تعد الانتخابات البرلمانية نقطة الارتكاز الأولى لبناء العملية السياسية الديمقراطية، المبنية على التداول السلمي للسلطة، كما تعتبر الطريق الوحيد الذي يمكن الحزب السياسي من الوصول لسدة الحكم وتطبيق ما يؤمن به من رؤى ومشاريع تخدم المواطن وتنهض بالبلد .
إن نيل ثقة الشعب يتطلب من الحزب تارة ومن المرشح تارة أخرى، تبيان المشروع وتوضيحه للجمهور وإقناعهم بالتصويت له باعتباره الأنجع لتحقيق المصالح للجمهور والوسيلة الهادفة للنهوض بالواقع على كافة مستوياته.
بعد عام 2003 دون تاريخ العراق أحداثا ديمقراطية رسمت أروع ملاحم الديمقراطية الفتية، والتي ابتدأت بالتصويت على الدستور وصولا للانتخابات النيابية الأخيرة عام 2014 ، وتلك التجارب غذت المواطن العراقي بوعي جعلت منه متفهما لمعنى الخروج للتصويت واختيار الأكفأ، كما أعطته فهما كافيا لفضح كافة الالعايب الانتخابية التي مورست في التجارب السابقة من توزيع سندات الأراضي، وتقديم الوعود بالتعيين، وغيرها من المرغبات الإنتخابية.
لكن ذلك الفهم جعل الجزء الأكبر من الأحزاب والتيارات السياسية الماسكة لزمام السلطة في دوامة لا يمكن الخروج منها، كونها أصبحت عاجزة عن تمرير مشاريعها المتهالكة وكلماتها الباليه هذا من جانب، ومن جانب أخر عدم استطاعتها إقناع الجمهور بانتخابها لفشلها في إدارة السلطة التي أوكلت إليها وانعدام المبررات اللازمة للدفاع عن نفسها.
وبوجود تلك المخاوف نكون أمام خارطة سياسية جديدة تختلف عن سابقاتها في المرحلة المنصرمة، كون التوقعات تشير إلى تغيرات و مفاجآت قد تطيح ببعض الرموز التقليدين وكذلك بعض الأحزاب، وهذه المفاجآت تشير وبخط متوازي إلى صعود نجم أشخاص وأحزاب سياسية أخرى لم تكن معروفه من قبل أو لم تسنح لها الفرصة لتطبيق مشروعها بشكل كامل، وهذا التخوف لا ينحصر بساحة سياسية واحدة بل يشمل جميع الساحات السياسية العراقية.
إن الساحة السياسية في العراق مقسمة على ثلاث مساحات هي (الشيعية، السنية، الكردية، وبعض القوى الصغيرة)، فالساحة الشيعية شهدت في الآونة الأخيرة انشقاقات كثيرة أفرزت أحزاب ومشاريع جديدة يؤمل أن تتصدر المقدمة في الانتخابات المقبلة والتفاؤل هذا يغيض الآخرين المتوقع زوالهم من المشهد السياسي العراقي.
اما الساحة السنية فهي الأكثر تعقيد من سابقتها، كون أن المتصدين في المرحلة المقبلة حملهم جمهورهم جميع المآسي التي عصفت بهم والتي جعلتهم مشردين بين الأوطان، وبالتالي أفول نجمهم يكاد يجزم به من قبل أصحاب المشاريع السنية الجديدة التي برزت إلى سطح المشهد السياسي موخرا.
وفيما يتعلق بالساحة الكردية فإنها تعاني من سوء تصرف رمى بها جانبا من خلال المضي بالاستفتاء في 25/9/2107 مع ما يجانبه من ازمة الرواتب والحصار المفروض عليهم من قبل الحكومة الاتحادية المطابق للقانون، وهذه الأزمات وغيرها أنتجت جمهورا كرديا ناقما على من أوصله لهذه المرحلة وسعيه لإعطاء صوته لمشاريع شبابية تتمتع بروح التعاون غير تلك الروح التي يملؤها التكبر والتعند.
لذا تعد لحظة إعلان نتائج الانتخابات المقبلة في 12/5/2018 لحظة حاسمة من تاريخ العراق الحديث معلنه أفول نجوم ساسة كثرت وعودهم وقل نتاجهم، وبروز شعاع مشاريع سياسية واعدة بنكهة شبابية نتأمل منها أن تغير الواقع إلى ماهو أفضل.