دول العالم العظمى تعتمد في سياساتها على مبدأ المصالح، لذلك نجدها محترفة في إتخاذ القرارات في الظروف الإنفعالية الآنية، ولا تنجر وراء أهواء شعوبها.
أمريكا دائماً ما يحدث بها العكس، حيث عند أنتهاء كل فترة ولاية لأحد رؤسائها، يعمل بجهد عالي التهور.. ليحصد الولاية الثانية، فيصبح هو المحرك للكونغرس الأمريكي، بعد أن كان الأخير هو المتحكم بالقرارات.
أبرز مثال لهذه القرارات هو ما قام به ترامب، عندما أغتال القائدين المهندس وسليماني، فأدخل واشنطن في عنق زجاجة، وأضاع كل نقاط قوته، ووحد الشعبين العراقي والأيراني.. ضد الوجود الأمريكي في المنطقة،
إيران وكما تعودنا مناه أنها صاحبة النفس الطويل في السياسة، لا تنجر خلف أنفعالاتها، قراراتها دائما ما تؤخذ ضمن حسابات وخطط وأفعال محسوبة، تؤدي الغرض وتوصل الرسائل، تحقق الأهداف ضمن نطاق محدد، وبكلف معقولة.
الرد الإيراني مدروس بعناية فائقة، حيث أن قصف القاعدة الأمريكية، أثبت للعالم أن أمريكا اليوم لم تعد القوة الأعظم.. كما يصفها أبناء العم سام.. والدليل الآتي:
البنتاغون يصرح “سفينة حربية روسية، أقتربت بشكل عدائي من مدمرة أمريكية في بحر العرب” هذه المضايقات، كانت تفعلها السفن الأمريكية، مع سفن الأتحاد السوفيتي سابقاً أيام الحرب الباردة..
إذاً ما يحدث اليوم في الأزمة الدولية الراهنة، هو أكبر منا ومن المنطقة، لكن يجب أن نعلم أنه هناك فرق بين التصريحات الأعلامية، من تهديدات والمساجلات بين أطراف الأزمة، وبين أفعالهم على أرض الواقع.
ما يحدث هو أن الأعلام أداة لشن الحروب النفسية، وتحريك أجنداتهم في الشعوب الأخرى، ومجارات أنفعالات مواطنيهم، أما الواقع فيسير حسب مصالح الدول الإقتصادية وكالتالي..
واشنطن تراقب النمو الإقتصادي للجانب الصيني، الذي يعتبر التهديد الحقيقي للدولار الأمريكي، لذلك لا يمكنها أن تدخل حرب لا يربح بها سوى اليوان الصيني، مهما كان رد طهران، وستعمل على مفاوضات عديدة لتهدئة الوضع مع أيران..
فيلق القدس من جانبه رد الصفعة إلى ترامب، وروجها إعلامياً لجعلها إنتصار يهدئ الشارع الثائر لسليماني، ولكنها في حقيقة الأمر تتبع خطى واضحة، للعمل على كسب العديد من المصالح والتنازلات النووية لصالحها، جراء إغتيال رئيس فيلق القدس..
أيران أنتصرت استراتيجيا.. وأثبتت للعالم أن أمريكا اليوم ليست كسابقتها، ولذلك علينا كعراقيين، أن نستثمر الصراع لنخرج من كنف الإهانة الأمريكية، التي لم تجلب لنا سوى الدمار، بسياسة القطب الواحد.
الصين هي من يقود العالم قريباً بلا منافس، ومن المنطقي أن نذهب حيث مصلحة العراق، مع الأقوى إقتصادياً.. فالإقتصاد هو محور الصراع.