفائزين بالتزوير ، وأؤلئك هم الصنف الثالث من المشاركين في صنع عقبات ومعوقات العمل من أجل محاربة الفاشلين والفاسدين ؟!.

لقد كتبت على صفحة التواصل الإجتماعي قبل الإنتخابات وتحت عنوان ( علج المخبل ترس حلكه ) ، وهو مثل عراقي يضرب للتهكم من كل حالة تتجاوز طرق ووسائل وأساليب ممارستها حدود المعقول والمقبول في التطبيق أو التنفيذ ، وقد يكون في عدد المرشحين لإنتخابات سنة 2018 ما يتناسب مع مضمون المثل ومدلولاته ، لما يمثله من شكل الصورة المتكونة والمقابلة والمتصلة بقصد النقد أو الإنتقاد ، ولما تشكله المنافسة غير السوية من حيث الكم أو النوع ، على عدد المقاعد النيابية المحددة والمعينة لكل محافظة ، والمتمثلة في صعوبة الإختيار وتوزع الأصوات وتبعثرها وتناثرها بين أشواك المرشحين ، ومن ثم ضياع الفائدة المبتغاة ، بسبب زيادة عدد الحفاة من المرشحين ، الذين يزيد عددهم على عدد المقاعد بإضعاف مضاعفة .

وعليه نرى وعن طريق تعديل قانون الإنتخابات ، تقليص عدد المرشحين إلى ثلاثة متنافسين لكل مقعد ، وذلك بإعتماد معايير الأفضلية في إختيار المرشحين وبالعدد المطلوب من قبل لجنة الإنتقاء التي تشكل للغرض المطلوب … وذلك بمنح نقطة إضافية لكل مستوى حالة أعلى للمرشح ، لغرض قبول وإقرار ترشحه لخوض غمار المنافسة أولا ، من حيث :-

1- الشهادة الدراسية أو التحصيل العلمي .

2- مدة الخدمة الفعلية في دوائر الدولة أو الممارسات العمليىة الفعلية والتطبيقية المهنية المعتبرة في القطاع الخاص ، والتي لا تقل عن (10) عشر سنوات .

3- عدد البحوث والدراسات والكتب المؤلفة والموثقة رسميا .
إن مجلس النواب يحتاج إلى خبراء تكنوقراط من جميع الإختصاصات ، وليس لكل من هب ودب في تشكيلات الأحزاب أو على صفحات التواصل الإجتماعي أو في ساحات التظاهر والإحتجاج ، حق الترشيح وتمثيل الشعب وتحقيق أمانيه ، لأن من يقرأ القسم الوارد في المادة (50) من الدستور بدقة وعناية وتدبر ، أن (( أقسم بالله العلي العظيم ، أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص ، وأن أحافظ على إستقلال العراق وسيادته وأرعى مصالح شعبه ، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الإتحادي ، وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة وإستقلال القضاء ، وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد ، والله على ما أقول شهيد)) . سيعرف المطلوب منه ، وفيما إذا كانت لديه مقومات القدرة الفكرية العلمية التخصصية والممارسة العملية المهنية لإنجاز المطلوب ، وليس قبل ذلك وبعده إلا العسير والمستحيل من إمكانيات إنتاج التشريعات ورقابة الإجراءات .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب