في حّيَّنا البائس، كسائر أحياء بغداد الفقيرة، الفرحةُ فيهِ لا تكتمل أبداً، والظاهر أن السيد المسؤول لا يريد أن يرضي خالقه بإدخال الفرح والسرور على أطفالنا.
مشاكل أحيائنا كثيرة، وهي لا تنتهي حتى مع نهايتنا، لأنها ستكون مادة بحثية مهمة، بل قد تكون مختبرات مجانية، لكشف زيف وإجرام وخسة المسؤول، الذي لا يخشى أحداً في ظلمنا، بالرغم من أن بعض المسؤولين كانوا من سكنة أحيائنا، ووصلوا إلى مناصبهم بأصواتنا.
ففي كل صيف نعاني من شحة مياه الشرب، وفي كل شتاء يعدنا المسؤول خيراً، وهكذا الكهرباء، وقد تركنا موضوعهما فلا يعلم علتهما حتى وزرائهما، ثم بعد ذلك بدأت مشكلة تصريف المياه، بعد أن أكتضت أحيائنا بالمساكن العشوائية، فقد حفر الناس سواقي لتصريف المياه، ولكن المسؤول أبى، وإنتخى فقال:(أنا أخو هدلة!)، وفعلاً كان على غرار أخو هدلة السابق، فجاء بأنابيب المجاري، وحفر شوارعنا وقام بدفن الانابيب ثم تحول من (أخو هدلة) إلى (أخو فلته)، وقد خرَّب شوارعنا، وجعل بيوتنا مأوى للمياه الآسنة!
كذلك فبعد أن تآكلت أعمدة الكهرباء القديمة، ونظراً لزيادة عدد سكان الحي إلى الضعفين، قررت وزارة الكهرباء تزويد المنطقة بشبكة أعمدة كهرباء جديدة، ومحولات تغطي الحجم السكاني للمنطقة، وإستبشرنا خيراً، فبدأوا برفع الأعمدة القديمة ونصب أعمدة جديدة، ولكن كما يقال (يا فرحة ما تمت)، عند تشغيل الكهرباء، إحترقت وعطبت أغلب الأجهزة الكهربائية للمنازل، وعندما سألنا: لماذا!؟
جاءنا رد المسؤول وبكل بساطة: إن من قام بإبدال الشبكة الكهربائية هو (المقاول) المتعاقد مع وزارة الكهرباء، وليس فنيوا الوزارة! وعمال المقاول جاهلون بأمور الكهرباء!
لا ضير، قام أصحاب المنازل بالذهاب للكهربائي(حسين أبو درج)، وقام هذا الرجل بإعادة ربط كهرباء المنازل بصورة صحيحة، مقابل أجر مالي، وإنتهت المسألة على خير وعافية.
بما أن أحيائنا تعد مناطق شعبية تستمر الحركة فيها على مدار الساعة، قرر السيد المسؤول إنارة الشوارع والطرقات ليلاً، وبدؤوا بنصب شبكة إنارة ولها سلك(كيبل) خاص، لكي لا تؤثر على شبكة تزويد المنازل، وتم ربط المصابيح، ولكن حصلت المفاجئة أيضاً بأن أغلب المصابيح لم تضئ.
ذهب الناس إلى دائرة الكهرباء ليستعلموا عن الموضوع، فكان الرد كالسابق إنه(المقاول) ولا شأن لنا بذلك، وسأل الناس فإلى أين نذهب!؟ فكان الرد: إذهبوا إلى دائرة تقع في منطقة البلديات، وبعد التي واللتيا، جاء أحدهم وصعد إلى الأعمدة، فنزل وقال: أن بعض الكابينات معطلة وأخرى مسروقة، فسأله الناس: وما الحل!؟
فكان الرد: إنتظروا الإنتخابات القادمة وهي أموركم تمشي!
فقام بعض الناس بالذهاب إلى المنقذ (حسين أبو درج) لربطها بالشبكة الرئيسية، ولكن أكتشفوا أن المصابيح عاطلة أيضاً! فأخرج كل منهم مصباح ووضعه أمام داره، وتحت شعار” الانارة شطارة”.
بقي شئ…
قال النبي(صلواته تعالى عليه وآله):رحم الله أمرء عمل عملاً فأتقنه. فأسألكم بنبيكم هل أنتم مسلمون!؟