قال الفيلسوف والكاتب الروماني, إميل سيوران:” تتحارب العقول أياً كان مستواها, ولا تجد راحتها واستقرارها, إلا في التحدي”.يحتاج بعض الكُتّاب والإعلاميين, لثقافة ذات مستوى عالٍ, مع العلم الذي تعلموه, والثقافة كما جاء في تعريفها,” هي تهذيب النفس و صقلها ، و هي عبارة عن مجموعة من السلوكيات و الضوابط المتبعة ، لتقويم السلوك للفرد أو المجتمع ، عن طريق الخوض في المعارف و العقائد و الفنون و الثقافات المختلفة ، و التي تهدف بمجملها إلى تقويم السلوك . و يظهر المعنى الحقيقي للثقافة في السلوكيات ، عن طريق الاعتقادات المتّبعة ، و الأفكار المدروسة البناءة ، و التذوق العالي لمختلف الفنون و الثقافات ، و سرعة البديهة في اتخاذ القرارات الصائبة ، و حسن التعبير ، و حب المشاركة و احترام الرأي و الرأي الآخر ، حينها نطلق عليها )ثقافة عالية المستوى” .
إن ما نُشاهده في الفضائيات, ونقرأه على في بعض الصحف, والمواقع الإلكترونية, ليس فِكراً إعلامياً نزيهاً, أي إنه اعلامٌ متدني المستوى, حيث لا نلمس منه النقد الواضح, لبناء فِكرٍ بناء, يعتمد على أسس أخلاقية حسنة, وذلك متأتي من نقصٍ, في رُقي تلك العقول, حيث لا تطرح ما تتناوله, بشكل إيجابي لفائدة المجتمع, وإنما ينعكس على أدائهم الإعلامي, وما تربوا عليه من سوء خُلُقٍ, ومحاولة تسقيط كل ما هو جيد, إشباعاً لرغباتهم الهدامة, وقد قال المُفَكر والفيلسوف الألماني(ايمانويل كنت( : بأنها خروج الإنسان من مرحلة عدم النضج و التي تكبده الكثير من العناء . و أكّد بأن هذا النضوج لا يأتي من حالة الجهل و عدم الفهم و السعي إلى المعرفة ، و لكن العناء يأتي من الجهل و عدم الشجاعة في سبر أغوار الأمور ، و العمل على التفكير بمنطق و بشكل مستقل ، بدون الاعتماد على ما تمّ تلقينه للفرد من مبادئ في الصغر ، قد تكون خاطئة ، و هي على الأغلب كذلك”.
إنَّه لمن المخزي المُشين, أن نرى ما نراه من إعلام هابط, بفئةٍ تسلقت مهنة الإعلام, لأجل الشُهرة فتفسد العقول, بدلاً من الرُقي بالمجتمع, ليكون الإعلام محتَرَماً, يستحِقُ الثناء من شريحة المثقفين والَعامة.
لا نرى ونحن في هذه المرحلة الحساسة؛ أن الانجرار خلف الإعلام السيء, أدنى مصلحة في التعايش السلمي, فمتى يفهمُ المُتسلقون, سواءً هواةَ أو أكاديميين؟