قانون الإصلاح الزراعي؛ من القوانين التي طبل بها القومجية والشيوعية طويلا، البعث ألصدامي؛ حاول أن يصادر هذا المنجز لحكومة الزعيم قاسم، لينسبها لنفسه، كون القانون استهوى المواطن، وعد من المنجزات التاريخية الكبرى؟!
وقت كانت الأمة، تعيش الشعارات والهتافات العاطفية، التي تدغدغ مشاعر المواطن، حيث كلمات مثل (بالاستقلال والحرية والسيادة)، وسواها من المفردات التي عاشت عليها الشعوب، حقبة من الزمن، ظهر لاحقا؛ أن هذه شعارات رومانسية لا تلامس الواقع، لا يؤمن بها ولا يطبقها من ينادي بها، من أحزاب وشخصيات، لذا جاء الربيع العربي الأخير، لتنهار أنظمة الشعارات والعبارات الثورية، بعد أن تحولت إلى ديكتاتوريات.
جاء قانون الإصلاح الزراعي في العراق، ضمن نفس الحقبة، وتم مصادرة الأراضي من الإقطاعيين، وتوزيعها بين الفلاحين، ليصبح كل فلاح مالك للأرض، عندها بدأت حالة التردي في هذا القطاع الحيوي، كون الأراضي قسمت قطع صغيرة، اكتفى مالكها الجديد، بتربية بعض الحيوانات، وزراعة أرضه لموسم واحد طيلة السنة، ومنهم من تركها ليهاجر إلى المدينة، ومن اتخذها للسكن وتوجه للعمل الحكومي أو للتجارة، أهملت الأراضي، لتصل الأمور إلى حالها اليوم، معظمها غير صالح للزراعة، أو يحتاج إلى إعادة تأهيل، احد أسباب ذلك هو قانون الإصلاح الزراعي.
اليوم حيث ترفع الحكومة شعار الإصلاح، وتنشيط قطاعات اقتصادية، عطلت طيلة المراحل السابقة، منها القطاع الزراعي، عن طريق منح القروض والسلف للمشاريع الزراعية، هذا الأسلوب الذي فشل منذ استخدامه في السنوات المنصرمة، لأسباب واضحة؛ أبرزها عدم استخدام هذه الأموال في المكان الذي يجب أن تستخدم فيه، إضافة لقلة الأراضي، وصغر المشاريع، مما يجعلها غير ذات جدوى، تضاف لضعف الحالة المادية للفلاح، بحيث يعتمد على هذا القرض في مشروعة، لذا أي كبوة في مشروعة تؤدي به إلى الإفلاس.
تنشيط القطاع الزراعي؛ يحتاج إلى قرارات إستراتيجية، تتلخص بإيجاد صيغة تقسم الأراضي الزراعية بموجبها إلى مقاطعات كبيرة، تصل إلى مليون دونما أو أكثر، ثم تعرض للاستثمار من قبل شركات أو أشخاص متمكنين ماديا، على أن تكون هناك تسهيلات في الإحالة، ووضع حصة لأصحاب الأراضي في الأرباح أو
أي صيغة أخرى، هذه الأراضي تتحول إلى مشاريع زراعية متكاملة، نباتية وحيوانية، عندها سوف يتم إعادة تنشيط القطاع الزراعي.
عدى ذلك؛ مجرد حلول ترقيعية، لا يمكنها أن تنهض بقطاع أهمل تراكميا، وأسواق تمت السيطرة عليها من قبل منتجات دول الجوار، التي سوف تقف بكل قوة ضد نهوض هذا القطاع، بطرق شتى أيسرها استهداف الأسعار، لغرض خسارة المنتج الوطني، الأمر الذي لا يمكن للفلاح العراقي الصمود بوجهه، على خلاف الشركات والمستثمرين الكبار، التي يمكنهم حماية منتوجها، بما تملك من أموال وعلاقات اقتصادية في الأسواق العالمية..