18 ديسمبر، 2024 7:54 م

الإمام علي النهج والسلوك بين القانون والضمير .

الإمام علي النهج والسلوك بين القانون والضمير .

صدوق عن الزّاد الشّهيّ فؤاده *** رغيب إلى زاد التّقى والفضائل
جريء إلى قول الصّواب لسانه *** إذا ما الفتاوي أفحمت بالمسائل
اُعيدت له الشّمس الأصيل جلالةً *** وقد حال ثوب الصّبح في أرض بابل
يتوهم كل من يظن أن الإمام علي (ع) يرقد في النجف , لأنه يعيش في وجدان وضمائر وقلوب الأحرار بمختلف عناوينهم وهوياتهم ودياناتهم , علي مع الضمير وهو الرقابة الذاتية التي تتابع وتحاسب سلوك المرء أن أقدم على فعل ٍ مسيء تردعه وتمنعه من ممارسته , فهنالك فرق شاسع بين القانون والضمير , فالضمير هو الحد الأعلى الذي يحكم أخلاقيات الأنسان لأنه يحكم على النية والفكر وحتى على مشاعر القلب الداخلية ,أما القانون هو الحد الأدنى الذي يحكم أخلاقيات الأنسان فما أسهل أن يرتكب أي شخص الاساءة ويتوارى عن الانظار, وما أسهل أن يقوم بجريمته ومن ثم يُخفي معالمها ويلصقها بآخر بريء , وما أسهل أن يُسقط أهوائه وأمزجته وعقده الذاتية على القانون ويفسره تفسيراً رديئاً لصالحه , حسم الأمام علي هذا الجدل بقوله { أتقوا معاصي الله في الخلوات فأن الشاهد هو الحاكم ) أن تكون مع علي يعني أنك تعيش الانسانية من أوسع أبوابها ترتقي بروحك وتسمو بها فوق الضغائن والاحقاد ,أن تكون معه على النهج والسلوك الذي تعكس صورة مشرقة ومشرفة عنه في المطابقة بين الخطاب والفعل الذاتي ,على منهاج أبي تراب وهل نحن على نهجه ؟أحب كنية لعلي هي (أبو تراب) كناه النبي الأعظم من التراب والى التراب ,على منهاجه وهو الموحد الذي بلغ يقينه بربه بقوله {لو كشف لي الغطاء ما إزدت يقيناً }على منهاجه في تقاه الذي يمنعه أن يسلب جلب شعير بقوله {والله لو أعطيت الالقاليم السبع بما تحت أفلاكها على أن أسلب نملة جلب شعيرة ما فعلت } على منهاجه وهو حاكم الدولة الاسلامية ورأس الهرم فيها يخطب في العراقيين فيقول { دخلت مسجد الكوفة بقطيفتي هذه ولإن خرجت بغيرها فأنا خائن } على منهاجه في ترفعه ونقاوته وزهده إذ يقول {لو أردت لإهتديت الطريق الى مصفى العسل هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القزولكن هيهيات أن يغلبني هواي أو يقودني جشعي الى تخير الأطعمة ولعل بالحجاز أو اليمامة من لاعهد له بالشبع ولا طمه له بالقرص } على منهاجه في حب الخير بقوله {أحب لغيرك كما تحب لنفسك ووقيمة كل إمرىء ما يسحنه } على منهاجه حينما نتعامل مع من طلب الحق فأخطاه ,ومع من طلب الباطل فأدركه ,على منهاجه بعدم أكل حقوق الناس ومصادرتها بعناوين ومسميات بأسم الدين أو ظلم من لاناصر له ولا معين وهو القائل {وَ اللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً ، أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ ، وَ غَاصِباً لِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْحُطَامِ ، وَ كَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا ، وَ يَطُولُ فِي الثَّرَى حُلُولُهَا } مع علي وقول طه حسين عنه : ( كان الفرق بين علي ومعاوية عظيماً في السيرة والسياسة ، فقد كان علي مؤمناً بالخلافة ويرى أن من الحق عليه أن يقيم العدل بأوسع معانيه بين الناس ، أما معاوية فإنه لا يجد في ذلك بأساً ولا جناحاً ، فكان الطامعون يجدون عنده ما يريدون ، وكان الزاهدون يجدون عند علي ما يحبون)