7 أبريل، 2024 3:38 ص
Search
Close this search box.

الإعلام ومسؤوليّته

Facebook
Twitter
LinkedIn

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات : 6].

إنّ الإسلام يعتبر الكلام الذي يسمعه الإنسان أو الشيء الذي يشاهده يشكّل له تصوّره وإدراكه ليبني عليه موقفه وحركته وأسلوب علاقاته بالآخرين ممّن هم حوله. فمع استجابة الإنسان للكلام أو الخبر يتحدّد مضمون تفاعله وذلك بحسب مدلول الخبر. فإن كان الكلام حقّاً فإنّ الإنسان سيلتزم حقّاً، وإن كان باطلاً فسيجنح هذا الإنسان بعيداً عن الحقّ وينغمس في الباطل، ما يجعل من عملية التلقّي حاكمةً لعلاقاتك بالآخرين سلباً وإيجاباً.

ممّا لا شكّ فيه أنّ ما نعايشه اليوم من حربٍ إعلامية هي أكثر فتكاً وإيذاءً من الحرب العسكرية، فالحقائق تُقلب رأساً على عقب ويتحوّل الحقّ باطلاً والباطل حقّاً، فالإعلام سحرٌ وقد يكون أصحابه كسَحَرة قوم موسى الذين كانوا يسحرون أعين الناس بالكذب والتضليل.

وقد زاد تأثير هذا السحر في عصر الفضائيات، فكلّ فضائية اليوم تُحسب على دولةٍ هنا وبلدٍ هناك، تنفّذ سياستها ومصالحها على حساب الأطراف الدولية الأخرى، كأن تتسبّب في إيجاد ضغوط أو مشاكل تجاه هذه الدولة أو ذلك الحزب أو تلك الحركة، حتى لو كانت تعمل على تحرير البلد من سيطرة المحتلّين. وهذا ما نلاحظه اليوم وفي هذه المرحلة حين تعلن بعض وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئيّة حرباً تمليها عليها أجهزة المخابرات في استهدافها لكلّ حركات المقاومة في العالم الإسلامي وذلك بالعمل على تشويه صورتها أمام كل الشعوب لإضعافها والنيل منها لحسابات ومصالح سلطوية أو استكبارية.

إنّ العالم مملوء بالمخابرات التي تعمل على قلب الحقائق في سبيل مصلحة جهات معيّنة، والتركيز الأكبر هو على الإعلام لأنّه يؤثّر بشكلٍ كبير في عقول الناس وردود أفعالهم! فانتشار الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي باتت تشكّل خط الهجوم الأول في قلب الحقائق ونشر الأكاذيب هنا وهناك.

لذلك يريد الله لنا أن نتدبّر كلّ الأخبار ونفحصها مليّاً، وندرس كلّ أبعادها دراسةً عميقة حتى نتعرّف الحق من الباطل، ولا نضيع في المتاهات، لأنّ هذه المرحلة هي من أخطر مراحل الهجمة على الإسلام والمسلمين.

ومن هنا فإنّ على الإنسان أن لا يعطي لأذنه الحرية في أن تقبل كلّ ما تسمعه، وقد تحدّث الله عن الأذن بقوله تعالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}[الحاقة: 12]، فيجب أن تكون واعياً لكلّ ما تسمعه، وأن تفكّر في أيّ خبر، هل هو خبر معقول أو لا؟ وهل له أساس أو لا؟

وهذا الأمر يؤكّده الكثير ممّا نعيشه في مجتمعنا، فقد نرى أنّ الكثير من المشاكل التي نواجهها، سواء في البيت أو المجتمع، على المستوى الفردي أو الاجتماعي أو الأمني، إنما تنطلق من خلال الإعلام، فهنالك الكثير من المحلّلين أو المخبرين يخوّفون الناس بأمور كثيرة، وعلى الناس أن لا تستمع إلى أيٍّ كان، بل عليهم بسؤال العقلاء والمسؤولين في كلّ القضايا، فقد لا يكون لِما سمعوه أيّ أساس، فالله سبحانه وتعالى يقول لكم: لا تعتمدوا على ما تسمعونه، بل اعتمِدوا على عقولكم، لأنّ العقل هو الذي يحسب الحسابات وهو الذي يميّز الواقع الصائب من غيره.

وتبقى المسؤولية الكبرى على مَنْ يقف وراء وسائل الإعلام هذه، ومَنْ يدفعها إلى التحريض وزرع الفتنة بين الناس. فهؤلاء ممّن باعوا آخرتهم بدنياهم، وممّن باتوا يتحمّلون مسؤولية الكثير من إراقة الدماء وزيادة الشقاق في الأمة. ولذلك، فإنّ على الأمة وعقلائها أن يقوموا بتوعية الشعوب ودحض كلّ الفبركات الإعلامية التي ليست إلا كبيت العنكبوت، وأن لا يتّبعوا مقولة “يكفيك الناس”. إنّ المسؤولية تقع على الجميع، فكل فردٍ عليه أن يكون على قدرٍ كبير من التعقّل وأن لا ينقاد وراء الغرائز ويصدّق كلّ ما يسمعه.

هي مرحلة حسّاسة وخطيرة في آن, فالمطلوب هو الوعي الدائم، والتنبّه للأخطار المحدقة بنا، فالعالم المستكبر يتربّص بنا للانقضاض علينا ولافتراسنا جميعاً. وعندما يقع الهيكل فهو سيقع على رؤوس الجميع ولن ينجو أحد…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب