البعض يخلط بين الإعلام كمهنة ومواقع التواصل الإجتماعي.. بل أن ذلك البعض يَعدُ مواقع التواصل الإجتماعي وما يُنشر فيها جزءا من الإعلام.. بل ان كثيرا سخروا مواقع التواصل -كونها واسعة الإنتشار- لنشر بياناتهم وإعلاناتهم وتقاريرهم الاخبارية.. هذا الخلط في حقيقة الأمر أضر كثيراً بقطاع الإعلام.
لا يستطيع أحد أن يجانب الحقيقة، ويقول أن مواقع التواصل الإجتماعي قليلة الحظوة والإنتشار وأن تأثيرها محدودا.. لأن ذلك مخالف للواقع. وأن الحقيقة تقول أن هذه المواقع تفوقت على جميع “وسائل الإعلام” التقليدية، وأصبحت محط إهتمام الجميع وتستخدم من قبل المليارات لا الملايين من البشر، وهي الأولى الآن بين “وسائط” نقل المعلومة. وتستخدم من قبل الأشخاص والمؤسسات على حد سواء.
هناك مجموعة إشكالات تحيط بمواقع التواصل الإجتماعي من خلال ما ينشر فيها، تجعلها بعيدة عن أن تكون وسيلة إعلام بالمعنى المهني والاكاديمي.. كون هذه الوسائل تنشر في كثير من الأحيان أخبارا كاذبة ،وغير دقيقة، وليس لها مصدر.. ولا يمكن التأكد من صحتها أو الإعتماد عليها.. كما أنها تُستخدم للتسقيط وتسويق المعلومات الملفقة أو المشوهة، في حين أن وسائل الإعلام تتوثق من مصادر المعلومة، وإذا حَررت خبراً فأنها تضعه في قالب خاص، وتتحمل مسؤولية المعلومة التي تنشرها فيه.. كما أن لوسائل الإعلام التقليدية ضوابط وسياقات عمل، في حين أن لا ضوابط ولا سياقات عمل في مواقع التواصل، وأن هناك قواعد للنشر وهي مجموعة أسس يعمل عليها الصحفيون وإدارات المؤسسات الإعلامية عند نشر الأخبار والتقارير المصورة والتحقيقات والحوارات والقصص الخبرية والصور الصحفية، وتفتقرمواقع التواصل الى اية ضوابط اوسياقات، وتعتمد العشوائية والفوضى في نشر المعلومة التي غالباً ما يكون لها أثر مدمر عندما تكون موجهة من جهة ما.. ونعني بها جهات التطرف والغلو والإرهاب.
ما يميز الاعلام أنه، مهني ومواقع التواصل غير مهنية ، وأنه يعمل على وفق قيم وأخلاق مهنة ومعايير، على عكس المواقع المذكورة فلا تعمل على أية قيم وتخلو من المعايير، وليس هناك أخلاق مهنة في تلك المواقع ، لأنها ليست مهنة أساساً. والإعلام موضوعي ودقيق ويعول عليه، على خلاف مواقع التواصل فهي غير موضوعية فيما تنشر، ولا دقة في معلوماتها ولا يعول عليها.. ووسائل الإعلام تعمل على وفق منهجية، ولا منهجية ولا خطة لوسائل التواصل.. وأخيراً تراعي وسائل الإعلام لوائح حقوق الإنسان والمرأة والطفل.. بينما لا تعير وسائل التواصل تلك الحقوق أية أهمية، بل أن الإنسان يُهان على مدار الثواني والدقائق، وتُمتهن كرامة المرأة، ولا تُراعى حقوق الطفل. فكيف نخلط هذا بذاك وكوادر الاعلام يتخرجون من أكاديميات متخصصة ليمارسوا عملهم تحت إشراف خبراء المهنة.. بينما يستطيع أي متطفل أن يصبح صحفياً عبر وسائل التواصل لمجرد إمتلاكه جوالا وإشتراكا بالشبكة العنكبوتية وصفحة على الفيسبوك. فأين الثرى من الثريا..!!