يقول علماء النفس إن من ابرز أعراض المصابين بمرض “حب الظهور” أو “الاستعراضية” ، هو انتحال جهود الآخرين وتقمص أفكارهم ومواقفهم وافتعال المواقف والمبالغة في وصفها بالرغم من إنها ليست لها قيمة تذكر أو أنها من إيحاءات النفس الجامحة في حب البروز، أو تكون مصادَرَة، هذه الداء أصبح ظاهرة متفشية في المشهد العراقي، فبين الحين والآخر يَطُلُّ على المجتمع فاتح جديد يسرد عليه فتوحاته وانجازاته الصورية !!!، ومصلح لا يعرف أبجديات الإصلاح وآلياته، وهلمَّ جرا من العناوين والألقاب الرنانة التي سرعان ما تتبخر عندما توضع في مختبر التقييم والتحليل الموضوعي، وينكشف زيفها أمام مختبر التجربة والواقع الملموس، وتُفتضَح تحت مجهر الحقيقة الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وأظهرها ولو بعد حين، فيثبت أن تلك الألقاب عديمة اللون والطعم والرائحة، وهي مجرد سراب في صحراء قاحلة ، صَوَّرها أصحابُها من وحي النزعة النفعية الإنتهازية والتمركز حول الذات والأنانية والاستغراق في الخيال، التي تسيطر عليهم، ليركبوا أمواج الأحداث والمتغيرات العارمة في بحر العراق المتلاطم المتأزم، محاولات مقتدى الصدر لتقمص أفكار ومواقف وحلول المرجع العراقي الصرخي لاسيما “مشروع خلاص” لم تُجْدِه نفعا، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن لا يمتلك القدرة الذهنية والكفاءة العلمية والقراءة الموضوعية والمواقف المبدئية لن يستطيع أن يترجم ما تقمصه من أفكار وحلول إلى واقع حقيقي، ولأن الهدف ليس هو تحقيق ما تم تقمصه، وإنما هو لتحقيق مكاسب شخصية وأجندات خارجية لأقطاب ومحاور الدول اللاعبة والمؤثرة في المشهد العراقي كالقطب الأميركي والإيراني والقطب الجديد السعودي الذي يريد أن يكون له دور مؤثر في الساحة العراقية من خلال بوابة مقتدى الصدر، ولعل ما حدث مؤخرا لهو دليل أخر يضاف إلى حزمة الأدلة التي تثبت أن ما يقوم به مقتدى إنما هو مسرحية وتنفيذا لأجندات خارجية، وأيضا يعد استمرار لمسلسل الفشل الذريع الذي يلازم مواقف هذه الشخصية الانتهازية المتلونة والمتقمصة لمواقف المرجع الصرخي، ما جري ويجري في الساحة العراقية هو مجرد سيناريو للصراع والتنافس وتبادل الأدوار وهو ما كشف عنه المرجع الصرخي في سياق جواب له على استفتاء تحت عنوان: “اعتصام وإصلاح….تغرير وتخدير وتبادل أدوار” حيث كان مما جاء فيه ما نصه:((ـ وعليه ينكشف أن الإصلاح ليس بإصلاح بل لعبة للضغط والكسب أو للتغرير والتخدير وتبادل الأدوار قد أذنت به اميركا وإيران !!ـ وهل تلاحظون أن الجميع صار يتحدث ويدعو للإصلاح وكأنهم في دعاية وتنافس انتخابي !! و موت يا شعب العراق إلى أن يجيئك الإصلاح!!! )).الإصلاح بحاجة إلى رجال يفهمون معنى الإصلاح ويدركون مقدماته ومسبباته ولوازمه ويمتلكون الإرادة الجادة الحرة الوطنية المجردة من أي نوازع ودوافع انتهازية وتبعية شرقية كانت أم غربية ويترجمون ذلك كله إلى مواقف عملية ثابتة وراسخة تكشف عنها وتثبتها السيرة العملية والتأريخ المشرف، فليس من الإصلاح المهادنة والتبعية والتنصل والتلون والانسحاب والتراجع والهروب…