19 ديسمبر، 2024 1:03 ص

الإلياذة السومرية (ما ورا العِشـقْ)

الإلياذة السومرية (ما ورا العِشـقْ)

* أيَّ عاطفة لا تحولُّكَ الى كائن يضحك كالأطفال ، ويبكي كالأنبياء ، ويضحي كما الشهداء ، لا تُسمى حبـاً على الإطلاق….
هو اجتياح المشاعر في الصدور على نحو غير مألوف ، غير مسبوق ، وغير مسموع . مصحوبٌ بترانيم من البهجة والتسامي بحيث يكون في مقدور قلبك الصغير ان يستوعب آلام الارض ، فلا يبالي . بعكس هذا لا يكون حباً….يكونُ شيئاً آخر.

هو توهج الروح وتخلّصها من العُقد والشوائب ، وتحررها من سجن البدن ومتطلباته – تلك التي تبدو أتفه ما يكون وأرخص ما يكون قبالة دويّ كرنفالات السعادة التي تعكسها سماء النفس حين تتألق روح العاشق ، بحيث تغدو تلك الروح : أجمل ، أرشق ، وأكثر اقترابا ً من السماء ، حتى إذا لامست الكواكب ، خرّت نجوم الأنـا والكراهية والتحاسد والتنابز ، ساجدة لمعاني الخير ، بحيث تتمكن اصابع العاشق من أن تزرع الأمل حين تمرّ على رؤوس ملايين اليتامى ، فتنبُتُ لليد الواحدة عشرة أصابع بكل شعرة مسحت عليها . بعكس هذا لا يكون حباً….يكونُ شيئاً آخر.

هو ثورة تطلقها النفس ، وتقودها الروح ، فيمتثلُ لها الجسد ، فيستحيل الجلد شفافاً جداً ، بحيث لا يشتبه الرائي بين نور القمر ، وبين النور المنبعث من جسد العاشق ،فإذا ما فاق نور القمر في توهجه على نور القلب ، فإن ما خُيّل اليك انه حباً ليس حبـاً حقيقة . بل شيءٌ آخر…

للعاشق عينٌ باصرة ، وعينٌ بصيرة ، وفوق هذا وذاك فهو يمتلك ألف حاسة لا يمتلكها غيره ، فيمشي على الماء ويكلّم الطيْر ، وينام فوق الغمام ، وحين يشكُّ بعطب احدى الحواس ، فيعجزُ عن رؤية الاصوات وسماع الألوان والصلاة مع الملائكـة ، فإن ما مرّ به لم يكن حبا ً على الإطلاق ، بل شيءٌ آخر ..

العاشق أقربُ الى السماء منه الى الأرض ، ولو خُيـّر بين قصور الاباطرة وبين أن يُعمرُّ ألف سنة ، فاختار أحداهما ، وأهمل تَوْقَ الروح لعناق السماوات ،فقد أُهبِطَ الى الأرض السابعة .فيكون ما توهمه حبّاً لم يكُن كذلك ، بل شيءٌ آخر بكل تأكيـد .

العشق لا يتكرر ، ولكل عاشق قصة ، فلو تكررت القصص وتشابهت الأدوار فاعلم بأنه لم يكن عشقاً ، بل شيء آخر بكل تأكيـد.

أيَّ عاطفة لا تحولُّكَ الى كائن يضحك كالأطفال ، ويبكي كالأنبياء ، ويضحي كما الشهداء ، لا تُسمى حبـاً على الإطلاق.