(الإعراب حلي اللسان فلا تمنعوا ألسنتكم حليها) جملة غرسها أنس بن مالك في أفواه مقربيه ليلوكوا حلو الكلام وأبدعه، وأجمله، ليليق بقائليه، ويشنف أذواق سامعيه، وهو هنا يفغر فاه السؤال عن الذين يلحنون بالكلم الطيب، لا نزاع طبعا بان اللغة وعاء الفكر وميزان تقويمه، وهي رأس الإعلامي واس كلامه، وكذلك إنفاقه، ومبتغاه، لإيصال رسالته النبيلة الى الناس، ويسعى الى لملمة أطراف لغته ومسكها بأم شفتيه، لترتسم اللغة في فكره وتدور في لسانه ولتبصره اللغة بمحاسنها، وان لا يهدم طبقات كلامه بالغث من الألفاظ حين يتحدث للناس، لا أقول هنا الإعلامي يستنطق النحو وطرق الإعراب والأخذ في تعاطي ذلك، بل يجعل اللفظ الجميل دأبه ويصير ديدنه، وطيفه السالك الفريد، فاللغة كما يقول أجدادنا العظماء(تثبت العقل وتزيد المروءة، مثلما اللغة بيت العقل) وما أحوجنا الى عقلنة لغتنا في زمن فوضى التعبير والتصوير للوقائع والأحداث، ولكن على الأقل يتحدث بلغة إعلامية مقبولة.
مناسبة هذا القول ما شاهدته وشاهده غيري من الناس في برامج رمضانية أخذت صيغة اللقاء الجماعي يتوسطهم مقدم البرنامج، يحيطه مجموعة من الإعلاميين من وسائل إعلامية مختلفة، وهو ما اعتدنا عليه في كل رمضان من بعض الفضائيات، في صيغة جلسات سمر أعطتها أسماء مختلفة، كمجالس وخطوط وغيرها، تناقش موضوعات شتى تخص المتحدثين ومتابعيهم ووضع البلد بشكل عام، كانت باللهجة المحلية الصرفة التي تشوبها (الحسجة) الخاصة بالبيئة العراقية، بصيغة دردشات عابرة تغفل المشاهد، وتلغي حجر عيونه وهي ترصد الألفاظ والعبارات التي أفرغها قائليها من كل معنى، وإذا ما ارتقت نحو الفصحى، فلا يمكن تصور المستوى الركيك الذي بدأ معيبا وواضحا في هذه اللقاءات ومن أفواه الإعلاميين خاصة، وليس غيرهم، يتضح ضعف استخدام اللغة الإعلامية بمفرداتها ومرادفاتها، وبدائلها خاصة وان لغتنا العربية لغة ثرية بالألفاظ وصور التعبير وتصوير الكلم، ولم يستطع احد ان يغطي عيوب اللغة عند المتحاورين من الإعلاميين، وانهيارها وسقوطها من شفاههم وفكرهم.
لا أطالبهم بالتحدث باللغة الفصحى الصرفة التي يلفها النحو والصرف والإعراب، بل التحدث من دون تكلف، بسهولة اللغة وفهمها، واقترابها من الصيغ اللغوية الوسطية المفهومة للتخاطب لدى عامة الناس في الشارع البسيط مثلما هي للشارع النخبوي الثقافي والتعليمي والتربوي، وغير ذلك، وإشاعة لغة شبه جديدة هي اقرب الى الفصحى السهلة التي يمكن ان يفهمها بل ان يتكلمها الناس من المحيط الى الخليج. أي لغة السهل الممتنع، التي تعلمناها، وكانت احد الركائز المهمة في العمل الإعلامي، لان اللغة العربية لغة وقورة، مهذبة، لغة معطاء، لغة أهل الجنة، لغة القرآن، لكن جيل الإعلاميين هو جيل عدم القراءة، وعدم التركيز، وعدم إجادة اللغة العربية، جيل الجمل المختلطة بالعامية، جيل انترنتي، جيل تجزر اللغة كل حين في أفواههم وتنتهك حرمتها وحروفها، لفرط الجهل والفقر الفكري، سواء في المدارس او الجامعات او المنابر، والأخطر عبر وسائل الإعلام المختلفة على ألسنة الإعلاميين، تجد في أفواههم وأنوفهم أنواع ما حذر منه علماء اللغة العرب، كالتاتأة، والعنعنة، والثأثأة، الكشكشة، والشنشنة، والعجعجة، والغمغمة، والسهسهة، والشطح والبطح، والسلخ والشرخ، وعدم قدرتهم على شحذ الذهن وإنارة زواياه بالأفكار، وهو ما يتفاعل في القراءة الدائمة، وقد قال الجاحظ قديماً في معرض نقده لألفاظ الكتَاب:(ما رأيت امثل طريقة من هؤلاء أنهم التمسوا من الألفاظ ما لم يكن حوشيا ولا ساقطا سوقيا، وان أقبح اللحن لحن أصحاب التقعير والتشديق والتمطيط والجهورية والتفخيم، وأقبح من ذلك لحن الاغاريب النازلين على طريق السائلة وبقرب مجامع الأسواق، وعلى الجملة، فالنحو لا يستغني عنه، ولا يوجد بد منه إذ هو حلي الكلام وهو له كالملح في الطعام).
ان اللغة هي رأس مال الإعلامي وكنزه ووقاره، وهندامه، من حيث ان الألفاظ قوالب للمعاني التي يقع التصرف فيها كتابة وحديثا، فإذا أضاعها فقد أضاع رسالته النبيلة، لأن الإعلام والفن والأدب رسالة إنسانية كبرى، لكن جريان اللغة القوي عبر الألسن الإعلامية اليوم، هو الطفح اللغوي المملوء بالقيح، والموبوء بالحمى والسعار، واللفظ الجارح، لفظ بلا ذوق ولا عفة حرف ولا صولجان جملة، انتشر كالفطر في جسد وسائلنا الإعلامية، إذ ان الإعلاميين بحاجة الى لغةً ناعمة يستكشفون دررها ولؤلؤها، وبريق أحرفها ونغمة موسيقاها الجزلة، وفي عملية الاتصال ننظر الى اللغة على أنها أهم نسق بين العلامات يساعد على التفكير والتعبير عن الذات، ولذلك يركز الدارسون في الإعلام على قدرة اللغة على إفهام الجمهور وتوصيل المعلومات والأفكار من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وعلى ذلك يغدو التعبير اللغوي جزء هاما في عملية الإعلام، يتممه جزء مقابل يركز في كيفية الاستيعاب والتفسير وتطوير المعلومات، فكيف بإعلامي لا يجيد انتقاء اللفظ ويلحن بحديثه، كما ان اللغة “تعبير عن الفكر” وكل فكر لا بد له لكي ينتقل من ان يعبر عنه، فاللغة ظاهرة اجتماعية من الطراز الأول، لذلك اهتم بها الأجداد وقد قال الرشيد يوما لبنيه:(ماضر أحدكم لو تعلم من العربية ما يصلح به لسانه أيسر أحدكم ان يكون لسانه كلسان عبده وآمته).
ان الشعوب والأمم تهتم بلغتها وتقدسها، وتحفظها للأجيال، ففي فرنسا مادة قانونية تحافظ على سلامة اللغة الفرنسية، والقانون الفرنسي ينص في مادته الأولى (على حماية اللغة الفرنسية، خوفا من الكلام المختلط انكليزي ايطالي ألماني، وحماية الإنتاج الوطني) وهو الأمر نفسه تفعله أمم أخرى لحماية لغاتها كالألمانية، والبريطانية والاسبانية والايطالية، وعليه فإننا نحتاج الى وضع قواعد تعصم الألسن من الخطأ، وتقيهم شر اللحن، منعا لعادية اللحن في القرآن الكريم، وعودا بالألسنة الى طبيعتها السليمة، وهي دعوة ليتزود الإعلامي برصانة لغته العربية الجميلة من رحم القرآن الكريم الذي يضم كنوز اللغة العربية كتابة ولفظا، تحدثا ونطقا، فما الضير ان يواكب الإعلامي على قراءته ليحفظ لسانه من زلل اللفظ واعوجاج الحروف بين شفتيه وفوق لسانه، وهو لعمري زلل واعوجاج لا يغتفر ويرهق قلب متيمة مثلي مغرمة باللغة العربية الإعلامية النقية التي تسمو على صغائر اللفظ وتقترب من عفة المعنى، فإذا اندلقت اللغة من فم الإعلامي انسلخ الفكر الى القعر، فهو ليس بإعلامي ولنمنحه صفة أخرى وليغادرنا الى مهنة تحتوي جهله وفقره الفكري وسوء تدبير تعبيره كي نحمي مجتمعنا وأولادنا وجيلنا الذي تقع مسؤولية تعليمه في رقابنا.
ينبغي على الإعلامي ان يختار ألفاظه بكل صفاء ونقاء، أي ان ينقي ويصفي كلماته بكل دقة، حين يكتب وأكثر حين يتحدث، وان يخضع لعملية تطهير من الكلمات مرة بعد مرة، كما لو كانت الكلمات قشورا وشوائب، وذؤابات نائمة في طيات تعبيراته الغافلة عن المعاني الأكثر حصانة له ولسامعيه، وان يلقح كلماته ويطعهما بحسن اللفظ والقول والتعبير، يجعل الكلمات كاشفة المعنى، ميسرة للفهم والقراءة معا، وكل ما في الأمر انه عتق للكلمات المختارة في لحظة الحديث، وتحرير لها من قيودها الثقيلة التي ترهقها وتضطرها الى ان تكون دون طبيعتها في الأوقات الأخرى، وعليه فان على الإعلاميين ان ينتخبوا الألفاظ، وينتقوها من اللغة، استحسانا لها، وتميزا لها في الطلاوة والنقاوة والرشاقة على غيرها، حين يحاورون ويتحاورون وحين يتحدثون في أي موضوع رغبوا في الحديث عنه، وحين يجيبون على أية أسئلة تعرض عليهم كمختصين بالرصد والتحليل والمشاهدة وقنص الحدث ومراقبته اكثر من غيرهم من المهن الأخرى، كما يؤكد علماء اللغة وكبار الإعلاميين.
وبما ان التليفزيون أداة تثقيف وتنوير جنبا إلى جنب أدواره الترفيهية والإخبارية -كما هي وسائل الإعلام الأخرى- فان أدواره التربوية والتعليمية وجدت لها ملاذاً في حضنه ومدرسته متوازياً مع المدرسة والجامعة وقبلهما الأسرة، وهنا تكمن مسؤولية الإعلام في ترسيخ لغة مقبولة يتحدث بها وعنها الجيل بمختلف الأعمار، إذ لا يجوز ان تستمر الوسائل الإعلامية، والإعلاميين، وسائل حرب تطلق النار بالكلمات بدل الرصاص وتفخخ أذواقنا بغليظ القول واللفظ، وبعامية سمجة لا تليق إلا بحديث المقاهي والأسواق وبين دهاليز محال تصليح السيارات، تنطلق من أفواه أهلها قبل ان تنطلق من أفواه الآخرين، وهو لعمري تشويه اللغة العربية بكل بنياتها المقدسة، بالرغم ان الإعلام العربي بمختلف وسائله وتوجهاته، بات اشد غلظة وتشويها للغة العربية وأكثر تجارب العالم انحدارا بلغته، فضلا عن المخاطر الإعلامية الأخرى التي أبدلت الفوضى بالاحتكار الإعلامي، بما يضمن التوازن المذهبي، ويحفظ الحصص الإعلانية لا الإعلامية، كما ظهر ذلك في دراسات لباحثين عرب، خاصة وان وسائلنا الإعلامية بدت سلطة فوق كل السلطات المنحسرة وليست السلطة الرابعة فقط، إذ تتقدم صورة المسؤول والبرلماني والحزبي وبوحي منه، على صورة الدولة والمؤسسة والمواطن، أي “انا” المسؤول بدلا من “نحن” الدولة، مما يؤدي الى سقوط الصورة الرسمية للدولة التي تحكم علاقات المعلم والمربي والمتلقي بالمعاني السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي تبدو خاضعة لشرخ متعدد الأبعاد: شرخ بين الكلام او رمز السلطات، شرخ بين الجمهور ووقع الكلام لديه، وأساسا، بينه وبين الكلام كونه يجهله تماما، ولا قيمة تطبيقية له، وما ينتج عنه من دفق إعلامي بمختلف اللهجات يحوله عن طبيعته، يضاف الى ذلك شرخ بين تعددية النصوص التي تطلقها الأفواه، وتفسيراتها التي تبلغ حدود التناقض والتنازع في اغلب الأحيان، والنصوص هنا ما يكتبه الإعلامي وما يقوله ويقدمه كتحليل او تأويل تجاه أية قضية، كما ان الإعلام ليس خدمة سياسية أو دينية وليس تجارة زهور أو إلقاء محاضرات في الجامعات، وليس مكملا لدليل التلفزيون أو لمباراة كرة القدم، رغم انه فيها شيئا من كل ما تقدم، ولكل مجال من مجالات الحياة سماته وقواعده الخاصة، وأخلاقياته، فالسياسي يجب أن لا يتظاهر بأنه رجل دين، ولا يجوز للصحفي أن يتظاهر بأنه رجل سياسة، وعلى رجل الأعمال السعي لتحقيق أرباح لائقة، وعلى الصحفي التمسك بالموضوعية والصدق من خلال الحديث والكتابة ومفاصل التحرير الصحفي المعروفة، وان يتمسك بآزار الإعلام ويرفض ارتداء آزار غيره لو رغب ان يبقى بصفته كإعلامي لا بصفات أخرى، يلبسها بلبوس رجل الإعلام، كما ان التنازل عن المهنية لخلق مجاملات، بخاصة عندما يتعلق الأمر بظروف العمل والأجرة والمكانة وغيرها، يقضي على الرسالة النبيلة للإعلامي، والمكانة ليس بالمعنى المعهود للمكانة الصحافية، بل بمعنى النجومية التي بات يتيحها الإعلام المرئي للصحافيين، بحيث يصبح المقدم اكثر أهمية من الصحفي العامل وراء الكواليس، وربما حتى أهم من الموضوع الذي يتعامل معه، وقد يصبح الإعلامي المقدم هو الموضوع وليس الموضوع ذاته، وتنتشر صورة المقدم الفرح بضيفه المعروف الذي منحه شرف ان يقابله الى درجة تنسيه ان يتابع معه إجابة كاذبة او غير دقيقة خشية إغضابه، وتنتشر أيضا صورة أخرى للمقدم الذي يود الانتقام من ضيف له بسبب من أجندة سياسية او شخصية فيتحين الفرصة لمضايقته، وصورة المقدم غير المؤهل صحفيا الذي لا يسمع الإجابة ويتابع الأسئلة، كما كتبت له، بدون الاهتمام بان الضيف أجاب عنها، ودون أن يناقش الضيف في إجابته، او يصطنع نقاشا لكي يبدو متمكنا، وطبعا لا يخلو الأمر من مقدمين هم صحفيون جديون ومهنيون أيضاً، وهو ما طورته وسائل الإعلام المرئية بعد سنوات من المصارعة مع مفهوم مقدم البرنامج ومقدم النشرة.
ان الفشل في تسويق خطاب إعلامي صلب ومتماسك يقف على أرضية صلبة قادرة على الإقناع فأن احد أدوات هذا الفشل هو الإعلامي نفسه، لأنه لا يملك مفردات لغوية ان يقنع متلق او سياسي بفكرته، كما ان إفساد اللغة الإعلامية المتعمد من قبل وسائل الإعلام له أثره البالغ على أجيالنا، وقد كان للإعلام قوة حمت اللغة الفصحى سلطة مطلقة، وكانت ترسخها السياسة والدين والأدب والثقافة والتعليم وتتفاعل معها، وعززت وسائل الإعلام اللغة إذ يسرتها، وكان إتقان اللغة مظهرا من مظاهر السياسة الوطنية الصحيحة، بينما الاستفاضة في استعمال اللغة العامية الصرفة بحسجتها ومفرداتها المحلية الخاصة جدا، كان السبب الأساس في انسحاب او انحدار اللغة الفصحى، التي أضعفت اللغة العربية مما أدى الى انحدار مستوى استعمال الفصحى، فوظيفة اللغة في الإعلام، هي تمثيل الرأي العام على مرآة تعكسه، واللغة المشتركة هي لغة الإعلام، وهي تعبير عن الوحدة الوطنية، لكن التلوث الذي أصاب الوحدة الوطنية أصاب حليها وهندامها وتاريخها وعلى لسان الإعلاميين مع الأسف.
ان الخلل الذي يجب ان تنتبه إليه المؤسسات الإعلامية حتى تحفظ ماء وجهها الذي يندلق من بين شفاه إعلاميين لا يفقهون إلف باء اللغة ان تزجهم في دورات متخصصة بالأداء الإعلامي في كل جوانبه اللغوية والتحريرية والتقنية، وتعلم مهارات الإعلامي الناجح، فضلا عن تشجيعهم على الإقبال على القراءة وانتقاء الكتب، حتى لو اضطرت ان تؤسس مكتبة بسيطة تلم مفردات العمل الإعلامي برمته بمبلغ إعلان واحد فقط، مقابل ان تصنع عقول إعلامية مهيأة لكل دور (إعلامي ومحاورا لبقاً، ومحلل ومتحدث ضيفا ومستضيفا) وان لا تقع بما وقعت فيه وزارة التربية وحل ثقلا قصم ظهر التعليم العالي، إذ ان مخرجاتها من الضعف في اللغة العربية لفظا وكتابة وتحدثا مما له أثره المفجع في نفوسنا ومعاناتنا كتدريسيين لطلبة المراحل الأولية في الجامعات الإنسانية، مع جيل أمي بلغته العربية، واعتقد ان الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قوضت كل فرصة للقراءة او الرغبة فيها، بالرغم من ان اللغة ليست مجرد ثوب يرتديه المعنى الفكري دون ان يؤثر فيه تاثيرا جوهريا، وإنما هناك تأثير متبادل بين اللغة والفكر، فكان للغة اخطر الأثر في تطور الفكر، لأنها تحيله من فكر عياني الى فكر مجرد وهو المرتبة العليا للتفكير الإنساني وليست إذن مجرد مرآة تعكس الفكر فحسب، ويفترض ان الإعلاميين غربلوا اللغة وانتقوا منها ألفاظا رائقة استعملوها بعناية فائقة، لان على الإعلامي ان يهندم لسانه كما يهندم طيلسانه وإيراد المعنى الحسن في اللفظ الحسن، مثلما هندم شهرته وتباهيه وتفاخره بنجومية فارغة، اختصرها ببدلة أنيقة وربطة عنق من ماركة عالمية، والاحتفاظ بأرقام هواتف سياسيين لم يتمكنوا طيلة عشر سنوات من تركيب جملة مفيدة تستقر بحدقة عين طفل يبصر المستقبل من خلالهم، وهنا فان الجميع مسؤول مسؤولية أخلاقية تجاه لغتنا العربية وليس المؤسسات الإعلامية فقط، وخاصة مؤسسات الدولة التطويرية والجامعات وخاصة أقسام اللغة العربية في كلياتها ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية المختلفة معنية بالحفاظ على اللغة العربية وحمايتها من الألفاظ الدخيلة وغير اللائقة، والعامية الرخيصة،حتى لو اضطروا للدعوة الى سن قانون يحمي اللغة العربية من براثن أعداءها وهم كثر.
يقول حمدي قنديل في معرض نقاش إعلامي: انا لا أتصور ان هناك من يستحق ان يلقب بصحافي او إعلامي ولا يسعى الى الإصلاح ولا يسعى الى التغيير، ولا يسعى الى ترسيخ قيم مجتمعية متطورة، ولا أتصور ان هناك من يستحق لقب صحافي او إعلامي إلا إذا كان يستهدف محاربة الفساد، ولا أتصور ان هناك من يستحق لقب صحافي او إعلامي إلا إذا كان يساند أولئك الذين يحاربون الفساد، والمهم نربي ونعلم وندرب صحافيين محترمين يحترمون أنفسهم ويحترمون المهنة ويحترمون القيم التي تجمع عليها الأمة، وبناء الصحافي الذي يستطيع ان يقول كلمة حق عند سلطان جائر.