9 أبريل، 2024 2:32 م
Search
Close this search box.

الإقليم الشيعي الخيار الذي لا مفرّ منه – 1

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم يكن مخططا أن يكون لهذا المقال جزءا ثانيا , لكنّ الردود التي توالت على المقال استوّجبت أن يكون هنالك ردا شاملا على كل هذه الردود بعيدا عن الشعارات العاطفية وحالات الانفعال اللا مبررة , وقبل أن ابدأ بالرد لي عتب أخوي على الإخوة في البديل العراقي , ما كان ينبغي عليهم حجب المقال ورفعه , حتى وإن كان يتقاطع مع التوجه العام للموقع , فهذه الطريقة في التعامل مع من يختلف معنا في الرأي لم تعد ذات جدوى , ونحن نعيش في عصر تويتر والفيسبوك , ومن بين الردود التي أثارت اعجابي بشدّة هو رد الصديق العزيز المهندس عبد الستار الحمداني , باستشهاده بهذا البيت للشعر للشريف الرضي :

هي الكف مضّ تركها بعد دائها ………………. وإن قطعت شانت ذراعا ومعصما

فقد كان استشهادا موفقا وتوصيفا دقيقا للوضع الذي يمرّ به بلدنا , وينطبق مع وجهة نظري القائمة على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات وتقدّر بقدرها .

وبدوري أتوجه لكل الذين خدش هذا المقال ثوابتهم الوطنية واسألهم , هل العراق الحالي دولة واحدة أم دولتان في دولة واحدة ؟ منذ متى ومسعود البارزاني يطالب بالانفصال وتقرير المصير ؟ ألم تستفتي قيادة مسعود الشعب الكردي بالانفصال عن العراق عام 2005 ؟ ألم تكن نتيجة هذا الاستفتاء أنّ 98% من الشعب الكردي يريد الانفصال وإنشاء دولة كردستان ؟ لماذ لم يعترض عليهم أحد ويستنكر هذا الاستفتاء باعتباره تفريط بوحدة البلد ؟ ولماذا لم يعترض رئيس الجمهورية باعتباره حامي سيادة الوطن ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النوّاب على مطالبة مسعود بتقرير المصير في مؤتمر الحزب الديمقراطي الأخير الذي عقد في أربيل وبحضور الرئاسات الثلاث ؟ هل سمعتم يوما أنّ أحدا قال للكرد لا حقّ لكم بتقرير المصير وإنكم قد قررتم مصيركم مرتين وبإرادتكم من دون أي ضغط ؟ فأين هم دعاة الوطنية المزيّفة من هذه المطالب ؟ وماذا يقول الاستاذ عبد الأمير الركابي في مطالب الأكراد بحق تقرير المصير ؟ أليست هذه المطالبات هي دعوات صريحة لتقسيم البلد ؟ ألم تساند قوى اليسار العراقي ودعاة الدولة المدنية مطالب الأكراد في تقرير المصير وتعتبر هذا جزء من حق الشعوب في تقرير مصيرها ؟ وأين هي القوى الرافضة لهذا النهج الانفصالي الذي فرضته القيادة الكردية كأمر واقع ؟ لماذا هذا القفز على الواقع والجميع يعلم أنّ العراق الحالي ليس دولة واحدة ؟ فهنالك إقليم كردستان الذي هو دولة منفصلة تماما عن الدولة العراقية أمنيا واقتصاديا وسياسيا , أليس واقع الحال هو أننا دولتين كونفدراليتين ؟ .

نأتي على الشق الثاني الذي أثار حفيضة الجميع والذي اعتبره البعض نكوصا في الرؤية وعجزا عن فهم تعقيدات التكوين الاجتماعي العراقي فأقول لهم , ما الخلل في ذلك وأين هو هذا النكوص إذا كانت هذه هي رغبة الغالبية العظمى من أبناء الطائفتين الشيعية والسنّية ؟ وهل أجرى أصحاب الرؤى السليمة استفتاءا يستدّلون به على صحة آرائهم كما فعل مسعود عندما استفتى الشعب الكردي بالانفصال ؟ ألم تطالب كل القيادات السنية السياسية والدينية بالإقليم السنّي ؟ لماذا إذن هذا الانفعال العاطفي ومن سيبني الدولة المدنية العابرة للطوائف ؟ أين هي جماهير هذه الدولة المدنية على أرض الواقع ؟ نحن على أعتاب انتخابات نيابية قريبة ودعاة الدولة المدنية العابرة للطوائف سيدخلون الانتخابات , وأتمنى لهم من كل قلبي النجاح والتوفيق وأن يحضوا بثقة أبناء شعبنا العراقي , لكن ماذا لو خرجوا من هذه الانتخابات دون أن يحققوا أي نتيجة تذكر ؟ فما هي فائدة شعاراتهم بالدولة المدنية إن لم تكن لديهم قوة سياسية قادرة على تحقيق هذه الدولة ؟ أم يريدون منا أن نبقى ندعو الله أن يحفظ بلدنا وشعبنا من غير أن نحرّك ساكنا  ؟

 إنّ التكوين الاجتماعي العراقي مشابه إلى حد ما بالتكوين الاجتماعي الذي كان سائدا في يوغسلافيا قبل الحرب الأهلية والتقسيم , فعندما تعالت النعرات القومية الشوفينية والتعرات الدينية لتعلو على دعوات الوحدة الوطنية , ماذا كانت النتيجة ؟ النتيجة أنّ الدماء قد سالت والبلد قد تقّسم , ولم يكن باستطاعة القوى الوطنية اليوغسلافية أن توقف إعصار التعصب القومي والديني الذي دمرّ الجميع , ووجهة نظري قائمة على فكرة مفادها , إنّ الوحدة الوطنية مع هذا النزيف للدماء والقتل اليومي , ليست بأفضل من التقسيم وحقن الدماء وإيقاف القتل الطائفي , فدم الإنسان في عقيدتي أثمن من التراب , ومن يعتقد أنّ السلم الاجتماعي سيعود إلى سابق عهده في ظل سيطرة هذا القوى السياسية الحالية واهم تماما وعليه أن ينظر للأمور بواقعية وأن لا تأخذه العزة بالإثم .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب