إنفتاح العراق على عالم التكنلوجيا الحديثة والمعلومات والإعلام، لم تخلصه من عقدة سيطرة الحكومة والحزب الحاكم على وسائل الإعلام، ما يقارب 50 قناة لا يمكن السيطرة عليها، إلاّ من خلال التمويل المباشر والغير مباشر عن طريق الإعلانات الممولة من الدولة، في نفس الوقت طالما إتهم رئيس الوزراء وسائل الإعلام بالتقصير عن تغطية المنجزات الوطنية ومحاربة الإرهاب والفساد، يطلب تقليل الخسائر وعدد المفخخات والإيحاء للمواطن والدول إن العراق في حالة الإنتعاش الأمني والإقتصادي، تجاوز دول المنطقة في النمو وحسن العيش.
يُتّهَمْ الإعلام بتشويه الحقائق ونقلها بصور لا تتناسب مع حجم المنجزات الحكومية، بينما لانجد تكريم لظاقات الوطنية والكفاءات، وإبتعاد الإعلامي الحكومي عن النشاطات الإجتماعية.
أيّ مراقب عادل يقف اليوم في العراق يلاحظ حالة الإحباط واليأس وتزاحم المقابر الجماعية وضيق سبل العيش، ولا احد ينكر التطورات الإقليمية الخطيرة ومحاولات إعادة تشكيل المنطقة، وإستمرار الإرهاب بالقتل موسعاً جغرافيته، من إستغلال الفراغات الأمنية والتناقضات السياسية الداخلية والخارجية. القاعدة أعلنت تشكيل دولة بأسم (داعش)، لا يستبعد سعيها لتشكيل دولة إرهابية في المناطق الغربية من العراق وجنوب سوريا صعودا الى الاراضي التركية، وإستمرار تفجيرات في الوسط والجنوب لإيقاع اكبر عدد من الضحايا لإثارة الغضب الشعبي، بينما في نينوى والرمادي إستهداف المرتكزات الأساسية للدولة، وإحتلال مناطق تمهيدا لما يسمى (غزوة بغداد).
حالة الإسترخاء الأمني وفساد المؤوسسة وغياب الخطط جعل زمام الأمر بيد الإرهاب، يراهن على الحرب الأهلية، ثم إحتلال المدن وحرب شوارع وكيمياوي الى حالة التقسيم ، التي تناغم مع أطراف سياسية تعتقد ان الإنتخابات تطيح بها. الإرهاب بين فترة وأخرى يغير خططه الستراتيجية, والتقسيم سوف يجعل له دولة في الإرض ( الموصل والإنبار) وتهديد المدن الأخرى، وهذا ما يجعل المسؤولية على إبناء تلك المناطق لانه يبدأ بهم ومن ثم قوة الدولة.
سنوات ورئيس مجلس الوزراء يردد إنه يحتفظ بالملفات، ولكل عملية لا نسمع الاّ التصريح ان جهات سياسية ورائها، والمسؤولية الوطنية تتطلب الصراحة والشجاعة لفضح تلك الملفات والاّ تصبح دعاية لا يصدقها المواطن، والخوف بذريعة إنهيار العملية السياسية غير مبرر.
الاعلام الحكومي يبدو واضحأ في تنكره الحقائق، يشوه الحوادث بمحاولات التقليل من الخسائر وعدم الإهتمام بالإنهيار الأمني, وكما يبدو ان هذا المنهج ليس منهج إعلامي دون حرفية او مهنية فقط، وإنما هذه المعطيات نتيجة تعامل كبار المسؤولين في الدولة، حينما يعرض او خلال المؤتمرات الصحفية والإحتفالية والمحافل الدولية، كأن الفرد العراقي في أحسن الأحوال، ومنهجية الإبتعاد عن عرض النشاطات الوطنية التي تقيمها جهات سياسية لمنظمات مجتمع مدني او تقريب بين المكونات او المطالبة بأحد حقوق المواطنين، لذلك وقع في الفخ الأمريكي بين الواقع التصريحات، ثم طلب رئيس مجلس الوزراء المعونة من السلطات الأمريكة، يصوّر إعلامياً تقدم المجال الأمني والإقتصادي والإجتماعي؛ بينما التقارير الدولية تشير الى خطورة امنية وإرتفاع مستويات الفقر، وهنا التناقض، إذا كنا نتقدم امنياّ فلماذا طلب المساعدات وشراء الصفقات وتخصيص17% من الموازنة للأمن والدفاع! الإعلام الحكومي ووسائل الإعلام الأخرى التي تمولها الحكومة من خلال الإعلانات، بعيدة عن منهجيتها كونها سلطة رابعة رادعة لسوء الفعل الحكومي، واجبها الوقوف بجانب المواطن لا ملمعة لقبيح الحكومة. يدعونا للسؤال الإعلام الحكومي يقف مع مَنْ.