22 نوفمبر، 2024 5:58 م
Search
Close this search box.

الإلحاد العرب

الإلحاد العرب

الإلحاد دين من لا دين له ، هكذا هو بنظري ، رغم انه احد فروع اللادينية ، لكنّ معتنقيه يعتقدون بعدم وجود اله خالق لهذا الكون ، لذلك هو في النهاية ( اعتقاد ) ، له أسسه ونتائجه النظرية والعملية . فيما ان اللادينية لا تجزم في موضوع الاله ، بل في اكثر الأحيان يكون أفرادها من فئة اللا أدريين ، وهم أولئك الذين ينقسمون بين لم يستحصلوا الأدلة على وجود الاله ، وبين من لم تكن الأدلة المعروضة عليهم كافية لإقناعهم ، لذلك هم لا يجزمون في موضوعه .

والإلحاد في العالم الغربي هو تطور للادينية ، التي نشأت كرد فعل سياسي واجتماعي على السياسة العنيفة للكنيسة تجاه العلم والناس . فبعد ان تم تجريد المجتمع من معتقداته اصبح فارغا يمكن ملأه بما هو اكبر وأخطر من اللادينية ، عبر استغلال التاريخ السيئ للكنيسة الأوربية ، ومن خلال ركوب آلة العلوم الحديثة ، وتصويرها على انها متناقضة كليا مع الدين ونصوصه المقدسة ، ومن ثم الانتقال الى مرحلة اخطر ، تريد الإيحاء بأن العلم يسير باتجاه نفي الخالق العاقل للكون .

وبعيدا عن المناقشة في صحة ومنطقية المقدمات الإلحادية أعلاه في العالم الغربي ، والتي يمكننا اختصار القول فيها بالعبارة الحاسوبية الشهيرة لمقارنة النتائج البرمجية مع المدخلات الأولية حين يثبت اختلالها ( قمامة داخلة = قمامة خارجة ) ، سنتناول موضوعا اقرب إلينا والى عالمنا ، لكنه يرتبط بالإلحاد عضويا ، رغم انه اكثر تعقيدا ، وهو موضوعة ( الإلحاد العربي ) .

المقصود بالإلحاد العربي هو ذاته مفهوم الإلحاد في جميع العالم لكن بنسخة عربية ، بمعنى انها متأثرة بأبعاد وأمزجة العقل والمجتمع العربي . ويمكن للقارئ ان يجعل من هذا المصداق للإلحاد صورة مصغرة للإلحاد في العالم الاسلامي .

ان الملحدين في الغرب على قسمين ، احدهما باحث عن الحقيقة وساعٍ اليها ، وهذا القسم الحوار معه منتج وجميل ونافع ، والاخر يعاني مشاكل شخصية ومؤسساتية مع الدين عموما ، لذلك هو معاند ، والحوار معه غير منتج ، كما انه يستهلك الجهود دون طائل .

لكنّ المشكلة الأكبر ان القسم الاول من الملحدين يعملون بصورة مفردة ولا يحدثون ضجة وانفعالات ، اما القسم الثاني فانهم يعملون بصورة مؤسساتية منظمة ، وذات تمويل جيد ، ويميلون لاستثارة العواطف اكثر من العقول ، آلياتهم الأغلب هي الآليات التشكيكية ، التي تهاجم معتقدات الخصم من الأسفل ، بمعنى انها لا تناقش في الكليات الذهنية ، كوجود الاله بصورة مباشرة ، بل تعتمد الضرب على وتر الأحكام والمعتقدات التفصيلية للأديان ، ومهاجمة الشخوصات ، وتحميل الأديان وزر من تسلط باسمها فأحدث أعمالا سيئة ، ومن ثم تحميل الاله كل ذلك . ومن القسم الأخير انبثق الملحدون العرب ، لكن بصورة بدوية اكثر تعقيدا .

تقوم فلسفة الملحدين العرب في الدعوة الى الإلحاد على ركيزتين ، الاولى تتمثل في عرض محاسن النموذج المادي الغربي ، بعد افتراض الحاد ذلك المجتمع ، وبالتالي الإيحاء بان جمالية ذلك النموذج قرينة للإلحاد ، والركيزة الثانية هي مداعبة الغرائز والحاجات والرغبات الكامنة داخل الشخصية العربية ، وتصوير الإلحاد كمنفذ متيسر لانطلاقتها ، وبالتالي إمكانية التمرد على القيم والمبادئ التي تقيد تلك المكامن وثورتها . وتستند الركيزتان جميعا على الأرضية الهشة التي أسستها طرق التعليم الديني والاجتماعي ، بالتعاون مع مناهج التغريب والتيه الوافدة والمنظمة ، في الشاب العربي ، تحت حماية السياسة السلطوية العميلة او الرعناء الفوضوية للحكام العرب .

ان الركيزة الاولى المتعلقة بالنموذج الغربي تعاني مشاكل مفاهيمية ومصاديقية كثيرة ، فليس كل النموذج الغربي حسن وجميل ، وليس ما فيه من أشياء حسنة وليدة عالم الإلحاد ، بل هناك تاريخ من الاستلاب والدماء والاحتكار والانهيار مرتبطة بتاريخ الغرب ، كانت ولا زالت ، كالحروب العالمية التي راح ضحيتها الملايين من البشر ، والأسلحة النووية التي تم استخدامها ضد المدنيين بوحشية ، والحرب الباردة القذرة ، وتقسيم الدول ، وإنشاء المنظمات الإرهابية كالقاعدة ، ودعم الحكومات الدكتاتورية ، من اجل مصالح الدول والشركات الغربية الكبرى . وقد أعلنت الولايات المتحدة مؤخراً حاجتها للقيم الدينية في اعادة تشكيل البنية الاجتماعية والأسرية . كذلك كان للدينيين دورهم الكبير في تقدم الغرب علميا ، ولعل أشهرهم إعلاميا هو ( أنشتاين ) ، الذي نُقل عنه إيمانه بالإله ، ومقولته الشهيرة ( ان الاله لا يلعب بالنرد ) ، رغم ان المتأخرين من الملحدين حاولوا الدفع باتجاه ان اله أنشتاين ( شخصي ) ، وهي حيلة حديثة في تقسيم الإيمان .

كما ان الكثير من الأحزاب والمؤسسات المتحركة في العالم الغربي تؤمن بوجود الاله الخالق ، مع تباين معتقداتها . وللكنيسة اليوم دور مهم في رفد المشاريع الانسانية بالأموال .

لكنّ الامر الذي ولّد الصورة الإيحائية بافتراق العلم عن الدين في الغرب هو تقنين منع النظريات المرتبطة بالخلق داخل المؤسسات العلمية الغربية ، مهما كانت ناضجة ، لذلك كان عمل العلماء المؤمنين في هذه المؤسسات يقتضي الفردية والصمت عن المعتقد ، بل ان الادعاء بوجود اله اصبح سببا للنبذ داخل تلك المؤسسات ، في مفارقة حقوقية خطيرة وغير مبررة .

ان نظرية ( التصميم الذكي ) من اهم المنجزات العلمية التي عانت المفارقة بين التنظير والتطبيق في الحقوق داخل المجتمع الغربي . حيث ان هذه النظرية تقوم على أسس علمية مهمة ، قد تعارض النظرية المادية الأشهر ( نظرية التطور لداروين ) ، لذلك كان قبولها داخل المؤسسات العلمية الغربية أشبه بثورة العبيد على البيض في الولايات المتحدة .

ان نظرية التطور تم استغلالها لنفي وجود الخالق ، عبر افتراضات غير مرتكزة الى فلسفة عقلية ، حيث اقتصر تصوير فكرة الوجود الحيّ على ( الانتخاب الطبيعي ) و ( الطفرات الوراثية ) ، ورغم أنها لازالت بحاجة الى ادلة كبيرة وكثيرة ، ولا زالت لم تجب عن ( حقيقة الحياة والروح ) ، الا انها قد تم تعميمها وفرضها بقوة القانون على مختلف المناهج الدراسية في العالم ، في ذات الوقت الذي تم بقوة القانون أيضاً منع تدريس نظرية التصميم الذكي ! .

وذلك كله تم رغم ان نظرية التطور قامت على أساس الفهم القديم للخلية الحية ، والذي كان يراها ( برتوبلازم جيلاتيني ) غير معقد ، ومن ثم تطور لينتج الخلايا الأعقد ، لكن العلم الحديث حين رأى الخلية لأول مرة عبر المجهر الالكتروني أدرك ان الفرق بين شكل الخلية المتصور في زمن داروين وبين شكلها المكتشف اليوم كالفرق بين صخرة عشوائية والمجرّة .

ان التعقيد المكتشف حديثاً في شكل وعمل الخلية الحية كان من اهم نقاط قوة نظرية ( التصميم الذكي ) ، التي تفترض وجود ( تعقيدات متخصصة غير قابلة للاختزال ) ، وأجزاء من النظام لا يمكن إغفال وجودها في المرحلة الاولى للتطور .

وللتوضيح : ان هناك اجزاء في الخلية الحية لا يمكن افتراض عدم وجودها في الخلية الاولى ، لانها ستكون غير قابلة للحياة والتطور أصلا ، وتنظيم هذه الأجزاء وترتيبها يشير بصورة كبيرة لوجود ( مصمم ذكي ) .

هذا فضلا عن صفة ( الحياة ) التي ميزت بعض الموجودات عن غيرها ، بمعنى لماذا هي حية وغيرها ليس كذلك ؟ ، وما هي الحياة ؟ وما هي الروح ؟ . هذا التساؤل أجابه الملحدون العرب الذين نحاورهم بجواب يدل تماماً على عقول مستلبة ، ليس لها ان تفكر ، حيث أجابوا : ان نظرية التطور تبحث في العلم ، والروح والحياة خرافة ، والعلم لا يبحث في الخرافة ! .

ان قوانين الدول الغربية تم كتابتها تحت مبدأ فصل الدين عن الدولة ، لذلك سرى تأثيرها الى نظم المؤسسات والمراكز العلمية ، فتم منع تدريس النظريات التي يشم منها رائحة ( الخلقية ) ، وبذلك تم وضع جدار عازل امام تداول أية نظرية علمية تنتهي الى وجود مصمم ذكي للمخلوقات ، وبالتالي تم اخراج تلك النظريات – مع أدلتها – خارج المنظومة العلمية مسبقا ، وبصورة جذرية ، وتعزيز ذلك بالمبدأ ( التجريبي ) لقبول النظريات العلمية ، والذي يقتضي ضرورة خضوع كل افتراض علمي للتجربة المختبرية ، وكما هو واضح ان الافتراض الأساس لحقيقة الخالق انه ( فوق الطبيعة المادية ) ، وبالتالي لن يستطيع اي جهاز او تصور مادي ادراك حقيقة ذلك الخالق ، ومن هنا كان للمبدأ التجريبي ان يكون ( قفلا ) يغلق الباب امام اي مناقشة في قضية الخالق ، وهي مفارقة لا تمت الى الروح العلمية الموضوعية من قريب او بعيد ، لأنّ الباحث الذي يقدم نظرية فيزيائية او بايلوجية متينة لكنها تنتهي الى افتراض مصمم لا يمكن إثبات وجوده بالتجربة سيتم اقصائه – باسم العلم – تحت عنوان موسيقي ملخصه : ( ان نظريته غير علمية ) ، وسيكون التوقيع لمؤسسة علمية رفيعة ، تملك المبرر العلمي الكافي لذلك الإقصاء ، لكنه ( علمي ) لا موضوعي ، تم إيجاده برؤية بشرية ، ضيقة الأفق ومؤدلجة .

ان فلسفة الإقصاء أعلاه يتم استغلالها من قبل الملحدين العرب بصورة سيئة ، تزيد من سلبيتها ، خصوصا مع غموض الصورة لدى المتلقي العربي البسيط ، الذي ينبهر لعنوان تلك المؤسسات العلمية العالمية .

العقل الممزوج بالبداوة للملحد العربي يجعله ببغاءً جلفا ، يتحدث فيما لا يعرف ، لكن بعناد ولجاجة ، يميل لسانه الى البذاءة حين تعوزه الحجة ، وسرعان ما يهاجم المقدسات او معتقدات الطرف الاخر ، بصورة شخصية بعيدا عن الموضوعية .

ان نقل النظريات العلمية الدقيقة عن طريق المؤسسات الإلحادية العربية – وبكافة مستويات الإلحاد وصوره – يسيئ اليها ، ويجعلها ضحية في جانبها العلمي ، حيث يتم ركوبها كمطية لغايات اعتقادية ، مما يفقدها نفعها العلمي ، في موجات الفعل ورد الفعل . ومثال ذلك نظرية التطور ، التي ربما يكون لها واقع اكثر نفعاً لو تم تناولها كمسألة علمية ، بعيدا عن أدلجتها اعتقاديا .

الجامعات العربية انعكاس للشخصية الإدارية والعلمية فيها ، والتي تكون في الغالب متقمصة لثوب التغريب ، وذائبة – انبهارا – في النموذج الغربي ، او انها انهزامية امام المؤسسات الدولية ، لذلك هي تدريجيا ذابت في التوصيف الغربي للنظريات العلمية ، بما يحمل من إشكالات مبدئية ، فكانت عاملا اخر في انتشار الإلحاد ، مع تحملها مسؤولية مضاعفة في ذلك ، لانها تسببت في خسارتين ، إحداهما الدور الذي كانت ملزمة بأدائه للأمة في تنويرها ، والثانية انها أصبحت بابا لعبور الأفكار الإلحادية او المساعدة عليه .

ان الأسلوب التشكيكي هو الأكثر استخداما من قبل الملحد العربي في عمله ، والذي يقوم على أساس الطعن في معتقدات المجتمع العربي ، دون إيضاح البديل ، ومن خلال استخدام عناوين تجتذب المتابع العربي ، كالتي تتعلق بالعلم او الحقوق العامة .

كما ان الآلية الغالبة على منهج الملحدين العرب هي التكرار ، حيث تتم اعادة طرح القضايا التي تم النقاش فيها سابقا ، مهما كانت النتيجة في ذلك النقاش ، مما يشير الى أمرين : ان الملحد العربي اما هو ( مريض نفسي ) ، يعاني أزمات داخلية ومجتمعية ، ولديه مشكلة شخصية مع الدين ، او انه ( موظف ) مأجور ، يؤدي عملا ، يتقاضى عليه أجرا .

كما ان الكثير من الملحدين العرب يتحدثون الى المجتمع العربي البسيط او المتوسط المعرفة باستخدام مسائل ونظريات علمية وحقوقية لا يفهمونها هم شخصيا .

وتتوزع تلك المسائل بين النظريات العلمية الحديثة ، التي – كما في توصيفها – لا تعدو الفرضيات المعززة بالأدلة ، لكنها لم تصل الى مرحلة القطع بواقعيتها وتماميتها ، ويمكن ركوبها واستغلالها من عدة اتجاهات ، وبين المفاهيم الدينية ، التي تحتاج الى تأمل ، وقاعدة معرفية مناسبة لفهمها ، والتي لا يملكها شاب غضّ تتحكم فيه غرائزه .

من هنا ينطلق الملحدون العرب في الناس ، نحو الظلمات لا النور ، متخذين عنوانا مناقضا لعملهم هذا باسم ( التنوير ) ، والذي كثيراً ما يجبرني طريقهم على الاعتقاد بانه مشتق من ( المتنورين ) .

الفلسفة من القضايا التي يلح الملحدون العرب في نقدها ، ويعملون جاهدين على تسفيه رجالاتها ، لا سيما الفلسفة الاسلامية ، رغم ضخامتها ومتانتها ، خصوصا الفلسفة الشيعية ، التي تمتاز بالعمق والسبك ، لكنهم يقفون في كثير من الأحيان في صف الفلسفة الغربية المادية ، في تناقض عملي ملفت . والقول بالتناقض العملي ناشئ عن اعتقاد الكثير منهم بموت الفلسفة ، جملة وتفصيلا ، كنتيجة لانهزامها امام العلوم الحديثة وإنجازاتها ، كاعتقاد نظري . لكنّ سير الفيزياء والكونيات الحديثة نحو النقاش الفلسفي – بعد تشبّع البعد الرياضي – جعل الملحدين العرب صامتين كأن على رؤوسهم الطير . ومثلما سار العلم الحديث نحو الفلسفة فهو سيسير مرغما نحو الله .

ان نظريات مثل الأوتار الفائقة والأكوان المتوازية وغيرها ومفاهيم مثل الزمن التخيلي والبعد الحادي عشر وغيرهما صارت خليطا من الرياضيات والفلسفة ، او لنقل انها الفلسفة الرياضية ، او الرياضيات الفلسفية .

حين نقول ان المادة لا تفنى ولا تستحدث من العدم ، وحين ندعي ان المادة لم تكن فكانت بالانفجار العظيم ، وحين ندعي ان المادة هي ( طاقة مكثفة ) ، وان لكل جسيم جسيم مضاد يفنيه مع توليد طاقة كبيرة ، والكثير من الثوابت العلمية المماثلة ، سنلاحظ ان نقاشنا تلقائيا يتحول الى الفلسفة ، ومن ثم الى الفلسفة الدينية .

ان زمن بلانك يمثل جدارا امام كل السبل العلمية المتاحة لمعرفة اللحظات الاولى للانفجار العظيم الذي ولّد الكون ، فضلا عن معرفة ما قبله ، وبالتالي فالعلم المادي لم يستطع تجاوز ال ١٣ مليار عام من تاريخ الكون ، ولم يستطع معرفة كنه المادة المسببة لوجود الكون بصورته الحالية ، وقرّر العلم ان كل قوانين الفيزياء بل قوانين الكون تنهار عند تلك اللحظات ، فيما تندمج القوى الطاقية الأربع – الجاذبية والقوة النووية الضعيفة والقوة النووية القوية والكهرومغناطيسية – المسيطرة على سير الكون اليوم وتتوحد في كينونة واحدة ، وكان هناك بعد الانفجار مباشرة فضاء من الجسيمات الأولية والجسيمات الأولية المضادة ، تصادمت ، لتنتج حالة دخانية ، وانتقل الكون في لحظات من حجم اللا وجود الى حجم البرتقالة ، لينتقل بعدها الى حجم سحيق ، وكل ذلك يُدعى – علميا – انه أنتج هذا الكون المحكم القوانين والموجودات ! .

ان العقل السليم لا يستطيع ان يتقبل بمقدار ١ ٪ بل وأقل من ذلك بملايين المرات ان هذه الفوضى في المواد والقوى والقوانين والأبعاد يمكن لها ان تنتج شيئا نافعا ، الا بمقدار جنون المدعي لذلك المدعى . لذلك عمدت المؤسسات الإلحادية او المستفيدة من الإلحاد الى حصر القرار العلمي في مراكز محددة ، مملوكة لها ، لتفكر بالنيابة عن بني البشر ، وتستلب عقولهم .

أجرى العالم الفيلسوف و الرياضي ديمبسكي حسابات معقدة لاستنتاج ما سماه “الحد الكوني للاحتمال” وقد استنتج هذا الحد من الحسابات :

10*80 وهو عدد الجسيمات الأولية في الكون.

10*45 وهو العدد الأكبر من العمليات الفيزيائية المحتمل حدوثها في الثانية الواحدة

10*25 هو عمر الكون (منذ الانفجار الكبير إلى الآن) بالثواني.

والآن عند ضرب هذه الأرقام ينتج 10*150( عشرة وبجانبها ١٥٠ صفرا ) ، وهذا الرقم يمثل الحد الأعلى من العمليات الفيزيائية التي يمكن أن تكون قد حدثت للجسيمات الأولية منذ الانفجار الكبير إلى الآن. إذن إن أقل احتمالية لحدوث حدث ما بشكل عشوائي خلال تاريخ الكون هو واحد من 10*150 أما الأحداث التي تكون قيمة احتمالها أقل من هذه القيمة فهي من غير الممكن حدوثها بكوننا بشكل عشوائي. لذا يعرّف ديمبسكي المعلومات المعقدة المتخصصة بأنها أي شيء احتمال حدوثه في الطبيعة أقل من 1 من 10*150 .

فيما عمد الملحدون العرب الى مهاجمة كل العلوم المرتبطة بالعقل ، كالفلسفة والمنطق ، وأشاعوا نظرية جديدة ، لاستلاب حرية التفكير والاعتقاد العلمي ، حين قسموا العلوم الى ( حقيقية ) و ( كاذبة ) ، بافتراض ان كل ما لا يخضع للتجريبية هو علم كاذب ، ليبقوا الكرة في ملعب المراكز الإلحادية الدولية ، وبذلك اخرجوا المنطق والفلسفة عن دائرة العلوم الحقيقية . وحين عرضت منتجا فلسفيا عمره اكثر من ١٥٠ عاما ، كتبه السيد عبد الهادي السبزواري في منظومته ، بمضمون ( كل جسم متناه الأبعاد غير متناه الأجزاء ) ، وشرحت كيف انه مختصر لرؤية ميكانيكا ألكم ونظرية الأوتار في الأجسام ، وقرأه بعض الملحدين العرب ، رأيت كيف انهم انسحبوا بلا جواب لفترة طويلة ، ثم عادوا بمواضيع ونقاشات اخرى بعيدة عن هذا المنجز الفلسفي ! ، ولم يتناولوه أبدا . وحينها تسائلت عن مصدر المعرفة الذي استمد منه السبزواري عبارته ، ولم تكن الفيزياء حينها قد تجاوزت قوانين نيوتن الكلاسيكية .

في احد المجموعات الإلحادية التي يديرها ( احمد القبانجي ) طرح احد الملحدين منشورا تهكميا ، يدعي من خلاله وجود التناقض في القران الكريم ، وقد استخدم الآيات التالية :

( ..لا نفرق بين أحد من رسله.. ) و ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) .

ورغم ان الآيات لا تحتاج الى عناء إثبات عدم تناقضها ، حيث مضمونها يختلف باختلاف المتحدث ، ففي الاولى المتحدث هو الانسان المؤمن ، وفي الثانية اخبار من الله جلّ شأنه ، والخبير بصورة مبسطة باللغة العربية يدرك هذا المعنى بسهولة ويسر ، الا ان ذلك دفعني للتساؤل حول حقيقة هؤلاء الملحدين وما يؤمنون به وما يستخدمونه وما يريدونه .

اما الآيات الاخرى التي تم استخدامها فهي كالتالي :

( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) و ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ) .

حيث ادعى هؤلاء الملحدون العرب – بسخرية – ان الآيتين متناقضتان ، بدعوى ان الخلق استغرق في إحداهما ستة ايام وفي الاخرى ثمانية . ان هذا المنهج الالتقاطي الاستهزائي ابعد ما يكون عن العلمية الموضوعية ، وبالتالي يثبت ان هناك طائفة كبيرة من دعاة الإلحاد العرب لديهم مشكلة شخصية مع الدين . لان الآيتين ليس فيهما من تناقض لمن قرأهما بإنصاف وموضوعية ، فخلق السماء والأرض بصريح القران كان في ستة ايام ، الا ان تدبير الامر بتحويل السماء ( الدخانية ) الى سماء ( سباعية ) هو الذي كان في اليومين الإضافيين للآية الاخرى . بمعنى ان العلاقة في الآيتين يمكن توصيفها رياضيا ، حيث ان عبارة ( ثم استوى ) تكافئ علامة ( = ) في الرياضيات ، وبالجمع بين الآيتين نستنتج ان ( الاستواء على العرش وتدبير الامر ) هو ذاته ( الاستواء الى السماء الدخانية وقضائها سباعية ) . ومن يتقن العربية يعلم بوضوح ان ( الاستواء الى الشيء ) يقتضي وجوده قبل التوجه بالاستواء اليه ، وذلك كان حال السماء ، اي انها خُلقت في الأيام الستة ، لكنها كانت ( دخانية ) ، وتم قضائها الى ( سباعية ) عند تدبير الامر في اليومين الإضافيين ، فالخلق كان قبل التدبير .

والغريب ان المناقشين من الملحدين لم يعودوا للمناقشة السلبية او الإيجابية في هذا المنشور ، لكنهم توجهوا للحديث في قضايا اخرى تشكيكية ، فيما اختفى صاحب المنشور ولم يعقب ؟! .

ومن لطيف ما قرأته توافقا مع النص القراني اعلاه هو تعبير ( ستيفن هوكينج ) الفيريائي الاشهر عالميا وصاحب مقعد نيوتن في كامبردج في الوثائقي الذي قدمه تحت عنوان ( في الكون ) : ( يمكننا القول اننا مصنوعون من دخان الانفجار العظيم ) .

هذا العمق في التحليل – على محدوديته – لا يتمتع به السواد الاعظم من الملحدين العرب . ومن طريف ما وجدته في عالم الالحاد العربي هو ادارة المعمم ( احمد القبانجي ) للكثير من مجاميع وصفحات الملحدين , تحت عنوان ( التنوير ) ! . ورغم ان تلك المواقع والصفحات تدعو صراحة للالحاد وتتهكم على شخص النبي الخاتم وتتهمه , الا انها تدعي تقديرها وحبها للقبانجي ! . والقبانجي يدعي انه اسلامي تنويري , وهو عنوان فضفاض لكل من يريد المكر بالمسلمين البسطاء . ولا اعلم كيف نحترم اسلام القبانجي في ذات الوقت الذي نسيئ لنبي الاسلام ذاته ؟! , الا اذا كان الاسلامان مختلفان .

ان قضية احمد القبانجي تختصر الكثير من واقع الملحدين العرب , حيث هو يتاجر بالعمامة والري الديني , ليخدع العوام والبسطاء , ولانه سيكون بلا قيمة عملية عند المؤسسات الالحادية الدولية في حال نزع هذا اللباس الخاص , حيث هو واقعا لا يملك طروحات دسمة , ولا يتميز باسلوب بلاغي , وربما اجده في الكثير من كلماته اقرب الى السفه العقلي . ومع ذلك يسميه الملحدون العرب ( الاستاذ المعلم ) , ولا اعلم كيف يكون ( معمم ) معلما واستاذا لملحد ؟! .

لكن عند قراءة طروحات القبانجي ببساطة سنرى ان الرجل صريح الالحاد , لكنه يواري لكسب العدد الاكبر من بسطاء المسلمين الى معتقداته .

والقبانجي ينتمي الى المدرسة ذات ( الطيران المتعرج ) في الخطاب ( التنويري ) , وهو الاسم الموسيقي للالحاد العربي . والطيران المتعرج مصطلح خاص مني لتوصيف واقع تلك المدرسة . واعني به الصعود والنزول في الحكم على النص الديني او القضية الدينية , او لنقل الصعود والالقاء من الاعلى .

وللتوضيح سنأخذ بعض افكار القبانجي ومدرسته بالمضمون لا بالنص لتكون الفائدة اشمل واوضح :

( محمد عبقري .. فهو قد وصل الى قمة العقل البشري .. لذلك اتانا بكتاب كريم هو القران .. الذي يكشف عن عبقرية محمد .. لكنه كاي منتج بشري لا يخلو من هفوات وتناقض .. اما الوحي فليس ما يدعيه النص الاسلامي المشهور .. بل هو الوصول الى قمة الارتقاء العقلي .. والله ليس ذلك الذي يدعيه المسلمون .. بل هو ذاته الذكاء العقلي .. اذن الاله الابراهيمي ليس منطقيا ) .

الاسلوب كما هو واضح يستهدف التخلص من الاله والشريعة , عبر نفي سماويتها , كمرحلة تمهيدية لانتاج غيرها , لكن عبر استغلال الايقاع الكلامي الديني .

والاله الابراهيمي هو اس المشكلة لدى الملحدين العرب . والمقصود بالاله الابراهيمي ( الله ) الذي تم وصفه في الديانات السماوية الثلاث . فهم عندما يتم حشرهم في زاوية الاحتجاج حول وجود مصمم ذكي للكون يرتضون حلا وسطا احيانا , لكن بشرط الا يكون ذلك المصمم هو الاله الابراهيمي . مما يكشف عن وجود عقدة شخصية ونفسية داخل الملحد العربي , ناتجة عن تمرده على تربيته ونشأته , ومحاولته الانطلاق بعيدا عن القيود التي تمنعه من الوصول الى حياة ( الغابة ) , والمتمثلة بالشرائع السماوية الابراهيمية . ومثال ذلك ان منشورا عن ( الجنس خارج العلاقة الزوجية للفتاة ) حاز على النسبة الاكبر والاضخم من تعليقات الملحدين العرب في احد المجموعات المهمة والنشطة , وبما يعادل اكثر من خمسة اضعاف اقرب منشور اليه .

ان الملحد العربي يقفز على الغرائب والماورائيات التي قد تصادفه , بخلاف الكثير من الملحدين الغربيين , الذين يحاولون البحث فيها . ومثال ذلك اعمال السحر , وايات الشفاء , وخوارق بشرية متكررة , تخالف ما يطرحه العلم المعاصر , وهي احداث يعيش الكثير منا واقعها مباشرة , لكنّ الملحد العربي يقطع بعدم وجودها ةان رآها بعينه .

كما ان الملحد العربي اعور تاريخيا غالبا , ومتجزأ , تغيب عنه الكثير من الحقائق التي عاشتها الحضارات القديمة , ولعل اهمها ( الانقلاب ) في معادلة التطور الحضاري , بوجود حضارات قديمة لديها مكتشفات ومنجزات لا تتناسب مع عصرها . ولنضرب مثلا عن الحضارة السومرية التي كانت معرفتها الفلكية قد وصلت الى الدقة في عدد كواكب المجموعة الشمسية . او حضارة امريكا الوسطى والجنوبية والحضارة الفرعونية اللتين تركتا رسوما تشير الى معرفة بالاجهزة المتقدمة , كما كان لهما معرفة هندسية كبيرة .

وهذه الامثلة اقصد منها توجيه الاذهان الى منهج الملحدين العرب في الادعاء بما يشبه بهيمية الحضارات القديمة , فيما يصفون الحضارة العربية والاسلامية بالبداوة . رغم ان القران الكريم هو من انتقد البداوة الحضارية وقال بعدم قدرتها على استيعاب الرسالة السماوية : ( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .

وقد احتاجت الحضارة الشرق اوسطية لالاف السنين من اجل التمهيد لمفاهيم وشريعة الاسلام , لذلك كانت المجتمعات الاولى في ايمانها وصدقها ودفاعها عن العقيدة الاسلامية هي المجتمعات المدنية ( يثرب والعراق ) , حيث امنوا طوعا , وجائت وفودهم الى النبي الخاتم وهو في مرحلة دعوية ضعيفة , فيما كانوا هم في عزهم وقوتهم ومنعتهم , فاستقبلته يثرب , فيما رفع العراقيون شعار ( محمد ) في معركتهم الشهيرة ( ذي قار ) .

وهذان المجتمعان المدنيان كانا القادرين فقط على استيعاب فكرة الامامة , لذلك انتميا اليها , وكانا اخلص انصارها , لا عن فراغ , بل نتيجة قرون من عمل الانبياء , والتربية المدنية المكثفة .

ان للتنشئة اثرها في ولادة الملحد العربي , كما اوردت في مقال سابق مثال المفكر الشيوعي الكبير ( هادي العلوي ) , والذي يُعد من اساطين المنظرين , وحينها قارنته بمعاصره الاسلامي الشهير ( علي شريعتي ) , حيث كان الفرق بين فكريهما هو ذات الفرق بين نشأتهما , فالعلوي تأثر بالواقع الاقتصادي والاجتماعي السيئ , ومن ثم جذبه تيار المقاهي السياسية , فيما شريعتي كان ابن الواقع الانضج والبحث الاكاديمي , لذلك كان شريعتي اكثر وضوحا ونجاحا , فيما تقلب العلوي بين مجموعة من الافكار المختلفة , ليعود لاحقا الى الاعتقاد بالماورائيات بطريقة عبادية خاصة .

لكنّ ذلك لا يعفي المجتمعات والمؤسسات العربية الدينية من المسؤولية المباشرة في تحمل وزر ضياع الشاب العربي وتغييبه عقليا . فالطريقة التلقينية ولغة الخطاب الديني الملائي التي تعيش في كهوف الماضي تسببت بانتاج هش من الشباب , لا يستطيع الصمود امام الهجمات الثقافية والفكرية الوافدة .وساعطي مثال فيه شيء من العمق عن طريقة تفكيرنا كدينيين :

عند قراءة الاية الكريمة ( وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ) من قبل المسلم العادي – رجل دين او غيره – سيكون مفهوم السماء المتبادر الى ذهنه يشير الى السمو , وبالتالي لن يتعدى المعنى ( الله ) الرازق , وحينها يسير القارئ ويستمر في القراءة دون ناتج عملي مادي , والمعنى لا بأس به , لكن ماذا لو قرأ هذه الاية عالم اكاديمي غربي ؟ , هو حينذاك سيتسائل عن حقيقة تلك السماء , وعن حقيقة ذلك الرزق ( الكلي ) , وعن ماهية ذلك ( النطق ) المقارن به , ويستمر في البحث والمناقشة والتجربة حتى يصل الى حقائق كونية , تكون اكثر نفعا للمجتمع البشري .

ان الاليات الدعوية والتربوية الدينية لازالت تعاني الكلاسيكية , ومحاولات تطويرها وعصرنتها يتم قمعها من قبل منظومة حاكمة دينيا وسياسيا بقوة المال والنفوذ , لا تستطيع مسايرة المنجز الحضاري , فتعمل على دفعه بعيدا .

كما ان الاعراف الاجتماعية والظروف الاقتصادية تحول دون تحقيق طموحات الشاب العربي , الذي يشمئز من واقع مجتمعه , حتى يعيش الانضغاط , وبالتالي التمرد , ليتم احتضانه بسهولة من قبل المؤسسات الالحادية العالمية .

( مؤسسة دينية كلاسيكية + سلطة قمعية فاشلة = واقع اجتماعي وفكري واقتصادي مزري ) + هجمات ثقافية اجنبية + مغريات تداعب الغرائز + انبهار بالمثال المادي = ملحد عربي .

أحدث المقالات