9 أبريل، 2024 3:09 ص
Search
Close this search box.

الإمارات ونفق الأخوان !

Facebook
Twitter
LinkedIn

دولة الإمارات العربية المتحدة من قلائل دول العالم التي يرفل شعبها بنعمة الأمن والسلام بشكل يكاد يكون مطلقا منذ تأسيس هذه الدولة نهاية عام 1971م وحتى يومنا هذا ، فيكفي أن تقول أنك تعيش أو تعمل في أي مدينة من مدن الإمارات ليغبطك السامع بما يعنيه العيش في مثل الإمارات بلدا من نعم الأمن وتوفير الخدمات ويسر المعيشة وتمتع الجميع بطيب الأماكن فيها دون تفريق بين غني وفقير أو بين حاكم ومحكوم . هذه الدولة ومنذ تأسيسها أيضا ، أبتعدت بقدر معلوم عن المهاترات السياسية التي عصفت بعالمنا العربي في عقود السبعينات والثمانينات ، ثم نأت بنفسها عن المواقف الحدية في علاقاتها مع دول العالم المختلفة سواء في محيطها العربي والأقليمي أم على المستوى العالمي بكل أختلافاته ومفارقاته وحروبه الساخنة منها والباردة .
وفي مجال العمل التنظيمي ، فإن الأمارات، حظرت في دستورها أي عمل تنظيمي سياسي مهما كانت دوافعه وأتجاهاته وأفكاره ، ولا يسمح النظام الأمني الإماراتي لإي جهة ، بالعمل التنظيمي أستثناءا من هذا الحظر ، ولكن الجميع يعلم أن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تنشأ من فراغ ، بل هي نتاج أتحاد إمارات كانت ستة في بداية الأمر وهي ( أبوظبي ، دبي ، الشارقة ، عجمان ، أم القيوين ،والفجيرة ) ثم لحقت بهم بعد بضعة أشهر الإمارة السابعة ، إمارة رأس الخيمة ، وفي هذه الإمارات كانت هناك ميول وأتجاهات بعضها يميل إلى المدرسة القومية والآخر يميل إلى الأتجاهات الأسلامية وآخرين وهم الغالبية كانوا من المعتدلين ، بين الدين والأتجاه القومي العربي ، ولعل من بين ما يؤشر في فترة بداية تشكّل الدولة وعاصمتها أبوظبي ، أنه كان هناك نوع من النفوذ لشخصيات رسمية إماراتية كانت تميل ميلا شديدا تجاه التنظيمات الدينية وعلى وجه الدقة ، تنظيم الأخوان المسلمين ، قد لا أقول أنهم كانوا ضمن هذا التنظيم ، لكني أؤكد أنهم قدموا المساعدات والمنح الدراسية لإعضاء هذا التنظيم حتى وإن لم يكونوا من أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة . ولعل أكثر من حملوا فكر الأخوان بشكل ملحوظ من أبناء الإمارات، بعض الطلبة الذين أكملوا دراستهم في قطر أو أختلطوا لإي سبب كان مع القطريين ، حيث كانت قطر تمثل بؤرة النشاط الفعّال للجماعة في الخليج ، وفي الحقيقة هي ما زالت كذلك ، ويكفي أنها تسمح عبر وسائل الأعلام الموجودة على أراضيها بإطلاق  تصريحات كالتي أطلقها الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والتي مس بها رموز الامارات في برنامج من على قناة عربية كبيرة تملكها قطر وتتخذ من الدوحة مقرا لها . ويرى متابعون لشأن التنظيم الأخواني وقياديين من داخل التنظيم ، أن هذا التنظيم يمتلك ماكينة إعلامية ضخمة ممولة بالكامل تقريبا من دولة خليجية .
أراقب منذ أن أطلق قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تصريحاته التي هاجم فيها جماعة الأخوان المسلمين واصفا إياهم بالتنظيم الاجرامي ، وأعتبرهم يشكلون “خطرا على أمن الخليج ” ، وبعد فوز الأخوان في أنتخابات جمهورية مصر العربية أرتفعت حدة التصريحات المباشرة بين خلفان وبين المتحدث بإسم الأخوان محمود غزلان حتى بلغت حدود أستدعاء الخارجية المصرية السفير الاماراتي في القاهرة لتبلغه اعتراضا على تصريحات قائد شرطة دبي ضد مرسي والإخوان ، ثم صعّد ضاحي خلفان من حدة الحرب الكلامية بحق الأخوان من خلال تحذير الدول العربية من ترك سوريا تسقط في يد تنظيم الإخوان المسلمين، وقال: “إنه ما من سبيل إلا أن يقتنع بشار أن الطريق أصبح مسدودا في وجهه، لكن يجب على العرب أن لا يضعوا سوريا في يد الإخوان ، ويجب على السوريين أن لا يضعوا سوريا في يد الإخوان ؛ لأن دخول سوريا في يد الإخوان يعني أن العرب فعلا سينقسمون إلى طائفتين مع وضد الإخوان ” . ويأتي تشخيص قضية الأخوان بحسب وجهة نظره أن” الإخوان كانوا تنظيما وأصبحوا دولة وحينما أصبحوا دولة ، الموقف القانوني يتغير ، كل من يتعامل مع دولة الإخوان يصبح عميلا ، إذن الأغلبية الحاكمة أصبحت دولة ، وإذا كانت لديها تنظيم في أي دولة أخرى وتقوم بنشاط يصبح ملحقا بها وعميلا لها وبحكم القانون لا يفلتون من العقاب” !! .
تنظيم الأخوان من جهته شن ويشن ، حربا إعلامية يبدو أنها تستهدف إشعال فتنة في الساحة الإماراتية بعد أن تيقنت الجماعة صعوبة التحرك التنظيمي الفعّال في ظل ظروف أمنية بالغة الدقة وأحوال أقتصادية وأجتماعية وسياسية مستقرة إلى حد كبير ، ويصور الإعلام الأخواني ( إن صح تسميته بهذه التسمية) ، يصور قيادة الإمارات على أنها تتخذ موقفا معاديا لحركة تحرر الشعوب العربية أو ما أصطلح على تسميته بالربيع العربي ، وبالطبع تبارت وسائل الإعلام الإماراتية وكتاب الأعمدة والمحللين السياسيين إلى تكريس أقلامهم نحو حرب مع تنظيم الأخوان بشكل عام ، كما أعلن شيوخ القبائل الأماراتية رفضهم لما تسوقه وسائل إعلام الأخوان أو مسؤوليهم من أتهامات وأوصاف بحق حكامهم أو بلدهم ، وأخيرا قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي خلال مؤتمر عقده مع كوستيانتين هريتشينكو وزير خارجية أوكرانيا بمقر وزارة الخارجية بأبوظبي “ان فكر الاخوان المسلمين لا يؤمن بالدولة الوطنية ولا يؤمن بسيادة الدول ولهذا السبب ليس غريب ان يقوم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بالتواصل والعمل على اختراق هيبة الدول وسيادتها وقوانينها” ، وأضاف في أستدراك مهم “لا احد ضد أي عمل يقوم به أفراد يحترمون سيادة وقوانين الدول ولكن هناك اشكالية عند الدول في حالة وجود تنظيم يعتقد انه هناك هيبة ومكانة وقدرة لدى جهات معينة يمكنها ان تخترق السيادة وهذه الجهات تعترف انها كيانات شمولية تريد ان تعتدي وتخترق أنظمة وقوانين وسيادة تلك الدول”.
كل ما يحصل في دولة الإمارات العربية المتحدة يحتاج حقيقة إلى مراجعة ، ومراجعة سريعة ، فمن وجهة نظري أن هذه الدولة التي يحبها الجميع ، قد اوجدت أعلاميا وتنظيميا وربما أمنيا ، (عدوا) ، تستطيع بوسائلها الأمنية المتطورة فقط أن تحد من أي نشاط له ، لقد أدخلوا هذا التنظيم عبر تصريحات المسؤولين ، ثم الأعلاميين ، ثم كافة قطاعات الشعب ، أدخلوه من الباب ، بينما كان يحاول جاهدا وطيلة عقود من الزمن أن يدخل من الشباك ، صحيح أن التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين يحشد طاقاته لما يعده مراقبون حرب ابتزاز سياسي ضد الإمارات بهدف اختراق أكثر الدول الخليجية منعة من الناحية الأمنية ، إلا أن التعرض المباشر فتح آفاق لشتى أنواع المتربصين برقي هذه الدولة سواء من كانوا من بعض الذين يعيشون فيها كمواطنين أو وافدين ، أو من دول ومصالح شتى يهمها وضع العصا في عجلة وحدة وتطور هذا البلد . الرأي الحصيف ، أن تعود الإمارات إلى سياسة الحكمة في معالجة الظواهر الدخيلة ، وأجتثاث كل ما يعكر صفو الأمن ، (أمنيا) ، وإبعاد الإعلام وتصريحات المسؤولين عن شرح مثل هذه القضايا والأسهاب بها ، لإننا بهذه الطريقة لا نستطيع ان نهزم تنظيما متمرسا وعالميا وبات الآن مدعوما من جمهوريات عربية ، بل سنجد أنفسنا في حروب غالبا ما تكون الدولة بتنظيمها الأداري والأجتماعي هي اكثر ضررا فيها وسيكون شباب الإمارات والكثير ممن يعيش على أرض الأمارات في نفق الأخوان حيث أفترض المسؤولين فيها (عدوا كبيرا) ، لا يستحق حقيقة أن تولج من أجله الأنفاق ولا أن تتشكل على جنباته الكثير من الأشاعات والأكاذيب !! .
ببساطة ،عودوا إلى حكمة الموقف والتصرف والكتمان ،ولن يستطيع أي تنظيم في العالم أن يخترقكم أبدا .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب