الحديث عن شخصية الإمام الباقر، لا يمكن أن تحده وريقات، وتكفيه كلمات، فهو سليل الدوحة الهاشمية، وعَلم من أعلام الإئمة الإسلامية، الأربعة عشر المعصومين عليهم السلام. يعد الإمام الباقر عليه السلام، أول علوي يولد من أبوين علويين، فأمه الطاهرة أم عبد الله، بنت الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وأبيه الإمام السجاد عليه السلام. هذا الإمتزاج العلوي، قد أينعت ثمارة، بوجود فطحل من طراز خاص، سيدا في كل شيء. طفولة الإمام الباقر كانت مؤلمة، فهو الذي عاصر واقعة كربلاء، وكان من ضمن موكب السبايا، وله من العمر ثلاث سنوات. أحداث كربلاء، زرعت الأسى والحزن في قلب هذا الطود الشامخ، وكحال أبيه، كان الباقر عليه السلام غزير الدمعة، شديد الحزن والتأثر، لما حل بأهل بيته. إن طبيعة النظام الحاكم، الذي عاصره الامام صلوات ربي عليه، كانت طبيعة دكتاتورية، تكن العداء والبغضاء لآل رسول الله صلوات ربي عليه. مارس الأمويون، أشد أنواع التنكيل بال البيت وشيعتهم، وكان الحكم المرواني، صريحا بعداءه للأئمة صلوات ربي عليهم. عاصر الأمام الباقر خمسة من الخلفاء الأمويين، وكان هؤلاء الخمسة شديدي الظلم، ضد ال البيت، ماخلا فترة حكم عمر بن عبد العزيز، والتي وجد فيها الإمام الباقر عليه السلام، فسحة لنشر العلوم الاسلامية الأصيلة. أسس الإمام الباقر عليه السلام، جامعة علمية ضخمة، وكان العلماء يتصاغرون أمام علمه، وقد خرّج الإمام مجموعة من الطلبة، الذين رباهم ليحملوا علوم آل البيت، ونشرها بين الناس، كجابر بن يزيد الجعفي، وكيان السجستاني، وهما من الصحابة والتابعين، ومن العلماء المبارك الزهري، والاوزاعي، وغيرهم كثير، كما أفاد من علمه، كبار علماء السنة، ونقلوا الاف الاحاديث عنه عليهم السلام، كما فعل الطبري والبلاذري والخطيب البغدادي والسلامي. مكانة الإمام الباقر العلمية، جعلت العلماء يشيرون له بالبنان، فها هو إبن حجر الهيثمي يقول ” أظهر من مخبئات كنوز المعارف، وحقائق الأحكام، والحكم واللطائف، ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة، أو فاسد الطوية، والسريرة، ومن ثم قيل باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه، ورافعه.” جمع الإمام الباقر عليه السلام، كحال آباءه، جميع مكارم الاخلاق، فهو كريادته في العلم، كان كذلك في الحلم، وفي التواضع، وفي مكارم الأخلاق، والزهد والعبادة، وها هو يقابل ذاك الشامي، الذي جاء من الشام، لينكل بالأمام، فلما رأى الإمام فقال له الشامي: أأنت البقرة؟ فاجابه الامام بكل هدوء، يسموني الناس باقرا، فقال الشامي أ أنت إبن الخبازة؟ فأجاب الامام قائلا هي إمرأة وهذا شأنها، فقال الشامي أ أنت إبن البذيئة؟ فقال الإمام إن كانت كذلك، غفر الله لها، وإن لم تكن فغفر الله لك، فما كات من الشامي إلا أن يقع على قدمي الإمام، يقبلهما ويقول: الله أعلم حيث يضع رسالته. مكانة الإمام الباقر عليه السلام، وقربه من النفوس، جعلت البلاط الاموي يفكر بالتخلص منه، فأخذ هشام بن عبد الملك، بالتفكير في قتله، وزادت حدة غضبه من الامام، بعد زيارة الامام إلى دمشق، ومناظرته مع حبر المسيح الأعطم، لذا أقدم على سم الإمام، بوضع السم في ركاب جواده، لينتقل روحي فداه إلى بارئه كآبائه مظلوما شهيدا صابرا محتسبا. فسلام عليه يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حيا