لن أتحدث عن ممارسات ومشاهدات وأقوايل وإشاعات بحق الإعلام العراقي بل أتحدث عن تجربتي الشخصية مع أغلب القنوات العراقية التي إستضافتني في التحليل السياسي
أغلب قنواتنا العراقية لم تستضف ضيفا غير معروف من قبلها ولم تعرف ولاءاته وإتجاهاته وإن فعلت فهي تعطيه فرصة واحدة ولم تعد الكرة مرة أخرى معه لأنها عبارة عن دكان يتعامل مع زبائن مهمتهم الأساسية أرضاء هذه الجهة السياسية وإغاضة الأخرى وتلميع صورة هذا الشخص وإسقاط تلك الشخصية بغض النظر عن المصداقية والمهنية وقول كلمة الحق
أنا أحد الضيوف الذين لايؤمنون بهذا المبدأ فأنا لاأفارق قول كلمة الحق ولم أستطع أن أخفي معلومة حتى لو تعارضت مع منهج وسياسة القناة وهذا ماجعل أغلب القنوات العراقية أن تبتعد عني رغم وجود أرقام هواتفي لديها لكنها وضعت مئات الخطوط الحمراء تحت أسمي
هذه القنوات تبحث عن المحللين الطائفيين من الذين أطلقت عليهم تسمية ” المحللين السياسيين ” الذين يساهمون في زيادة لهيب النار التي تحرق العراق فهؤلاء مهمتهم الأساسية إعطاء المبررات الكافية لقرارات الحاكم ومساندة الآراء الموالية له فهؤلاء نراهم يخرجون من قناة ويدخلون في أخرى حتى بتنا نشاهد وجوههم تتكرر كل مرتين في الساعة ! في حين تتعرض الأصوات اللاطائفية والأصوات الصريحة التي تقول كلمة الحق الى حصار إعلامي شديد
بفضل المحللين الطائفيين أصبح الشعب العراقي ينزف طائفية وأفكارهم المسمومة إنعكست شيئا فشيئا على الشعب حتى بات الصوت الطائفي هو الأقوى لدى المتلقي العراقي وهذا خطر كبير يهدد الحياة الإجتماعية العراقية
ماكان للعراق أن يتعرض الى هذه المنزلقات الخطيرة لولا وجود هؤلاء الذين يقرعون طبول الحرب الطائفية على مسامع الشعب وماكان لهؤلاء أن يبثوا سمومهم لولا التحالف المعلن بينهم وبين تلك القنوات التي تعمل سوية من أجل طمس رقي العراق وتألقه من جديد
أما نحن فنراهن على مايسمى بالقنوات المستقلة لكن هذه القنوات للأسف الشديد هي الأخرى بدأت تحاصر أصحاب الكلمة الصريحة فهي لاتسمح للضيف أن يؤشر بشكل مباشر على من كان السبب في دمار العراق وهي لاتسمح للضيف أن يكون صريحا بدرجة مئة بالمئة أثناء حديثه فهي تطلب منه أن ” يرواس ” حديثه فلاتريد منه أن يحمل جهة دون جهة ولاتريده أن يحمل المسؤولية الى طرف دون طرف آخر
تصرفات هذه القنوات المستقلة جاءت لسببين الأول هو تعرضها الى ضغوط كبيرة من تلك الجهات أو إنها إنجرت للدفاع عن الوضع الحالي وبالتالي فهي تصبح منضوية تحت لواء زميلاتها من تلك القنوات الحزبية المعروفة بطائفيتها وأساليبها التدميرية
لو سمحت لي هذه القنوات وأكثرت من أستضافتي وإستضافت من هو على شاكلتي من الصراحة وقول كلمة الحق بأسلوب ” طك بطك ” لما وصلنا الى ماهو عليه الآن
أقول هذا الكلام ليس لكوني مصاب بداء العظمة ولا لكوني الأعلم والأفهم لكني أعرف بأن العراق الجديد تحكمه الآن وسائل الإعلام فقط وهو خال من البرامج والقوانين فنحن نشاهد اليوم إن أغلب القرارات التي تتخذها السلطة الحالية هي نتيجة فكرة يطرحها أحد الضيوف في القنوات الفضائية إضافة الى أن أغلب ساسة العراق الجدد هم نجوم صنعتهم هذه القنوات فاليوم الناخب العراقي لم ينتخب المرشح الذي ليس لديه حضور إعلامي واضح , ونلاحظ أيضا أن المرشحين الذين يخرجون على شاشات القنوات هم الأوفر حظا للفوز وهم ليس بحاجة الى إعلانات كبيرة فهم في نظر الناخب نجوم لابد من إنتخابهم بغض النظر عن برامجهم وترصفاتهم الأخرى
إننا نناشد أصحاب تلك القنوات المستقلة التي نراهن عليها ان تلتفت لأصواتنا فهي خالية من سموم الطائفية وممتلئة بقول كلمة الخير و تدعو الى إشاعة روح التسامح والوحدة والسلام .