13 أبريل، 2024 9:48 م
Search
Close this search box.

الإعتدال سِمة الوطنيون

Facebook
Twitter
LinkedIn

الإعتدال صفة يشار بها لمن تكون مواقفه وسطية بعيدة عن التطرف، يتوقع منها الأستقامة والتوازن بين حالين معتمدة بذلك على المفهوم العقلائي ذي النوايا السليمة.. واما مفهوم الوطنية؛ فهو حُب الوطن والإنتماء اليه والإخلاص له.
ليس من الإنصاف إيكال التُهم جُزافاً لطرفٍ ما دون وجود دليل مادي يدينه، ولا من المنطق إلصاق صِفة الإجرام بشخصٍ ما إذا لم تثبت إدانته بالجُرم المشهود او بالأدلة الجنائية التي تثبت ارتكابه لها.
دأب المتصيدون في الماء العكر أصحاب الاجندات، لأعداد التُهم لخصومهم لأزاحتهم عن المشهد.
في عهد حُكم البعث للعراق، كُل من أعطى رأيا ولو تلميحا يخالف توجهات فكر البعث، فالتهمة مُعدة له سلفاً بأنه موالي لدولة ما، وعقوبته الإعدام او الضياع في غياهب السجون المظلمة، ولم يقتصر الآمر على ذوي التوجه الإسلامي، بل طال غير الإسلاميين والذين لا يدينون بدين الإسلام!
منذ القِدم شُنت الحملات ضد الشيعة والتشيع، من قِبل حكام الجور وحاشيتهم، بانهم غير موالين لبلدانهم وإن ميولهم للخارج، ودائماً ما يضربون المثل بإبن العلقمي في العهد العباسي، وانه من مكن المغول في إحتلال بغداد، في كذبة مفضوحة نسبها اعداء الشيعة ليلصقونها بهم.. ولازالت نفس النظرية الوهمية في القرن الحادي والعشرين يتم التسويق لها، بأن شيعة العراق ولائهم ليس لوطنهم، بينما العكس من ذلك هو الصحيح وعليه شواهد كثيرة.
إذا اردنا الخوض في حديث الحفاظ على الوحدة الوطنية، فهم السباقون دائماً في الحفاظ عليها والمتمسكين بها.. ولا نريد التكلم هنا بلغة الطائفية، فلسنا من دُعاتها، ولكن العراق بطبيعته متكون من طوائف متعددة وهذه ميزة للعراق.. واضاف هذا التنوع ألقا للعراق.. والحديث عن طائفة ما لا يعني الغاء الآخر، إنما لبيان دورهم في قوة العراق ووحدته، وبيان فضائل هذه الطائفة وتلك.
الشيعة في العراق قبل وبعد احداث عام 2003 قدموا كثيرا من التضحيات والتنازلات، في سبيل وحدة الصف، ولم يستخدموا العناوين الثانوية على حِساب الوطن، وإذا ما اردنا التكلم بلغة الارقام المعمول بها في العالم أجمع سيما في عالم السياسة، فهم النسبة الأعلى من حيث السكان، وايضاً في التضحيات.. ولم ينفردوا في الحكم ويهمشوا باقي المكونات، بل كانوا حريصون أشد الحرص لأشراك الجميع في القرار السياسي، لهذا قدموا الوطن على باقي الإنتماءات سواء كانت قومية او مذهبية، رغم اعتزازهم بمذهبهم وإنتسابهم لآل مُحَمَّد “صوات الله عليهم أجميعن”، رغم احقيتهم في الحكُم في العراق، منطلقين من باب حُب الوطن من الإيمان..
كانوا الأخ الأكبر الذي يحافظ على وحدة البيت من التمزق، رغم المنغصات التي تلقوها من بعض الفرقاء، والغريب في الآمر أن دُعاة الإعتدال من ساسة الشيعة الذين يدعون بتغليب السِمة الوطنية على المكاسب الثانوية تشن ضدهم الحملات التسقيطية!
اما بالنسبة لموقف علماء الشيعة، فهو واضح على مر العصور، لا نذهب بعيداً، عندما كان العراق تحت الإحتلال العثماني وقدم البريطانيون لأحتلال العراق، افتى علماء الشيعة بوجوب قِتال الانكليز رغم مرارة حكم العثامنيين للعراق.
صوت علماء الشيعة على مدار الزمن لم ينادي يوما بإسمهم فقط، إنما كانت تصدح بالإنسانية والتعايش السلمي، وبحب الوطن والولاء له وبالدفاع عنه.. شواهد العصر كثيرة لكن منها ما حصل، عندما اقدم اعداء العراق بارتكابهم جريمة نكراء بتفجير مرقد للإمامين العسكرين “عليهما وألهما السلام” التي يفتديها الشيعة بارواحهم لارتباطهم الروحي والعقائدي بها، ولعظم المصاب لم يفتي علماء الشيعة بالرد على مرتكب الجريمة رغم بشاعتها، التي اشتركت، فيها اطراف من داخل العراق وخارجه.
اما الحادثة الأخرى فهي مجزرة سبايكر التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي وبمساعدة اطراف داخلية، لم يفتي بمقاتلة تلك الاطراف.. لكن تم الإفتاء عندما صار الخطر يداهم العراق والاراضي تستباح من قِبل داعش وأذنابه، حينها افتى مرجع الشيعة الإمام السيستاني “دام ظله” فتوى الدفاع عن العراق ولم يقل عن الشيعة، فعلى ماذا يدل هذا؟
إن سيرة علماء الشيعة سمتها الإعتدال والوطنية مستمدين ذلك من سيرة الأئمة الأطهار، مقتدين بمنهجهم المعتدل، والذي سار بذلك اتباعهم، فترجموه عملياً على أرض الواقع ومن مبدأ إمام المتقين علي إبن إبي طالب {الناس صنفان أما اخٌ لك في الدين او نظير لك في الإنسانية} ، فالشيعة مؤمنون بمبدأ التعايش السلمي لجميع الأطياف دون تغييب الآخر.. وهذا ما أثبتوه بمواقفهم المتكررة، ودمائهم التي إسترخصوها لأجل الوطن والمواطنة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب