أن ما آلت اليه الأوضاع في العراق ما هي الا نتائج حتمية ملازمة لأسبابها ومقترنة بالأخطاء التي ارتكبت على النحو الجمعي ( رجال دين وساسة وشويخ عشائر ومواطنين ) فلا يمكن غض الطرف عنها لان هذ يعد هو الآخر خطأ آخر ربما يكون أخطر من جميع الأخطاء الماضية , فثقافة الشعوب والأمم اتخذت من مفهوم التجربة والاخطاء منهجا لتقويم المسار والاستفادة من هذه الأخطاء وعدم تكرارها وتشخيص الأسباب بشجاعة وقوة قلب وصدق مشاعر وفق ضوابط ومعايير وطنية عليا فوق المعايير الشخصية والفئوية , فالأسباب التي أدت بالوضع العراقي اليوم كثيرة ومتعددة ولا نتحرج من ذكرها وان تجاوزت الخطوط الحمراء لأن العراق وشعبه وأمنه واقتصاده وحضارته وتاريخه فوق كل الخطوط والعناوين والمسميات مهما كانت وخصوصا اذ ما كانت سببا في مآسيه ومعاناته !
من هذه الأسباب المكر والغدر الأميركي ومشروعها القذر في الشرق الأوسط وفي العراق خصوصا
وأدوات اميركا الساسة الفاسدين الذين لم يكونوا يحلموا سوى بمعونات تسد رمقهم في الحياة عندما كانوا في بلاد الغرب والشرق ! ومن الأسباب المهمة الدور الإيراني ومشروعه في المنطقة وتحالفها مع اميركا وتقديمها المساعدات والتسهيلات لاحتلال العراق وتجهيزها لأدوات سياسية عراقية أخرى كانت قد عدّتها ثقافياً وعقائدياً واستطاعت ان تسلخ من ارواحهم وضمائرهم قيم الوطنية والأخلاق ! ومن الأسباب الأخرى المؤسسة الدينية وبالتحديد مرجعية النجف (المراجع الأربعة السيستاني والفياض والباكستاني والحكيم) التي من خلالها تم تعبئة الشارع العراقي لتمرير وامضاء المخطط الذي اشترك به الجميع وعد في لندن وأميركا من (دستور وانتخابات ) الدستور الذي اعد بطريقة تتماشى مع الاحداث المفتعلة وصولاً لتنفيذ فقراته الأخطر في التقسيم اما الانتخابات بقوائمها المظلمة المغلقة وما افرزته من محاصصة التي كانت بمثابة الرصاصة في قلب المواطنة والوطنية , ومن الأسباب الأخرى رجال الدين من الخط الثاني الذين حشروا انفسهم في السياسة وغرقوا في بحرها عندما تم التغرير بهم لكسب قواعدهم وتمطيتها لتحقيق المكاسب السياسية من أمثال رجل الدين مقتدى الصدر وعمار الحكيم , فالفساد والافساد والدمار الذي حل في البلاد كل هؤلاء شركاء به واسبابه
وعليه فان البحث عن الإصلاح والخلاص ضمن دائرة هؤلاء محكوم عليه بالفشل وإذ ما تصدوا هم انفسهم للمطالبة بالإصلاح والتغيير دون ان يعترفوا بأخطائهم ويمتلكوا الشجاعة الكافية للتنحي والاعزال السياسي والاستعداد للمحاسبة والاعتذار للشعب العراقي يكون الاتجاه اذن الى الضياع من جديد وهذا الذي يحدث الآن للأسف وسط التطبيل والتصفيق !
مع ملاحظة أن مثل هؤلاء أُعطوا قيمة إعلامية اكثر من حجمهم السياسي والمعرفي والعلمي مثلما اعطي للمؤسسة الدينية الهالة والتقديس ونظمت بشأنها ولها مسرحيات عاطفية تراجيدية مؤثرة لجذب العامة ومن ثم ضمان طاعتها لتمرير المشاريع الهدامة التي نعاني ويلاتها الآن , في حين وبنسق متزامن تم التشويه والتعتيم لمن خالفهم بالنهج والموقف ولمن حذر من المستقبل المأساوي المظلم !
وهنا نخاطب أنفسنا وشعبنا المظلوم اذ ما أراد الصلاح والاصح والخلاص عليه ان يسمي الأسماء بمسمياتها ولا يجامل على حساب نفسه ومصير عياله ووطنه مقابل اشخاص ورموز تبين من التجربة والواقع أنها فاشلة جاهلة متخبطة متقلبة مرتبطة بالشرق والغرب تتنعم بالجاه والاعلام والأموال بينما العوام يموتون كل يوم ! وإلا فما معنى أن السيستاني مثلا الذي كانت له اليد الطولى بتسليط هؤلاء الفاسدين على رقاب الشعب وتمرير انتخابهم والتصويت على دستورهم ثم يتنحى بعيداً يراقب الشعب كيف يكتوي بنارهم , وما معنى أن ننتظر عودته وتدخله أو نطالبه بذلك وهو يرى العراق في أخطر وضع وموقف وانهيار شبه تام للدولة ومؤسساتها والمليشيات تهدد بقوة السلاح كل من يرفع شعار الوطن والوطنية ! وما معنى ان ننتظر صلاحاً من فاسد ومتورط بدماء العراقيين كمقتدى الصدر أو من عمار الحكيم المجند الإيراني , وما معنى تأييد الحشد الذي يهدد به ولايتي الإيراني جميع العراقيين بالقتل والقمع اذ ما طالبوا بحقوقهم وحاولوا تغيير الفاسدين ! وما معنى القبول بحكومة تكنوقراط محكومة بنفس الفاسدين ومهددة تحت سلاح وبطش المليشيات ! ما معنى أن نبقى كالببغوات نردد ما يقوله أعداء العراق والشعب العملاء عندما يتهمون صاحب كل مشروع وطني بالبعثية والسنية والداعشية !