23 ديسمبر، 2024 10:57 ص

الإعلام المصري المؤيد للإنقلاب العسكري التركي يستحضر روح المناضلين حسنه ملص وعباس بيزة!

الإعلام المصري المؤيد للإنقلاب العسكري التركي يستحضر روح المناضلين حسنه ملص وعباس بيزة!

من أتى به صندوق الانتخابات لا يخرج إلا بصندوق الانتخابات! تلك هي قوانين اللعبة الديمقراطية وعلينا الامتثال لها! 
الكاتب الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم كان لا يريد أن يكون مجرد تابع وخاضع للإملاءات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حول مشروع القومية والوحدة العربية والزعيم بدوره كان يريد ان يكون العراق مستقلآ بقراراته السياسية والاقتصادية والعسكرية وأن يكون له دوره المؤثر الاقليمي والدولي وأن لا يكون دوره مجرد هامشيآ لذا وصلت العلاقات المصرية العراقية في حينها إلى وضع متأزم جدآ مما دفع كلا الطرفين بإستخدام كافة وسائله الاعلامية والاذاعية المتاحة لغرض تبادل الاتهامات بين الطرفين وكانت اذاعة “صوت العرب” ومقدم برامجها المشهور “أحمد سعيد” قد أخذت على عاتقها كيل الاتهامات الباطلة بمناسبة وبدون مناسبة بحق ثورة الزعيم قاسم لذا قام العراقيين المؤيدين للزعيم بتسريب خبر عن فحوى اعتقال السلطات الأمنية العراقية أهم شخصيتين سياسيتين معروفين بنضالهم القومي العروبي وهي المناضلة القومية “حسنة ملص” والسياسي العروبي الكبير “عباس بيزة” ولان الغباء الاعلامي كان مصيطر في تلك الفترة لذا توجه “احمد سعيد” عبر مذياعه في “صوت العرب” وبصورة هستيرية جامحة وبدون أدنى دراية أو حتى تأكيد لهذا الخبر المسرب من مصداقيته من عدمه لذا فقد ثارت ثائرته الصوتية وظل يردد بحماس شديد وعنفوان عبر ميكرفون الاذاعة بقوله :”كلنا حُسنة ملص وكلنا عباس بيزة ,وإذا ماتت حُسنة ملص فكلنا حسُنة ملص، كلنا حُسنة ملص، كلنا عباس بيزة، من المحيط إلى الخليج”.
لذا كان أكبر مقلب إذاعي في تاريخ الصحافة والإعلام العربي والعالمي ولم يسبق له أن حصل من قبل ولا من بعد! وأن الخبر المسرب كان متعدمآ من قبل أنصار الزعيم الراحل لإسكات هذا البوق وإلى الأبد والحقيقة التي يعرفها العراقيين وضحكوا عليها كثيرآ لحد الاغماء من شدة المقلب المحكم فالمناضلة التحررية “حسنة ملص” لم تكن سوى عاهرة مشهورة و”عباس بيزة” لم يكن سوى مجرد قواد!؟ بعد هذا المقلب المضحك لم يعد العراقيين يثقون بما يذيعه عليهم “احمد سعيد” لقد كان سقوط وفضيحة أخلاقية قبل أن تكون فضيحة وسقوط إعلامي!؟ هذا المذيع المخضرم لم يكلف نفسه بأن يرفع سماعة الهاتف ليتصل بمناصريه في العراق ليتأكد من خبر الاعتقال!؟.
أسرد هذه الواقعة في البداية للذي لا يعرفها من القارئ العربي،ولو أن هذه الواقعة مشهورة جدآ في حينها وما زالت إصدائها تذكر بين الحين والأخر وقد كتب عنها الكثير من الكتاب والصحفيين العراقيين والعرب , وأنا أشاهد بعض قنوات الاعلام الفضائية في العراق وبالأخص في سوريا ومصر وكوني كنت متابع شخصيآ منذ الساعة الأولى لإذاعة خبر الانقلاب العسكري من على شاشة قناتي الجزيرة والعربية الإخبارية … هذا الأنقلاب الفاشل كان من المقرر أن تكون ساعة الصفر فجر يوم السبت 16 تموز الساعة الثالثة ولذا سارع الانقلابين ولشدة غبائهم بأن يتم تقديم الانقلاب ستة ساعات عن موعده الأصلي وجعلوا بدايته ليلة يوم الجمعة 15 تموز الساعة التاسعة مساءآ!.
أن مدى الأسفاف الإعلامي الذي وصل له هؤلاء مقدمي البرامج التلفزيونية وإعلاميهم وهم يشيدون بصورة أكثر من غبية بالانقلاب ونجاحه والتفاف الشعب التركي حوله! حتى قبل أن يعلن الأنقلابيون العسكريون أنفسهم نجاح انقلابهم !؟ وكأنهم يخيل أليك للوهلة الأولى بأنهم ناطقين رسميين باسم هؤلاء عسكر الانقلاب ,وأنها ليس قنوات فضائية مصرية وأنما قنوات فضائية تركية !!؟ لقد افتقدوا لأي مهنية وحيادية وموضوعية وقبل كل شيء فقدوا كذلك مصداقيتهم كمقدمين برامج !؟ من خلال تناولهم مثل تلك الأحداث العالمية المهمة على الصعيد الإعلامي … لقد كان سقوط هؤلاء راقصي التعري الإعلامي من المذيعين وحتى الذين تم استضافتهم في برامجهم لم يكونون بمستوى الحدث وهم يطرحون خيارات لجوء الرئيس أوردغان إلى الخارج وطلبه للجوء السياسي إلى ألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول الغربية!؟ حتى أن بعض الصحف المصرية الصادرة صبيحة يوم السبت 16 تموز خرجت بمانشيتات عريضة وطويلة وعلى صدر صفحاتها الأولى ترحب بنجاح الانقلاب وإطاحة أوردغان من سدة الحكم إلى غير رجعة … حتى لم ينتظروا أن تنجلي حقيقة الأمور خلال ساعات الفجر الأولى لكي تكون اخبارهم على الأقل ذات مصداقية للقارئ … ووصل بهم الأمر بأن يكونوا لهم دور من خلال صفحاتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي وهم يهنؤون بعضهم البعض بنجاح الأنقلاب وسارعوا باستضافة محللين سياسيين في برامجهم الإخبارية لغرض التهنئة بهذا الانقلاب وكأنهم في مهرجان في سوق النخاسة الإعلامي ويقولون
فيما بينهم ويستحضرون روح أحمد سعيد” كلنا حسنة ملص ” و”كلنا عباس بيزة ” !؟.لقد كان هؤلاء وغيرهم ملكيين أكثر من أحزاب المعارضة التركية بكافة توجهاتها العلمانية والليبرالية والقومية والإسلامية والتي وقفت موقف مشرف جدآ من هذا الانقلاب الفاشل ونحت خلافاتها السياسية مع الرئيس أوردغان وحكومته حزب التنمية والعدالة ووقفت بكل حزم وصمود بجانب الشرعية الانتخابية والديمقراطية وصناديق الانتخابات التي أتت بإوردغان وحزبه لسدة الرئاسة والحكم حتى الأدباء والفنانين والروائيين الأتراك وقفوا بجانب الشرعية الدستورية والديمقراطية التركية واستنكروا أشد الاستنكار هذه الفعلة من بعض العسكريين الأتراك … لقد قال الشعب التركي كلمته عندما خرج بالملايين وهو يدافع عن حكومته المنتخبة ورئيسه , بأن لا عودة بعد الأن للانقلابات العسكرية … المضحك في الموضوع مشاهدتي عبر الفضائية الرسمية السورية وقناة الميادين ووصال وهي تنقل مباشرة حالات الفرح العامرة وخروج الناس بالشوارع في دمشق والعسكريين مبتهجين ويطلقون زخات من الرصاص الكثيف في الهواء مبتهجين بهذا الانقلاب ويخيل اليك بأن الجولان قد تحرر من الاحتلال الإسرائيلي !!؟. لقد سقط الاعلام المصري وقبله الاعلام السوري وحتى الاعلام الحكومي الحزبي الطائفي العراقي بالضربة القاضية … لقد أصاب هؤلاء راقصي التعري الإعلامي بخيبة أمل شديد بعد مرور بضعة ساعات وفشل الانقلاب، ولخيبتهم المخزية اصبحوا يتحدثون على ان الانقلاب كان مجرد مسرحية من الرئيس اوردغان لتثبيت حكمه!!؟.
أكثر موقف مضحك وهزلي رأيته من خلال متابعتي عن كثب لهذا الحدث ما صدر من قبل المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء مفاده بأن:”رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي يتابع عن كثب الأوضاع في تركيا,ويأمر بعقد اجتماع طارئ وفوري للمجلس الوزاري للأمن الوطني”. طبعآ لا يوجد شيء من هذا القبيل مجرد كان هذيان إعلامي لبيان بائس لغرض أن يجعلوا لهم دور أمام الشعب العراقي أو هكذا كانوا يظنون بظنهم!؟ فلم يحضر أي شخص للاجتماع ولم يكن هناك اجتماع بالأصل، بل على العكس كان هناك استهزاء واضح وصريح من قبل العراقيين في شبكات التواصل الاجتماعي على مثل هذا البيان، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة لا يستطيع أن يعطي أوامره لإي فصيل صغير من ميليشيات الحشد الشعبي الإيرانية!؟ بعض النواب والوزراء أخذتهم حمية الطائفية الجاهلية وراحوا إلى أبعد من ذلك وهم يهنئون أنفسهم بهذا الانقلاب العسكري الفاشل ,وأفشل ما في الموضوع هذا تصريح وزارة الخارجية وعلى لسان وزيرها إبراهيم الجعفري لتبين لنا ما بلغت إليه الدبلوماسية العراقية في عهده من بؤس وتشرذم وكأنه في حسينية للطم .. حيث صرح بأن :”الانقلاب في تركيا هو شأن داخليآ ” ضاربآ بعرض الحائط كل مبادئ الانتخابات الديمقراطية وأراده الشعب وإزاحة للشرعية بقوة السلاح والانقلابات العسكرية الفاشلة!.
وأخيرآ وليس أخرآ بأن الرئيس أوردغان سوف يعيد حساباته وتحالفاته العسكرية والسياسية مع دول الاتحاد الأوربي وبالأخص أمريكا لانهم وقفوا منذ إعلامهم بالساعة الأولى من الأنقلاب موقف المتفرج لغرض انجلاء القبض أو قتل أوردغان ولم يسارعوا إلى أدانته إلا في ساعات الصباح من اليوم التالي وبعد أن تم ودأ هذا الأنقلاب العسكري الفاشل وصدمتهم عندما شاهدوا ملايين الأتراك يخرجون للشوارع للدفاع عن مكتسباتهم الديمقراطية بعدها سارعت أفاعي هذه الحكومات الغربية وأمريكا على دعم الحكومة الشرعية والديمقراطية حسب تصريحاتهم واتصالاتهم الهاتفية لغرض الاطمئنان على الرئيس التركي وحكومته وبرلمانهم !!؟. [email protected]