العلم نور والجهل والظلام، فبالعلم تنهض وتتقدم الأمم، وتنظر بعين البصيرة الى العالم من حولها، وتصنع لها حياة أكمل، ومستقبل أرقى، فمن ينظر الى تاريخ الأمم وحاضرها، يجد أن حياتها وتطورها وتحضرها وعلو كعبها وحضورها ووجودها يرتبط ارتباطا وثيقا بالعلم، كما ان تخلفها وانحطاطها وهوانها يرتبط بالجهل، ويكفي العلم منزلة وشرفا انه أول أمر إلهي صدح به القرآن الكريم، قال تعالى”ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ”، فالرسالة لم تبدأ بالدعوة الى الطقوس الدينية من صوم وصلاة وحج وغيرها، ولا ببيان اركان الإسلام، ولا الحديث عن النظام الاقتصادي ولا عن غيرها من القضيايا التي جاءت بها، وانما بدأت بالعلم والتعلم باعتباره المفتاح لكل تلك القيم والمباديء والقوانين والاحكام…
ولذلك يحرص أهل الشر وقوى الظلام وأئمة الضلال، على تغييب وطمس الروح العلمية لدى افراد المجتمع، واغلاق منافذ العلم بكل انواعه، وخصوصا فيما يتعلق بعقيدة الإنسان ومنظومته الأخلاقية، فالإبقاء على المجتمعات في مستنقع الجهل، هدف لا يفارق تفكير قوى الشر والظلام، من أجل السيطرة عليها وجعلها كالعبيد تسوقها حيثما تريد…
ولعل من ابرز أسباب ما تعانيه مجتمعاتنا اليوم من مآسي وويلات، وتحكم الفساد والأشرار، وانهيار في منظومة الفكر والقيم والأخلاق، وسيطرة الأفكار الضالة المنحرفة التكفيرية والتي أدت الى سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، وسلب الأموال، وتكميم الأفواه، وخنق الحريات، وغيرها من الجرائم والموبقات، هو بسبب تغييب العلم والتعلم والفكر والتفكر والفقه والتفقه، وابعاد الناس واشغالهم عنه، واذا ما اردنا النهوض بالمجتمع، والنجاة من الواقع المأساوي الذي يعيشه، لابد من احياء الحركة العلمية بكل مجالاتها، واعداد مجتمع متعلم واعي متحضر، قادر على التمييز بين الحق والباطل، والصحيح والسقيم، والصالح والفاسد، حتى لا ينجر وراء قوى الجهل والظلام والإستبداد ولا ينطلي عليه مكرها وخداعها ودجلها، وهذه هي مسؤولية العلماء بالدرجة الرئيسة، والنخب الواعية المثقفة التي تؤمن بالقيم والمبادىء الإنسانية، ولهذا تصدى المرجع الصرخي لأعطاء الدروس والمحاضرات التي عدَّها المتابعون من ذوي الأختصاصات انها تشكل طفرة نوعية في مجال البحث والتحليل والتشخيص والطرح ووضع الحلول، فكان الهدف منها توعية االناس من أجل انقاذهم من جبهة المارقة الدواعش القتلة الإرهابيين والنهوض بها نحو الكمال والرقي، يقول المحقق الصرخي:
((ونحن لم نتصدَ للدرس هنا إلا لأهداف ومن الأهداف نريد أن يتفقه الناس يتفقه الأبناء، يتفقه الأعزاء نريد أن نسيطر على مهزلة السب والفحش والكلام الرخيص والسفاهة والجهل والانحطاط الأخلاقي، نريد أن يمتلك الإنسان، يمتلك الأبناء الأعزاء من السنة ومن الشيعة، نريد أن يمتلكوا الدليل والحجة والبرهان والبيان والأخلاق، وكلما كثر عدد المهتدين ازداد وتضاعف احتمال المغرر بهم في جبهة التكفير المجسمة المشبهة، جبهة المارقة الدواعش القتلة الإرهابيين، نريد أن نقلل من المغرر بهم، فنحتاج إلى العلم والتفقه والتحلي بالاخلاق الإلهية الرسالية حتى يكون لنا وفينا التأثير على الآخرين)).