تُشير التقارير الى 80% من الرمادي مدمرة؛ يزيد أو ينقص؛ فمن المؤكد أنه نتيجة حتمية لأرض وطأها داعش؟!
أجلت القوات الأمنية معظم العوائل، وما تبقى سوى قليل رهنتهم داعش كدروع بشرية.
تحاول القوات الأمنية بكل جهدها؛ إنقاذ ما تبقى وتطهير كل أراضي الأنبار، وما هي سوى سويعات ويتكلل النصر بصورته الأبهى، ويندحر الإرهاب بوجهه القبيح، وبؤس مصيره المحتوم.
لا تكتمل فرحة النصر؛ إلاّ بالإطمئنان على عودة العوائل، ويتفقد الآباء أبناهم ويُسأل عن الشيوخ والأطفال والنساء، وكل جار يزور جاره وأبن محلته، وتُروى قصص من رعب الإرهاب ومعناة النزوح، وأعظم منها روايات بطولات المقاتلين، وترحيب بقية أطياف العراق وإحتضانه لأخوته في ظروف المحنة.
دخل الإرهاب الى الأنبار قبل غيرها بدموية؛ في مدينة متنوعة الأمزجة؛ من عشائرية وقومية وتجارية وبعثية ودينية، ودخلها التطرف لتشويه فكر بعض ساكنيها، وهي الأكثر بين مدن العراق؛ حيث إنخرط وغرر بما يُقارب 50 ألف شاب مع داعش؟!
هي ليست المرة الأولى التي يختطف الإرهاب محافظة الأنبار، من 2004م، ثم 2006- 2008م، وآخرها سقوط الفلوجة قبل الموصل بيد داعش، وفي أحداثها كان جهداً واضح لأهلها وصحواتهم التي طردت القاعدة، واليوم تحارب داعش، وأقسمت عشائرها أن لا تُبقي من قتل أو إحتضن وناصر، ولا مكان لهم في حياة الأنبار المستقبلية، ولن تجدهم إلاّ متسكعين في عواصم دول، وبالنتيجة مطاردين، ورُب َّ ضارة داعش، نتائجها أن كشفت النقاب عن زيف بعض ووطنية الأغلبية.
إن التجربة التي عاشتها الإنبار؛ درس بليغ يحتم واجبات متأصرة بين الحكومة والشعب والساسة، ولأجل إعادة إستقرارها؛ لابد من توفير أجواء إعمار وتعايش ومقومات عيش يمنع الإنحراف والتغرير، وردم الخلايا النائمة، ومواطنيها عليهم وعي الدروس التي أفقدتهم أبناءهم ومالهم، ولا عيش لهم سوى خيمة الوطن، وعلى ساستها؛ أن يعرفوا حديث الطائفية هو سبب كل الخراب والدماء، ومن تحدثه شريك بدماء أهله.
غداً تعود الإنبار الى الحياة، ويتحدثون عن شهداء وأبطال قدموا رقابهم جسور للنصر، وغداً لا مكان للإرهاب والمخرب وتاجر الدماء والسياسة.
خيراً فعلت الحكومة بالنظر الى الآراء السياسية الداعية الى إعمار الأنبار، وأنها نقطة جوهرية؛ وإذا أرادت عراقاً مستقراً؛ عليها أن تنظره كجسد واحد؛ لا يمكنه النهوض وأحد أعضاءه معلولة، وقد لا يستطيع العراق لوحده القيام بالمهمة، فعليه الإستعانة بالمنظمات الدولية، ودراسة الواقع ووضع حلول؛ لا تسمح بعودة إرهاب همجي؛ لم يسلم منه أنسان وشجرة وبناية، وبالإعمار والإستقرار لن يكون مستقبلاً مكان للإرهاب.