من يطلع على مواقع التواصل الإجتماعي؛ يجد أن هنالك ( حربا ) حقيقية تجري على الدين الإسلامي _ بل كل الأديان السماوية _ وهذه الحرب تتخذ أشكالا والوانا وطرائق مختلفة ومتعددة، ولكنها تلتقي وتجتمع لتصب في مشروع واحد، وهدف موحد، ألا وهو الحرب على ( الله ) تعالى. وهذا الأمر والمشروع الإلحادي؛ مع أنه ليس بجديد، وضارب في عمق التاريخ، ولكنه _ وللأسف الشديد _ وجد ضآلته الكبرى في مطيته التي يعتقد أنه ستسرع خطاه نحو أهدافه الشيطانية. وأقصد هنا ( عجل السامري ) وخواره الصوتي والصوري، والمتمثل بمواقع التواصل الإجتماعي. حيث الفرصة متاحة أمامه لبث سمومه في عقول وأفكار أكبر عدد من الناس المشتركين بهذه المواقع. وبطريقة أحترافية ( شيطانية ) يتم فيها توظيف كل مايخدم غرضهم الدنيء والأجرامي، وبالصورة والصوت، مستغلين بذلك التقنيات الحديثة في التغيير والحذف والإضافة والتلاعب بهذه المقاطع الصوتية أو المرئية من صور أو مقاطع فيديو عن طريق ( الفوتوشوب ).
وعلينا الأعتراف أن هذه المواقع والصفحات الإليكترونية، ومن يقف خلفها من شخصيات أو مؤسسات أو حتى دول، تمكنت من أستغلال النقمة الحاصلة على بعض مايسمى ( بالأحزاب الإسلامية ) وشخوصها وقياداتها، من الذين تسنموا المناصب القيادية في دول عديدة و مؤسسات مختلفة في عالمنا العربي المعاصر، من الذين باعوا دينهم وضمائرهم وآخرتهم بثمن بخس، وسرقوا البلاد والعباد، مستغلين مناصبهم ومواقعم التي فتحت أمامهم خزائن الثروة والمال العام؛ ليقوموا بعملية النهب والسرقة جهارا نهارا، وبطرق مخزية ومعيبة، تنم الانحطاط الأخلاقي لهذه الفئة المنحرفة عن أخلاقيات وتعاليم وقيم السماء والفطرة الإنسانية. مما أدى بالتأكيد إلى ضياع الثروة وموارد هذه البلاد، وحصرها بيد فئات طبقية معينة، وكأنها تذكرنا بالطبقات الفئوية ورجال الكنيسة في أوربا القرون الوسطى. وهكذا ساعد هؤلاء ممن يرتدون زيفا اقنعة التدين في أبتعاد الناس _ وخاصة الشباب _ عن الدين والتوحيد وقيم السماء، بعد أن صدموا بمن كانوا يعتقدون فيهم ( القدوة الحسنة ). وخاصة إذا علمنا أن الأمية الأبجدية، فضلا عن الحضارية، تشكل رقما كارثيا حقيقيا في البلاد العربية، وهم بكل تأكيد محط أنظار من يقف وراء هذه الدعوات الإلحادية المتطرفة واللعينة. ويمكن قراءة ماذكرته بكل سهولة على أرض الواقع، من خلال التعليقات والمناقشات المطروحة على المنشورات في هذه المواقع والصفحات الإليكترونية ( الصفراء ). حيث تجد عملية الخلط وعدم القدرة على التمييز، واضحة عند الكثير من هؤلاء، فهم لايميزون بين الدين ومن يدعي التدين، أو بين الإسلام والمسلم، أو بين رجل الدين ( المعمم ) الصالح والحقيقي والصادق والمخلص، وبين الطالح والزائف والكاذب والخائن. ثم ان الحركات الدينية المتطرفة التكفيرية ساهمت، ومن يقف خلفها ويدعمها، في نفور الكثير من الناس من الدين، واللجوء الى شعارات براقة زائفة تدعي الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، بعدما شاهدوا التوحش والأجرام المتمثل بالتكفيريين القتلة من أمثال ( القاعدة وداعش وجبهة النصرة ) وغيرها من المسميات الوهابية الأرهابية. مع أن البحث البسيط عن خلفيات هذه المجاميع التكفيرية المجرمة، سيقودنا الى نفس الدول والمؤسسات التي تدعي ماذكرناه سابقامن حرية وديمقراطية وو… الخ. إن أصلاح الخطاب الديني، وتقديم نموذج عملي صالح على أرض الواقع، من قبل قيادات وشخصيات دينية إسلامية صالحة_ وهي موجودة بالفعل _ وأبعاد الشخصيات الفاسدة، والمتسببة بالخراب الذي طال الدول العربية والإسلامية، في العراق ومصر وتونس وغيرها من البلدان؛ بل وتقديمهم للعدالة والقضاء، لينالوا جزاء ماأقترفوه من جرائم وسرقات طيلة الفترة الماضية. هو الطريق الصحيح والسليم لإعادة الثقة، ليس فقط بهذه الأحزاب ( الإسلامية ) وإنما لإعادة الطمأنينة في نفوس الكثير من الناس ممن أهتز ( إيمانهم )، وعلت الضبابية والغشاوة على عيونهم، بسبب ماذكرناه سابقا. ومن المهم أيضا في هذه المرحلة، أن يتم مراعاة مايقال من قصص وروايات تاريخية ودينية وأمثال ونصائح، عند مخاطبة عامة الناس، من قبل أئمة المساجد، وخطباء الجمعة والجماعة، وخطباء المنبر الحسيني؛ بحيث يكون مقبولا عقليا، وواضحا وجليا وثابتا، ليكون حجة ومصداق للرسالة المتوخاة من الخطاب والحديث. والأبتعاد عن الروايات والقصص التاريخية والدينية الضعيفة والموضوعة، بل حتى الصحيحة في نظر قائله والجهة والمذهب الذي ينتمي اليه، إذا كان فيه من القول مايصعب تصديقه أو تحمله من الناحية العقلية المجردة، فإن المسكوت عنه يكون _ بإعتقادي _ ضروريا لدرء المفاسد والضرر الذي قد تتسبب به مثل هكذا أحاديث وروايات وخطابات دينية. وقد تسبب أيضا النفور وعدم التقبل والكراهية لرجال الدين، مع اني أعتقد أن الدين وليس رجال الدين هم المقصودون بالامر _ ومع ذلك فإن مناقشة مواضيع كهذه يجب أن لا تكون على المنبر ، وبهذه الطريقة _ حسب رأيي وفهمي على الاقل _ ويفترض أن يكون خطاب المنبر مدروسا ويراعي عقول الناس. ومن الحكمة إذن مخاطبة الناس على قدر عقولهم.