الإصلاح شأن كبير وضروري في مسار أي عمل سياسي لبناء دولة حرة تقوم على اساس التناغم بين اطياف المجتمع كافة ، ذلك لأن الإصلاح يتعلق بواقع الدول والمجتمعات ومستقبلها ، والإصلاح يأخذ أشكال متعددة ومختلفة الوجوه من بينها التغيير والتجديد والتحديث والتطوير ، وربما التصحيح .
الواقع السياسي في العراق منذ ٢٠٠٣ ولحد الأن عندما نتأمل فيه نجد أن المغلقات والقطوعات التي بدأت تحكم كل المسارات في العملية السياسية ، وبعد مراجعة شاملة لمسيرة ما يزيد على عقد من الزمن يصبح الإصلاح ضرورة ملحة أو لازمة ، لأننا قد نكون أمام مستوى أعلى من الإصلاح قد يصل إلى التصحيح ، بالمحصلة النهائية لا يمكن تصور مستقبل العراق السياسي دون الولوج إلى أي شكل من أشكال الإصلاح لاسيما وأننا لم نلمس إلى الآن أي جديد أو رغبة في الدخول إلى أي ميدان من ميادين الإصلاح ، ومانراه الان او نسمع عنه من محاربة الفساد وهو الوجه الثاني للإصلاح ماهو الا زوبعة في فنجان ، أو كلمة حق يراد بها باطل ليس الإ .
من المفترض أن يكون الإصلاح شاملاً لكل مفصل من مفاصل الدولة وقطاعاتها ومكوناتها ، لكن عملية الإحاطة والإلمام بذلك ليس بالأمر اليسر والهّين في ضل هذه الظروف التي تحيط بالبلد والعملية السياسية ، لذا يجب أن ينطلق الإصلاح من الكتل ذاتها أولاً وذلك بإعادة النظر في هيكلياتها وبرامجها وسلوكها وسياساتها .
إن الكتل الأبرز التي يجب أن ينالها الإصلاح أولاً هي الكتل الشيعية بكل مفاصلها وتفرعاتها لأنها تمثل الرأس فإذا صلحت صلح معها العراق بأكمله او بنسبة كبيرة منه ، ثم يتم التوجه إلى إصلاح المؤسسات وإعادة النظر في كل ما يتعلق بها وبهيكلياتها ، ويستتبع ذلك التوجه إلى عملية الإصلاح السياسي الشامل والجاد .
إن الإصلاح يجب أن يكون قائما على أصولٍ ثلاث ، هي الاستقطاب و التموطن و المكاشفة ، وهنا يبقى التساؤل المنطقي القائم وهو ؛ كيف السبيل إلى الإصلاح .؟
تتحدد أمامنا خيارات متعددة وهي مطروحة دائماً على طاولة السبل المتاحة وهي : الثورة الشعبية ، أو الانقلاب العسكري ، أو انقلاب عسكري بمباركة شعبية ، أو تدخل خارجي وهذا مستبعد جداً أو مرفوض لان هذا التدخل سيكون وفق مصالح ومطامع ، بعيداً عن تطلعات الشعب ، أو الإصلاح من داخل المؤسسة قد يكون جذريا أو هادفا من خلال التأمل لطبيعة ومجريات الأحداث في العراق ، حيث يصبح الحديث عن الوسائل السابقة بأستثناء الإصلاح من داخل المؤسسة حديث لا يحمل السرور ولا يبعث على الاطمئنان ولا تحمد عقباه لكن بالإمكان أن تتحرك كل الوسائل بأتجاه الضغط والتحفيز والتقويم والتهديد لدفع المؤسسات لإصلاح ذاتها وتنشيط آدائها وتصحيح مساراتها وأخطائها وتقويم عملها مما يعود بفائدة عظيمة وكبيره تصب في مصلحة البلد بصوره عامة ، وهنا برزت محاولات عديدة لكنها لا زالت تتعرض للإجهاض والتشويه أو الضغط والمناورة ، وهذا مشاهدناه خلال الاشهر المنصرمة .المشكلة الأزلية هنا هو الاختلاف على طبيعة ومشكلة الإصلاح أي الاختلاف لازال على المبدأ ذاته في بلد أصبح الاختلاف والخلاف عنوان لكل قضية وهذا شيء طبيعي في ظل الاختلاف على اصل العملية السياسية التي ولدت في رحم خارجي على طريقة ( التقليح الصناعي ) إن صح التعبير .
إن اي اصلاح يأتي من الطبقات السياسية الحاكمة الأن سيكون بمثابة وهم ليس الإ ، وسيعاني من اعطاب واختلالات كثيرة تكرس حالة اليأس والإحباط السياسي عند الشعب ، لذا فإن خطط الاصلاح التي تطرح لابد ان تكون عبر المجتمع المنتج للسلطة وليس السلطة نفسها لان الشعب هو من ينتج السلطة وليس العكس ، واذا ما امسك المجتمع المبادرة فان الاصلاح من الممكن ان يكون داخل اطار بناء دولة مؤسسات حقيقية لان هنالك تصدع وانحلال وفساد في بنية الدولة والعملية السياسية بنحو واضح وصارخ ، اذ إن الكتل السياسية الان هي من ترسم معالم خارطة الاصلاح او الخارطة السياسية التي توافق قناعاتها و التي يختلط فيها فهم الاصلاح بين عقل المعارضة وعقل الحكم على نحو واضح .
لقد ان الاوان للكتل السياسية ان تتفهم ان الاصلاح على طريقها هو وخطأ فادح ، وماهو الإ وهم ومحاولة لاغتصاب السلطة من جديد والاستحواذ على القرار السياسي لأنها تناقش الاصلاح وفق المعطيات والعقد وتصفية الحسابات بشكل ممنهج وواضح .على الشعب أن يعي ان الوقت مازال قائماً وان الفرصة لم تمض بعد للإصلاح الشامل في بلدٍ أنهكه اللصوص والقتلة ورجال الدين المأجورين والذين جعلوا من هذا البلد ساحة قتال إقليمية لتصفية حسابات الدول المجاوره على ارضه وهم يتفرجون عليه يسقط يوماً بعد يوم ، لا سبيل على ذلك الا بثوره شعبية عارمة لاصلاح حال البلد لتطيح بتلك الرؤوس وتلك الأحزاب التي لم تعرف طوال سنوات حكمها الا السرقة والنهب والقتل .