19 ديسمبر، 2024 3:58 ص

الإصلاحات…. طرق مسدودة بوجه الحكومة

الإصلاحات…. طرق مسدودة بوجه الحكومة

لكي تؤدي الإصلاحات دورها .. وتأخذ فعاليتها في تغير النظام وإصلاح حال المجتمع , على تلك الحناجر الثورية الصارخة أن تفهم أولا إن مطالبيها عالقة كما الفأس بالرأس لأنها تنتهي عند  نقطتين رئيسيتين :

إن نظام السلطة في العراق هو مزيج حزبي معقد غير متجانس … منذ سقوط نظام صدام عام 2003 إلى يومنا هذا ونظام الدولة حزبي محاصص.. ونحن من صفقنا لهم وصوتنا إليهم, ونشطنا دورهم وأوصلناهم إلى قبة السلطة. وسلمناهم أموالنا وأرواحنا وأعراضنا ووقعنا على ورق بياض … منذ أن تشكلوا في مجلس الحكم , ونحن نعلم علم اليقين إنهم كانوا موجودين في الخارج ومجنسين مندسين يعملون لدى الدول المعادية للعراق حيث تم استدعائهم من قبل قوات الاحتلال الأمريكي والبعض جاء على ظهر الدبابة أو الطائرة الأمريكية , ليتنافسون فيما بينهم ومن دون قانون تشريعي ينظم عملهم  من أجل الحصول على السلطة فقط …

إذ من المعيب حقا أن نطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد من دون مطالبة جماعية للتغير شامل بإسقاط هذا النظام , فالتغير كي يؤدي دوره الفعلي يجب أن يكون شاملا …  لان سقوط مستبد وبقاء منظومة الاستبداد يعني ببساطة إن مستبد آخر يشغل الفراغ  وسقوط فساد وبقاء منظومة الفساد يعني هو الآخر إدارة جديدة للفساد لا مكافحته…

ومن المخزي أن نخول من يقوم بإجراء عملية الإصلاح شخص هو أبن حزب الدعوة و ذو جنسية مزوجة عراقية وأخرى بريطانية نائب سابق ومشارك في العملية السياسية الحزبية منذ البداية , والأفدح من ذلك فإنه  ترأس الحكومة الحالية بموجب صفقة علنية باتفاق وتوافق من قبل جميع الكيانات والأحزاب المتناحرة على السلطة بحيث قضي الأمر أن يترأس كابينة وزارية  قد فاح عطر فسادها منذ سنين بوزراء الرؤوس الحزبية غير الكفوءة ذات التاريخ الأسود المعروف بالفساد …

أو محاولة التمسك وإقحام المرجعيات والرموز الدينية مرة أخرى في عملية الإصلاح فتلك أيضا مزيد من الغرق بدوامة الهلاك مرة أخرى, لان تلك الرموز وبالأمس القريب كانوا من أشد الداعمين والمناصرين لمعظم تلك الأحزاب الحاكمة وساندوهم حتى كبروا وخرجوا عن طوع وتوجهات المرجعية ومبادئ الإسلام وطغوا بالفساد ..

 فالعقل الجمعي للمجتمع العراقي معبأ برموز ديكتاتورية أو دينية  ومن ثم أصبح يؤثر على القناعات والقرارات والذات الخارجية . لا سيما والديمقراطية عندما تمارس في مثل تلك الظروف فأنها تؤثر على التيارات الإسلامية  والسياسية بحيث تشتتها إلى ألوان وأطياف مختلفة مما يعكس فاعلية مؤثرة على الرأي العام الوطني مما يتيح فرصة ذهبية للإرادات الخارجية الطامعة لتنفيذ مخططاتها الشريرة من خلال استغلال تلك العقول الجمعية المشتتة  وتوجيهها  نحو أهدافهم .

أخيرا  لقد أدرك جميع  الشعب حتى القوى الحزبية والتيارات الأخرى.. بعد أن انكشفت الأزمة السياسية في العراق وظهر عدم قدرة الانتخابات وإعلان الدستور على تحقيق الاستقرار السياسي ولو نسبياً في العراق، وقد تكشفت  النتائج الخطيرة للتحالفات التي قامت على أساس طائفي وعرقي ودورها في تعميق الانقسام الاجتماعي. ولم يسجل  لها أي نجاح بسبب الصراعات الداخلية على المناصب وتوزيعها، وهي جميعها تحالفات تكتيكية وليست إستراتيجية لا تحمل رؤى وطموح جاد لبناء وخدمة العراق .. فهي متغيرة  باستمرار الأمر الذي أصبح معه حلفاء اليوم أعداء الأمس وبالعكس، مما أثقل كاهل المواطن وأنجبت له  حكومة عمياء لا تنظر إلا لمصالحها الحزبية والإقليمية وصماء لا تسمع أنين المواطن, بحيث تركت له أطنان من الفساد تسبب بالانهيار الأمني والاقتصادي…

مشكلة الملف الأمني التي بدأت من قرار بريمر السيئ الصيت بإحلال الجيش العراقي وتكوين جيش مشتت الو لاءات غير منضبط بحيث قسم على اختلاف مصدر تسليحه بين من هو مصدر سلاحه إيراني ومن هو مصدر سلاحه أمريكي وإسرائيلي ..  بدأ من الأحزاب المعارضة التي دمجت أجندتها  , إعادة  بعض الضباط والقادة العسكريين البعثيين ,وانضمام فئة أخرى بعد  تكوين القاعدة من المناطق الغربية , وهكذا صنف الجيش على أساس الولاء المنحدر منه لا على أساس الرابط الوطني المقدس المنتمي إليه والمعني بحماية سور الوطن …

وهكذا صنف الجيش العراقي: إيرانيين ميليشياوين , بعثيين صداميين ,وقاعديين داعشيين, لتوفير إمكانية إيجار بندقيته وشراء ذمته أو التشكيك بولائه الوطني ومنعه من أداء واجباته…

  ثانيا ملف أعمار العراق والذي يعتبر من أكثر الملفات  فسادا في العالم إذ ما زالت البلاد تعاني من تدهور في البني التحتية بالرغم من صرف مليارات الدولارات عليها منذ العام 2003 وهذا ما يؤكده الاقتصاديون وتكشفه الوثائق وتولت الشركات التابعة لأحزاب الحاكمة مسؤولية ملف أعمار العراق فكانت النتيجة إن أصدرت هيئة النزاهة   أوامر إلقاء القبض بحق 22 وزيرا و335 مديرا عاما جميعهم ينتمون للأحزاب السياسية الحالية التي تحكم البلاد بتهم فساد مالي وتمرير صفقات لشركات محلية وأجنبية لكن استطاعت الكتل السياسية تعطيل أوامر إلقاء القبض بحق مسئوليها , إن عدد مشاريع العراق بلغت أكثر من 10 آلا لاف مشروع بقيمة تجاوزت ل300 مليار دولار لكن نسبة إنجاز المشاريع لا تتجاوز ال5% وهي نسبة واضحة تدل على حجم الفساد في الدولة العراقية مشيرا إلى أن نحو 9500مشروع لم ينفذ  بالرغم من صرف الدولة الأموال لإنجازها وإن هناك العديد من المشاريع قد رست محترمة لهم وهناك بعض الشركات قد جاءت ساعية لبناء البلد لكن تعرض أصحابها للتهديدات حال الشروع بالعمل مما أدى إلى انسحابهم..

 وهؤلاء السياسيين بعد سيطرتهم على مشاريع البلد قاموا بتأسيس  فضائيات وإعطاء مبالغ طائلة لفضائيات عراقية وعربية من أجل دعمهم وتظليل الحقائق…

ومن أبواب الفساد التي تسببت بموت المشاريع الاستثمارية والعمرانية للدولة كشف تخميني عالي وسوء تخطيط وكلف عالية وإحالة المشاريع إلى شركات غير مسجلة حكوميا ودون الرقابة القانونية وتشغيل أيادي عاملة وسخة دون اعتماد شرط الكفاءة والنزاهة معتمدين على معيار المحصاصات الحزبية ..
وهكذا ساءت الظروف وتكالبت الأزمات الاقتصادية للعراق مؤخرا بسبب الأموال الطائلة التي تستهلك رواتب للمسؤولين وملحقاتهم.. مما سببت عجزا مهلكا في ميزانية الدولة .. كما إن خروج مساحة من أرض العراق من سيطرة الدولة وهبوط أسعار النفط وسرقة وتهريب النفط الشمالي وقتل القطاعات الصناعية والزراعية… كلها تعتبر أسبابا أساسية في هدر أموال الدولة … (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )..

أحدث المقالات

أحدث المقالات