17 نوفمبر، 2024 11:27 م
Search
Close this search box.

الإقليم الشيعي الخيار الذي لا مفرّ منه

الإقليم الشيعي الخيار الذي لا مفرّ منه

عندما رفع السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله شعار إقليم الوسط والجنوب , كحل للمسألة الطائفية و القومية في العراق , تصدّى له أصحاب الأجندات الوطنية الحريصون على وحدة التراب الوطني العراقي , بما فيهم كاتب هذه السطور , حيث اعتبرنا حينها إنّ تقسيم العراق إلى أقاليم فيدرالية على اساس طائفي أو قومي على غرار الإقليم الكردي , من شأنه أن يكون سببا لتقسيم البلد لاحقا , دون أن ندرك أنّ رؤية السيد الحكيم رحمه الله كانت صائبة وتعبر عن بعد نظر سياسي , وحينها لم يكن لأحد منّا أن يتصوّر أنّ عوامل الصراع الطائفي والقومي ستطغى على العامل الوطني , وإنّ الأجندات الخارجية ستفعل فعلها في خلق هذا الشرخ الكبير في النسيج الاجتماعي العراقي , حتى بات الواحد منّا يقتل أخاه من الطائفة الأخرى بدم بارد دون أن يرّف له جفن .

وفي ظل هذا الصراع الطائفي وهذا الشرخ الذي أصاب النسيج الاجتماعي العراقي , أصبحت شعارت الوحدة والأخوة الوطنية لا قيمة لها ولا وجود لها أصلا على أرض الواقع , فالكردي قد ابتعد كثيرا بكرديته والسنّي بسنيّته والشيعي بشيعيته , وبات العامل الطائفي والقومي هو المحرّك الذي يحرك سلوك ونهج الكتل والقيادات السياسية الحاكمة , والدليل على صحة هذا الكلام ما يجري الآن من صراع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية , فلا أحد يجد عنوان للوطن في غمرة هذا الصراع , وعندما يتّسع الشرخ ويكبر نزيف الدم ومسلسل القتل اليومي , يصبح أبغض الحلال حلا لوقف هذا النزيق وهذا القتل اليومي , ويصبح الاتجاه لحماية أرواح الناس أهم كثيرا من حماية الأرض , فوحدة الأرض لا تعني شيئا أمام فقدان الناس لأمنهم وحياتهم ومستقبلهم .

فشعار إقليم الوسط والجنوب الذي رفضناه قبل سنوات , بات اليوم ضرورة لا مفرّ منها في ظل هذا المسلسل من القتل الطائفي , وداعش التي نعتقد أنّها من خارج الحدود , اصبحت هي واجهة هذا الصراع الطائفي , وشيعة العراق لم يعد يخفوا رغبتهم بفك هذا الاإرتباط والإسراع في إنشاء الإقليم الشيعي , وحتى حزب الدعوة الذي رفض مشروع إقليم الوسط والجنوب في بداية الأمر , عاد ليهدد به كخيار إن اقدم مجلس النوّاب على سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي , فلا أعتقد أنّ سحب الثقة من رئيس الوزراء أهم من حياة الناس وأرواحهم , ومن المؤكد أنّ من سيرفع شعار إقليم الوسط والجنوب سيحضى بتأييد الناخب الشيعي , ونفس المبدأ ينطبق على الناخب السنّي , وبنظرة واقعية ومستقلة لما يجري من أحداث على الساحة السياسية , تصبح حتميّة تقسيم العراق إلى أقاليم فيدرالية مستقلة اقتصاديا أمرا واقعا لا محالة ومهما حاولنا الابتعاد عنه .

فالدعوة لأحياء شعار الإقليم الشيعي في هذا الظرف , تمثل استجابة وحلا للخروج من المأزق الطائفي , والذي يعتقد بوجود إمكانات لاستعادة السلم الأهلي وتجاوز الخلافات الطائفية والقومية , فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار , وعليه بمراجعة حساباته بواقعية وبشعور بالمسؤولية , فالعقل الجمعي الكردي لا يقبل بغير الانفصال وتحقيق الحلم الكردي بإنشاء دولة كردستان , والعقل الجمعي السنّي لا يزال غير قادر على استيعاب أن يكون رئيس الحكومة شيعيا , والعقل الجمعي الشيعي هو الآخر غير قادر على التعايش بمن يمّجد صدّام ونظامه الدموي المجرم , فلهذه الأسباب جميعا لا حلّ ولا مخرج من هذا المأزق إلا بتقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات مستقلة بعضها عن بعض أمنيا واقتصاديا وسياسيا .

أحدث المقالات