واخيرا انتهت مسرحية الإنتخابات العراقية التي تعتبر الصفحة الوحيدة التي نجح الكاظمي في تنفيذها حسب ما وعد به الشعب العراقي، بعد ان ترك بقية الوعود ورائه، وكانت ولادة الإنتخابات مشوهة بإعتراف الفائزين والفاشلين على حد سواء.
اغرب ما في مطالب الميليشات الولائية كان مناشدة الحكومة العراقية بحماية متظاهري الميليشيات الولائية، هؤلاء المتظاهرين هم أنفسهم الذين قتلوا ثوار تشرين وأغتالوا وخطفوا الناشطين، من العجب العجاب ان إرهابي الماضي القريب يطلبوا حمايتهم من الإرهابيين الرسميين (قوات مكافحة الشغب)!
قادة الميليشيات الولائية الذين مدحوا الإنتخابات قبل بدأها وسرعان ما تحولت بوصلتهم الى ذمها، والزعم ان السيفرات موجودة في الإمارات، مع انعم يعلموا ان السفرات موجودة في الإمارات ولم يعترضوا عليها قبل الإقتراع، مما يثير التساؤل. ومن الغرائب ان البعض وزع الإتهامات في التزوير على الصعيدين المحلي والعربي والدولي، فالمحلي يتمثل بمفوضية الإنتخابات، والعربي يتمثل بالإمارات والسعودية، والعالمي يتمثل بالولايات المتحدة والمانيا واسبانيا وكوريا الجنوبية، كل هؤلاء يخشون من فوز الحشد الولائي بالإنتخابات، سيما ان مميزات مقاتل الحشد كما وصفها أحد أعمدة الغباء في العراق بالقول” لدى عناصر الحشد الشعبي مواصفات خاصة، فعنصر الحشد لدية مواصفات خاصة، فهو إذا لم يجد العلم الي فوق رأسه فيه مكتوب عليها يا حسين يا عباس لا يعرف ان يقاتل. إذا لم تقرأ له دعاء كميل يوم الخميس، ودعاء الثلاثاء لا يعرف أن يقاتل، إذا لم تقرأ له الأدعية والتعاويذ قبل الدخول الى ساحة المعركة لا يحسن القتال”.
هذه إذن هي مصادر قوة الحشد الولائي، والتي تحاول الدول العظمى حلٌ لغزها، لغرض الإستفادة منها في حروبهم الدولية القادمة (رايتا الحسين والعباس ودعاء كميل). علما ان عناصر الحشد هي من عاقبت زعماء الحشد في التصويت، لأنهم تاجروا بدماء شهدائهم، وسرقوا رواتبهم. وهذا ما حفز زعماء الميليشيات الولائية بالتهديد بالسلاح. حتى يمكن القول ان زعماء الميليشيات الولائية لهم عين على صندوق الإقتراع وأخرى على صندوق العتاد، لتصحيح ما يسموه بمسار الإنتخابات. ولكن نهاية المشهد ستتم بالتفاوض بين الفريقين الشيعيين، كما جرى الأمر في الإنتخابات السابقة، فلا الخامنئي ولا السيستاني يسمحان بحرب شيعية شيعية، لذا يمكن القول إن التهديد بالسلاح هو ورقة تفاوضية الغرض منها إبتزاز الطرف المقابل، علاوة على تخويف الشارع العراقي بتهديد السلم الأهلي.
سبق أن صرح مقتدى الصدر بأن “كل اشكال التدخل الخارجي مرفوضة”، هو نفسه حضر إجتماع قائد الحرس الثوري الايراني إسماغيل قآني مع بقية زعماء الميليشيات الولائية. وصرح مصدران ايرانيان لرويترز وجود قآني في بغداد ـ بعد ظهور نتائخ الإنتخابات الأولية ـ لغرض التنسيق مع الزعماء الولائيين وتشكيل الحكومة القادمة. ونسأل الصدر هل آقاني منح الجنسية العراقي واعتبر عراقي من حقه التدخل في الشأن الداخلي، ام ان تدخل ايران لا يعتبر تدخل خارجي وفق المنظور الصدري، وانما كان الصدر يقصد دول اخرى؟
لا يمكن ان يدعي أحد بنزاهة الإنتخابات ولو بنسبة 80%، فليس من المعقول ان يحصل التيار الصدري على مقاعد تعادل مقاعد أهل السنة والأكراد مجتمعين، كأنما صار الصدريون أغلبية الشعب العراقي، علما ان ما حصلوا عليه من أصوات هو (600) الف صوت، أي أقل من الأصوات التي حصلوا عليها في الإنتخابات السابقة بحوالي النصف، وحصلوا على مقاعد في الإنتخابات الحالية ما يقارب ضعف ما حصلوا عليه في الإنتخابات السابقة. بل لا يمكن ان يعقل ان مناطق غالبية سكانها من أهل السنة كالمنصور واليرموك وحي الجامعة يحصل الصدريون فيها على مقاعد.
هذا الأمر يذكرنا بفوز نوري المالكي في الإنتخابات السابقة بنسبة 98% من أصوات أهل السنة في مناطق اطراف بغداد الذي جرف أراضيهم وقام بصولات ضدهم. تبقى مسألة رئيس إختبار الحكومة من أصعب المسائل المقبلة بغض النظر عمن ستولى هذا المنصب سواء مرشح مقتدى الصدر أو نوري المالكي، لأنه هذا المنصب يترتب عليه تقديم تنازلات لأهل السنة والأكراد والولايات المتحدة وولاية الفقيه، أي مجموعة غير متجانسة من المصالح المتناقضة، من الصعب التوفيق بينهم.
كاتبة عرقية
العراق المحتل